سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 يونيو 1277.. وفاة الظاهر بيبرس.. سلطان المماليك الذى ملأ العين والقلب وأحبه الناس لأنه سار على طريق تحقيق أمانى الأمة

الظاهر بيبرس
الظاهر بيبرس
حين توفى الظاهر بيبرس، سلطان دولة المماليك، فى 30 يونيو، مثل هذا اليوم عام 1277، كان تجاوز الخمسين من عمره، واستغرقت فترة حكمه سبعة عشرة سنة وشهرين واثنى عشر يوما، وكانت وفاته بدمشق فدفن قرب «داريا» حسب وصيته، وفقا لما يذكره الدكتور سعيد عبدالفتاح عاشور فى كتابه «الظاهر بيبرس»، مضيفا: «بطولاته النادرة، وشجاعته فى مواصلة الجهاد، جعلت المؤرخين كافة يترحمون عليه ويشيدون بكفاحه حتى اختتم المقريزى الكلام عنه بتلك العبارة «وبالجملة فلقد كان من خير ملوك الإسلام»، ويصفه الدكتور قاسم عبده قاسم فى كتابه «عصر سلاطين المماليك»: «كان ملء العين والقلب، أحبه الناس ولهجوا بسيرته، وأضافوا إليها الكثير من خيالهم لأنه كان يسير على طريق تحقيق أمانى الأمة ومحاربة أعدائها».
 
وعن موته يذكر «عاشور» أن هناك روايتين تواترت فى المراجع حولها، الأولى أنه عاد من أنطاكية إلى دمشق، وكان فى حالة غير عادية من السرور والفرح فأكثر من شرب القمز، فلما انقضى المجلس أحس بتوعك شديد فى جسمه، وأصبح يتقيأ ويشكو حرارة فى باطنه، واستعمل دواء لم يكن عن رأى طبيب، فلم ينجح، ولما وصل الأطباء منعوا عنه هذا الدواء، غير أن علاجهم لم يأت بنتيجة فتزايد الإسهال والقئ، وتضاعفت الحمى ورمى دما - يقال إنه كبده - فعولج بجواهر ومات.
 
أما الرواية الثانية فهى أكثر تفصيلا، وخلاصتها أن الملك كان مولعا بالنجوم مصدقا لما يقوله المنجمون، فتخوف على نفسه عندما قالوا إن رجلا جليل القدر يموت بمدينة دمشق بالسم فى سنة ست وسبعين، وزاد من مخاوف بيبرس أن القمر خسف بأكمله مما اتخذ دليلا على صدق ما تنبأ به المنجمون، وكان أن فكر السلطان فى صرف الموت عن نفسه إلى غيره، وكان معه بدمشق عندئذ الملك القاهر ابن المعظم عيسى الأيوبى، وقد حقد عليه بيبرس لأنه أبلى فى الحملة على الروم بلاء حسنا.
 
دبر بيبرس مكيدة لقتل الملك القاهر عن طريق دس السم له، فأعد السم فى ورقة فى جيبه دون أن يشعر به أحد، ثم دعا الملك القاهرة للشرب معه، وكان للسلطان ثلاثة أقداح مختصة به مع ثلاثة سقاة، لا يشرب فيها إلا من يكرمه السلطان، فلما قام الملك القاهر لقضاء حاجته، جعل السلطان السم الذى أعده فى قدح وأمسكه بيده، حتى إذا ما عاد الملك القاهر ناوله إياه «فقبل الأرض وشرب جميع ما فيه»، غير أن الظروف شاءت أن يقوم السلطان بعد ذلك لقضاء حاجة، فأخذ الساقى القدح دون أن يدرى بما وضعه السلطان فيه من سم، فلما عاد السلطان تناول ذلك القدح عينه وشرب ما فيه، وهو لا يعلم أن به بقايا السم، وهكذا لم يلبث الظاهر بيبرس أن أحس بالألم، ولم ينفع مع علاج الأطباء حتى مات بعد ثلاثة عشر يوما من ذلك الحادث.. يعلق عاشور «يرجح أبوالمحاسن صحة هذه القصة فيقول بعد سردها «وهذا القول مشهور، وأظنه هو الأصح فى علة موته».
 
ينقل «قاسم» عن «المقريزى» تلخيصه لموقف المعاصرين من هذا البطل، بعبارة هى «كان من خير ملوك الإسلام» كما رثاه محيى الدين عبدالظاهر الذى كتب سيرته تحت عنوان «الروض الزاهر فى سيرة الملك الناصر»، ويذكر «قاسم»: «هذا السلطان الفذ فى تاريخنا الإسلامى، تمكن بإصلاحاته الإدارية وحكمته السياسية أن ينتزع لنفسه الدور الأساسى فى بناء دولة سلاطين المماليك، فقد مرت قبله سنوات عشر تقلبت فيها أحوال الدولة الناشئة التى كان نفوذها قاصرا على مصر ينازعها فيها الأيوبيون، ومات بعد سبع عشرة سنة فإذا سلطان دولة المماليك ممتد على كل المنطقة العربية، وصوتها مسموع فى كل أنحاء العالم المعروف آنذاك، لقد رسم أبعاد السياسة الداخلية والخارجية لدولة سلاطين المماليك، وهى السياسة التى سار عليها خلفاؤه حتى تم القضاء على خطر المغول من ناحية، واستئصال شأفة الوجود الصليبى على الأرض العربية من ناحية أخرى».
 
يضيق قاسم: «لهذا أحبه المصريون وأهل الشام، واشتهرت سيرته فى مجالسهم ومسامراتهم دون سائر السلاطين، فصاغ الوجدان الشعبى سيرة رائعة لهذا السلطان أحلوه فيها منزلة مهمة ورائعة، وجعلوا كل شخصيات تلك الفترة التاريخية، وما سبقها شخوصا ثانوية فى خدمة البطل الظاهر بيبرس»، يؤكد قاسم: «صور الوجدان الشعبى الظاهر بيبرس فى هذه السير الشعبية كأنه عصر بأكمله، وليس مجرد إنسان فرد، وهكذا الشعوب، تمنح حبها وتمجيدها بلا حدود لمن أعطى وبذل فى سبيل تحقيق أهدافها ومصالحها بلا حدود».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أمين عام الأمم المتحدة يحذر من عسكرة الذكاء الاصطناعى

الأهلى يجهز مكافأة بالدوري والمشاركة فى المونديال لـ "يحيى عطية الله"

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"

وزير التعليم: تعديلات قانون التعليم تحقق تكافؤ الفرص والشفافية وفقا للدستور

وزير التعليم: نظام البكالوريا المصرية خطوة فارقة في تاريخ التعليم المصرى


تفاصيل علاقة العندليب والمجوهرات بمعسكر الأهلي فى طبرقة التونسية..صور

قمة بريكس.. دعوات لوقف إطلاق النار فى غزة ورفض حرب ترامب التجارية.. أبرز مناقشات قادة التجمع فى البرازيل.. تقييد تجارة المنتجات الغذائية والزراعية لأوروبا تثير الجدل.. ودا سيلفا يقترح إنشاء عملة بديلة للدولار

الأهلي يترقب القرار النهائي للريان القطري لحسم مصير وسام أبو علي

مواعيد مباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة

مركز حراسة المرمى.. أول الملفات الشائكة على طاولة يانيك فيريرا فى الزمالك


نصف نهائي كأس العالم للأندية يرفع شعار "أصدقاء الأمس.. منافسي اليوم"

بدء تلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ لليوم الثالث على التوالى

يسرق المساكن فى منتصف الليل.. لص مدينة بدر يواجه مصيره خلف القضبان

تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ لليوم الثالث على التوالى

للأزواج.. إزاى تقدم استئناف على حكم الطلاق للضرر الصادر للزوجة

التحقيقات: المتهم بتزوير محررات رسمية فى الجيزة نصب على ضحاياه بزعم تسفيرهم

رادار المرور يلتقط 1150 سيارة تسير بسرعات جنونية خلال 24 ساعة

خلال ساعات.. نظر محاكمة 16 متهما بقضية "خلية الهيكل الإدارى" بالهرم

شخص يلاحق زوجته ووالدتها بجنحة أمام محكمة أكتوبر بعد تعديهما عليه بالضرب

روشتة أمنية عاجلة لإنقاذ الأرواح على الطريق الإقليمى.. تعرف عليها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى