خالد دومة يكتب: الغيرة القاتلة

خالد دومة
خالد دومة

إن الغيرة تعكر صفو القلب، وتجعل منه خزان وقود، قابل للاشتعال، ربما يحرق ويدمر في أي لحظة، ولعلها إن وجدت نفس ضعيفة، استحكمت وقامت على أضعف الأسباب، وظنت من الأشباح حقائق، ورأت ما غفلت عنه العيون، أو رأته شيء غيرعادي، نصيبها في القلب إن عَظُم، قد يواري العقل عن الرؤية هو الأخر، فيُخطأ ويقع فريسة الهواجس والظنون، وتنقلب حياة المرء بفعل الغيرة، إلى مستنقع من الطين، ينغرس فيه، إن شدة الحب، قد تجعل من الغيرة حزام ناسف، تفتك به، وبكل شيء، وأول ما تفتك به هم أصحابها. الغيرة العمياء، إذا صادفت عاشقا استبدت به، وحركته كيفما يتراء لها، إنها تشعل فتيل الأعصاب والخلايا، لتنتشر في الجسد، تطحن كالرحى الحب، وتدق فوق رأسه بمطرقة حديدية، تسويه بتراب الأرض، ولو أن رغبة الحب الجامح هدأت، وخفت أوارها، لما فعلت الغيرة فعلها في جسده المذبوح، وروحه المأسورة، وخلاياه المسكونة بحبه، إنها لا تخلو من جحيم في النفس، لا يعرف هدوء، ولا يسكن لها طرف، وتشق أوارها، ولا تعرف لها حدا، إن غيرة الحب الشديد، جحيم لا يطارق، تزلزل النفس.

وكلما كان الحب ضاربا في جذور النفس، أخذ منها قسطا عظيما، واهبا إياه الثقة العظيمة، فإذا طرقت أبوابه الغيرة، هدمت روحه، وبددت أركانه، إن شبهة بسيطة، تعكر صفو النهر الرائق، وتطلي الحياة بلون أسود، في عين من يحب، فلا يرى سوى الأشباح تتراء، والقلق ماثل أمامه يناديه، ولا معنى للحياة، إنها أشياء فوق طاقة اللحم والدم، إنه التردد، الذي يمزق النفس البشرية، ولا يُريحها ولا يقطع فيه بيقين، إنما هي الألآم، التي لا نهاية لها، فلا يقين هناك يشفي، ولا نهاية لما في القلب من أرق، كأنها رأس تستقبل الضربات، من جهتين قويتين، تؤلم ولا تميت، إنه جنون أرث وفير من الخبل.

إنهم يقولون أن مرآة الحب لا تبصر، فهي عمياء، في دروب تسلُكها للمرة الأولى، فهي تتخبط، كأنها مخمورة، ولا هداية تُعينها على إجتياز الطريق، وإن كانت هناك هداية فلا نفع، إذ لا رؤية تبصر بها، وإن شئت قل: إن مرآة الغيرة، ثاقبة النظر، حادة الرؤية، تبصر أدق التفاصيل، وإن لها ألف عين، وإنها تبصر بكل جارحة، وبكل خلجة من خلجات الإنسان، تبصر بالقلب والمشاعر والروح، تبصر ما يراه، وما لا يراه الأخرون، تبصر على القرب، وعلى البعد، تبصر ما ظهر من أمر الحبيب وما خفي منه، وإنها تشعر به، من أقل لفته، ومن أدق تغيير، يطرأ عليه، إنها تبصر بميكرسكوب عالي الجودة والدقة، تراه ماثلا أمامها صرح كبير، لا شك فيه، وإنها تراه حقيقة، رغم إن غيرها لا يرى شيء، ويخيل إليه أن ما تقول، أمر لا وجود له، وأنه خبال، ولكنها في نفس من يشعر بها في نهاية الأمر، ألم يمحق الروح، ويتوغل فيها؛ ليسلبها حياة الدعة والطمأنينة، لتعيش أيامها ولياليها في لظى لا ينقطع، وسعير أبدي.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بعد وعده بجعلها "كيم" الثانية.. زوجة كاني ويست تكشف خداعه لها وتهدده بالرحيل

إخلاء سبيل إبراهيم سعيد بعد استئنافه على حكم حبسه بسبب نفقة طليقته

مغني الراب 4xtra يفقد إصبعين من يده في حادث مروع للألعاب النارية بعد مزاحه بها

الزمالك يتسلم استغناء عمرو ناصر خلال ساعات

الطقس غدا.. شديد الحرارة وشبورة والعظمى بالقاهرة 37 والإسكندرية 31 درجة


رسميًا.. الكرواتي إيفان راكيتيتش يسدل الستار على مسيرته نهائيًا

ريبيرو يخطر الأهلى برفض رحيل 7 نجوم بسبب أزمة وسام أبو علي

الرئيس السيسى يناقش مع نظيره الصومالى مشاركة مصر العسكرية فى بعثة الاتحاد الأفريقى

بريطانيا تمنح الآباء "إجازة حداد" فى حالتين فقط.. "جارديان" تكشف التفاصيل

الحبس 14 سنة لمتهمة بانتحال صفة طبيبة وإجراء عمليات تجميل بمصر الجديدة


إحالة دعوى تطالب بصرف منحة استثنائية لأصحاب المعاشات للدائرة المختصة

وزير الخارجية: قضية مياه النيل هى قضية وجودية بالنسبة لمصر

وزير التعليم: نظام الثانوية العامة الحالى قاس على الطلاب والأسر

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"

وزير التعليم: نظام البكالوريا المصرية خطوة فارقة في تاريخ التعليم المصرى

مش كلها بتزود وزنك.. 7 أنواع من الجبن صحية وتساعد على فقدان دهون البطن

الأهلى يبدأ إجراءات سفر ياسين مرعى لمعسكر تونس بعد حسم الصفقة

غادة عادل بعد خضوعها لعملية شد وجه.. ماذا تغير فى شكلها قبل وبعد؟

الأهلي يحسم مصير عروض رضا سليم للرحيل فى الصيف الحالى

جيش الاحتلال يعتزم استدعاء 54 ألفا من طلاب المعاهد الدينية للخدمة العسكرية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى