التنمية المستدامة .. بين الخطاب الدينى القديم والجديد

أحمد التايب
أحمد التايب
بقلم أحمد التايب

قد يعتقد البعض أن التنمية المستدامة مصطلح أممى رسمت به هيئة الأمم المتحدة خارطة للتنمية البيئية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى العالم فحسب، لكن الدين الإسلامي منذ 1400 سنة دعا وحث على أهمية التنمية المستدامة في حياة الناس، لأنه ببساطة دين عالمى يلائم كل عصر، وصالح لكل وقت ولكل زمان بهدف تحقيق التقدم والازدهار الحضاري المنشود في شتى مجالات الحياة، وإن كانت الأمم المتحدة خصصت 17 عنصراً للتنمية المستدامة، فالإسلام قدم للبشرية منهجا يعمل على التنمية المستدامة ولكن بضوابط معينة حددتها الشريعة. 

نعم التنمية المستدامة في منظورها الأممى تقوم على 3 عناصر أساسية هي "الاقتصاد والمجتمع والبيئة"، وكلها عناصر مرتبطة ببعضها البعض ويقوم كل منها على الآخر ويكمله، وقد حفل القرآن الكريم والسنة النبوية بالعديد من النصوص التي تمثل الركائز الأساسية للتنمية المستدامة بهذا المنظور، بل كان أكثر شمولا، لذا، فإن التنمية المستدامة خطوة مهمة في تجديد الخطاب الديني.

بل أن الجميل أن النظرة الإسلامية الشاملة للتنمية المستدامة توجب ألا تتم هذه التنمية بمعزل عن الضوابط الدينية والأخلاقية، فهى تهتم بالجوانب المادية والحياتية جنباً إلى جنب مع النواحي الروحية والقيمية، فلا تقتصر التنمية المستدامة على الأنشطة المرتبطة بالحياة الدنيا وحدها، وإنما تمتد إلى الآخرة، بشكل يضمن تحقيق التوافق بين الحياتين، وقد نجحت الدول الغربية في تحقيق التنمية المادية إلى حد كبير، لكنها أهملت الشق الروحي والمعنوي فيها، فكـانت النتيجة ما نراه من تفكك الأسرة والانحلال الخلقي والاضطرابات النفسية في مجتمعاتها رغم تقدمها، فقد قال تعالى: "أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ".

لذا، يجب أن يواكب الخطاب الدينى مستجدات الحداثة وعلى رأس هذه المستجدات التقدم التكنولوجى والصناعى وإحداث عملية التنمية المستدامة لصنع مستقبل أفضل، لأن أهم مقوم في الإسلام لنجاح عملية التنمية المستدامة هو الإيمان والعمل معا، استناداً لقول الله عز وجل: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ"..، وقوله جلّ شأنه: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ".

غير أن المتتبع يجد اهتماما كبيرا للدين الإسلامى بتغيير سلوكيات الناس وتحويل الأيدي العاطلة إلى أيدٍ عاملة، وكذلك اهتمامه بالبعد بتعمير الأرض في مختلف المجالات واستغلال كل الإمكانات المادية بما يكفل الحياة الطيبة للإنسان.

نهاية.. التنمية المستدامة في المنهج الإسلامي يشمل تنمية الإنسان في ذاته روحاً وفكراً وأخلاقا وقيما، بالإضافة إلى تنمية البيئة الخارجية المحيطة به في مختلف نواحي الحياة، لذا فإن الدين الإسلامي يحث على تنمية الإنسان وبنائه، وعلى إعمار الأرض والحفاظ على ثرواتها، كل ذلك وفق المنهج الرباني الحكيم وضوابط شرعه بما يضمن طيب الحياة في الدارين، وهو ما يجب أن يتجلى في الخطاب الدينى، الذى من شأنه محاربة معوقات التنمية التي تأتى على راسها الجهل وغياب الوعى أو تزييف الوعى بغرس المفاهيم الخاطئة فى عقول الشباب وأبناء الأمة، ولأن الخطاب الديني الجديد المفترض أن يدعو للبحث والتجديد والتطوير وصناعة المستقبل بالعلم والتدريب واكتساب الخبرات والمهارات مستفيدا من الماضى لكن ليس معتمدا على فكرة الماضي الأفضل بل معتمدا على المستقبل هو الأفضل..

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. تعرف على التفاصيل

رؤساء محكمة النقض ومجلس الدولة والنيابة الإدارية الجدد يؤدون اليمين القانونية.. منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى للسابقين.. الرئيس السيسى يؤكد استقلال القضاء ويشيد بدور المؤسسات والهيئات القضائية المهم

هشام جمال يحتفل بملك زاهر شقيقة زوجته على طريقته الخاصة

الابتسامات ترسم الوجوه.. طلاب الثانوية العامة: امتحان الإنجليزي سهل ومباشر

مصرع 50 شخصا فى انهيار منجم ذهب فى السودان.. التفاصيل


عفو رئاسى عن باقى العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بثورة 30 يونيو

الأرصاد: استقرار بالأحوال الجوية وأجواء شديدة الحرارة وارتفاع بالرطوبة

وزير التموين: مبادرة سوق اليوم الواحد تنظم حركة التجارة وتوفر السلع للمواطنين

شوبير: الأهلي رفع راتب وسام أبو علي.. ولا توجد عروض لـ الشناوى

تنسيق الثانوى العام بالقاهرة 2025.. اعرف التوقعات بعد إعلان نتيجة الإعدادية


الأسئلة مع الإجابات.. امتحان الإنجليزى للثانوية العامة على جروبات الغش

3 ملايين دولار سبب تمسك وسام أبو علي بالرحيل عن الأهلي

مواعيد مباريات اليوم.. سان جيرمان أمام إنتر ميامي وفلامينجو ضد البايرن بمونديال الأندية

بنفيكا ضد تشيلسي.. ماريسكا: أمريكا لا تصلح لاستضافة مباريات كرة القدم

رسميا.. تحديد أولى مواجهات ربع نهائى كأس العالم للأندية 2025

اتهام الفنان وليد فواز بالاعتداء على محاسب بسبب خلاف مرورى بحدائق الأهرام

وزارة التعليم تواصل تصحيح امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025

سيدة تتهم والدة مطلقها بطردها من مسكن الحضانة وتطالبها بدفع نفقة أقارب

النواب الليبى يتجه للمصادقة بالإجماع على الاتفاقية البحرية مع تركيا هذا الأسبوع

شيرين تحيي حفلها بمهرجان موازين وسط حضور كبير.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى