سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 19 يوليو 1799.. جنود الحملة الفرنسية يعثرون على «حجر رشيد» ويشعرون بأنهم وضعوا أيديهم على كنز وينقلونه إلى القاهرة

نابليون بونابرت
نابليون بونابرت
تكهرب جو المجمع العلمى بالقاهرة فى 19 يوليو، مثل هذا اليوم، 1799 حين تلا على أعضائه خطابًا يعلن «اكتشاف نقوش فى رشيد قد تكون بالغة الأهمية»، حسبما يذكر «ج. كرستوفر هيرولد» فى كتابه «بونابرت فى مصر»، ترجمة، فؤاد أندراوس، ومراجعة الدكتور محمد أحمد أنيس.
 
كان «المجمع العلمى» يعقد أحدى جلساته، بعد أن قام نابليون بونابرت بإنشائه فى 22 أغسطس 1798، بعد أسابيع من قدومه على رأس حملته الفرنسية لاحتلال مصر، ويذكر «هيرولد» أن أعضاء المجمع لم يكونوا كلهم مهندسين وتكنولوجيين واقتصاديين، بل كان منهم المعماريون والموسيقيون والأثريون والرسامون والرياضيون وعلماء الطبيعة والحيوان، وكان الهدف الأساسى من وجودهم هو ارتياد كل جانب من جوانب هذا البلد الأسطورى الذى لا يعرف إلا القليل تاريخه وآثاره وفنونه وبيئته الجيولوجية وحيوانه ونباته.
 
كانت الرسالة التى تليت أمام أعضاء المجمع يوم 19 يوليو 1799 تتعلق باكتشاف حجر رشيد، هذا الاكتشاف الذى يعد الأكثر شهرة وذيوعا فى إطار الحملة الفرنسية على مصر، ويذكر الكاتب الصحفى الفرنسى من أصل مصرى «روبير سوليه»، قصته فى كتابه «علماء بونابرت فى مصر»، ترجمة، فاطمة عبدالله محمود، ومراجعة وتقديم الدكتور محمود ماهر طه، قائلا: «فى التاسع عشر من يوليو 1799 وعلى مقربة من مدينة رشيد، عثر عدد من الجنود والعمال بقيادة ضابط شاب يدعى «بيير فرنسوا كسافيير بوشارد» على كتلة من الحجر الجرانيتى أسود اللون، لم يكن منتظرًا أبدًا وجودها فى هذا المكان».
 
يضيف «سوليه»، أن «بوشاد» جاء إلى مصر باعتباره أحد التلاميذ فى لجنة العلوم والفنون، وبعد امتحان تخرجه فى القاهرة عين وهو فى السابعة والعشرين من عمره ضابطًا مهندسًا فى رشيد، ومن أجل تشييد عدة استحكمات دفاعية على ضفة النيل اليسرى، عمل على إزالة أنقاض أساسات أحد الحصون المصرية العتيقة التى ترجع إلى العام الخامس عشر، وفى التاسع عشر من يوليو اكتشف رجاله كتلة من الجرانيت الأسود اللون، يصل ارتفاعها إلى حوالى متر، أما عرضها فهو 73 سنتيمترا، وسمكها 27 سنتيمترا وعليها نصوص منقوشة بثلاث كتابات متباينة، وهذه الكتلة استخلصت لاتخاذها كمادة بناء.
 
يذكر «سوليه» أن مهندس الطرق والكبارى «ميشيل آنج لانكر» أحيط علمًا بالأمر خلال مروره برشيد، ويؤكد: «منذ الساعة الأولى شعر الفرنسيون بأنهم وضعوا أيديهم على كنز، وسارع « لانكر» بالكتابة إلى «معهد مصر» «المجمع العلمى»، الذى انتخب به منذ أسبوعين، ثم كلف «بوشارد» بنقل الحجر إلى القاهرة فوق سفينة تصعد مجرى النيل، وعند وصوله إلى العاصمة أحيط الحجر بالكثيرين، وتم تفحصه وشرحه وتأويله، وأمضى العلماء والفنانون ساعات كاملة يتساءلون بخصوص النصوص الثلاثة الموجودة على الحجر.
 
كان النص الأول مبتورًا ثلثيه، وهو بالرموز الهيروغليفية، أما النص الثانى فذهب الظن فى البداية إلى أنه بالسريانية، لكن اتضح أنه يرجع إلى «الديموطيقية» أى الكتابة الشعبية فى مصر القديمة، وعرف فيما بعد أن الأمر يتعلق بكتابة عادية سريعة مختصرة ظهرت قبل ميلاد المسيح بحوالى 650 عامًا للاستعانة بها فى المراسلات الدارجة، ثم بالمراسيم الأدبية والدينية، أما النص الثالث فتضمن 54 سطرًا باليونانية، وعبارة عن مرسوم خاص بكهنة منف، يعبر عن التحية والتمجيد للفرعون البطلمى «بطليموس أبيفانيس» فى عام 192 قبل الميلاد.
 
يضيف «سوليه» أن ذلك كان يعنى أننا أمام نص متعدد اللغات، واعتقد أعضاء المجمع العلمى، أنه بفضل حجر رشيد فإن غموض الكتابة المصرية التى بدت صعبة القراءة وعويصة يمكن أن تنقشع، وفى تلك الآونة بدا أن أهم شىء هو استنساخه، وأبدى عدد من الرسامين استعداده لأداء هذا العمل، وهو ما تم بالفعل، أما الحجر نفسه فاستولى عليه الإنجليز ونقلوه إلى بلادهم وقت أن تم توقيع اتفاقية جلاء الفرنسيين عن مصر عام 1801.
 
فى أوروبا وخلال السنوات التالية كان عالم الفيزياء الإنجليزى «توماس يونج» أول من عمل على اختراق لغز الرموز الهيروغليفية وغموضها، لكن الخطوة الأكبر كانت من الفرنسى «جان فرنسوا شامبليون» الذى عكف على هذه المهمة بحصوله على نسخة مقلدة من حجر رشيد، وعكف سنوات على فك أسرار لغة الكتابة عليه، حتى أبلغ أكاديمية التسجيل وعلوم الأدب بفرنسا يوم 24 سبتمبر 1822 بنجاحه فى فك رموز اللغة المصرية القديمة، وكان عمره وقتئذ 32 عامًا، وبذلك كشف الستار عن ثلاثة عشر قرنًا من الظلام الحالك الدامس.
 
يذكر «سوليه» أنه حين كشف «شامبليون» عن علمه الجديد، كان «بيير بوشارد» الذى اكتشف الحجر توفى قبل تسعة أسابيع. 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الهلال السعودي يدرس الإطاحة بمهاجمه ليوناردو

إعلام إسرائيلى: 3 انفجارات ضخمة تهز وسط إسرائيل

الترسانة يتعادل مع السكة الحديد سلبيا فى قمة الجولة الأولى لدورى المحترفين

إسرائيل تمنع عمدة برشلونة من الدخول بسبب موقفه من إبادة غزة

مشهد بطولي.. عامل مزلقان ينقذ شابًا من دهس القطار فى بنى سويف.. فيديو


حسام حبيب ينفى عودته لشيرين والمطربة تتوعد محاميها السابق ببيان

السفير حسام زكي: التحركات الإسرائيلية في غزة مرفوضة وتعيدنا إلى ما قبل 2005

فيريرا يحاضر لاعبى الزمالك بالفيديو ويطالبهم بمواصلة الانتصارات أمام فاركو

مدافع الإسماعيلى يبدأ اليوم التأهيل من مزق العضلة الخلفية وغيابه أمام الطلائع

موعد مباراة الزمالك القادمة فى الدوري أمام فاركو والقناة الناقلة


حسام حسن يدرس ضم محمد ربيعة وخالد صبحي لحل أزمة الدفاع أمام إثيوبيا وبوركينا

شاهد استعدادات الأهلي لمواجهة المحلة المرتقبة في الدوري.. صور

غدير ماتت من سوء التغذية..التجويع الإسرائيلي لغزة يقتل رضيع عمرها 5 شهور

مران الأهلي.. ريبيرو يعقد محاضرة للاعبين.. وفقرات متنوعة استعدادا للمحلة

برتقالى وعيونه بيضاء.. كوستاريكا تكتشف نوعا نادرا من سمك القرش.. فيديو وصور

الكيس تحول لخراج.. قلق جمهور أنغام على حالتها الصحية بعد التطورات الأخيرة

ترامب يوزع بيتزا وبرجر على "قوات فيدرالية" فى شوارع واشنطن.. فيديو

الونش وعبد المجيد وبيكهام في القائمة النهائية لمنتخب مصر لمباراتي إثيوبيا وبوركينا

أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وتحذر من الرطوبة

تليجراف: هيئة رصد الجوع الدولية ستعلن "مجاعة فى غزة" لأول مرة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى