بين "يوليو" و"يونيو".. التكامل بين ثورتين

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم : بيشوى رمزى
ربما كانت مفارقة أن تأتي ثورة يونيو، قبل أسابيع قليلة من ذكرى ثورة يوليو، تحمل بعدا رمزيا، استطاعت من خلاله أن تتجاوز فارقا زمنيا يزيد عن الـ60 عاما، بينما يعكس حقيقة مفادها أن ثمة قدرة غير عادية لدى المصريين على استحضار "روح" الثورة" الأولى، بينما كانوا في الميادين، حينما حملوا صور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، جنبا إلى جنب مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي كان يشغل منصب وزير الدفاع وقتذاك، في إشارة صريحة إلى الثقة الكبيرة في المؤسسة العسكرية، وقدرتها على العبور بالوطن إلى بر الأمان، مهما بلغت التحديات، وتفاقمت الظروف، فكانت شعارات "يوليو" حاضرة في ميادين "يونيو"، بينما كانت "العناوين" التي تصدرت المشهد، تحمل نفس الألفاظ، التي حملتها بيانات "الضباط" الأحرار قبل ستة عقود كاملة.
 
فبين "استعادة الوطن"، مرورا بـ"الاستقلال التام"، وحتى "الدين لله والوطن للجميع".. نجد أن ثمة العديد من المقاربات، التي لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال، عند تأمل المشهد المصري بين "ثورتين"، ترجمتها الشعارات التي رفعها المواطنون، فمعركة المصريين كانت ضد مغتصب، والهدف كان تحقيق الاستقلال واستعادة الوطن، بينما كانت الوحدة سلاح الجميع، لتحقيق طموحات شعب بأكمله، عانى الأمرين، جراء انتهاك حقوقه، والتمييز بين عناصره، في إطار طبقي، اقتصرت فيها الأراضي والأملاك على فئة بعينها، كما كان الحال قبل "يوليو"، أو أخر يبدو "قبليا" أرسته جماعة حكمت في غفلة من الزمن، فأضفت المزايا على أعضائها، بل واعتبرتهم "الملاك" الحصريين للدين والدنيا، بينما يبقى كل من يحمل فكرا مخالفا، في قائمة "الخوارج".
 
ولكن بعيدا عن الشعارات، تبقى المقاربات بين الثورتين، ممتدة إلى النتائج، فإذا كانت حركة "الضباط الأحرار"، التي باركها الشعب المصري قبل أكثر من 7 عقود، وضعت على عاتقها تحقيق الاستقلال من المستعمر البريطاني، فإن ملايين المصريين الذين خرجوا في الميادين في يونيو 2013، قد ثاروا على الجماعة، والتي تمثل آخر "فلول" الاحتلال، والذي ساهم في تأسيسها، في عام 1928 ودعمها لسنوات لتكون "شوكة" في ظهر الوطن، وهو ما يعكس امتداد الهدف، بينما ارتكز كلاهما على العملية التنموية عبر المشروعات العملاقة، والتي تناسبت مع كل حقبة، على غرار "السد العالي"، الذي كان يمثل طفرة في إنتاج الكهرباء آنذاك، بينما اعتمدت "الجمهورية الجديدة" مشروعات حديثة، ترفع لواء الطاقة النظيفة، وأبرزها "مجمع بنبان"، للمفارقة كلاهما في أسوان، ناهيك عن مئات المشروعات الأخرى في مختلف أنحاء المحروسة، من شأنها تحقيق التنمية المستدامة.
 
وفى الواقع، تبدو الثورتان متكاملتان في أهدافهما ونتائجهما، فـ"يوليو" أسست "الجمهورية"، عبر إلغاء "الملكية"، بينما عكفت "يونيو" على تعزيزها، عبر تجديدها، بل وكان تأميم قناة السويس، أحد أولويات الأولى، في حين كان مشروع تدشين القناة الجديدة، أولى إنجازات الثانية، وهو ما يعكس أن ثمة حالة من "التكامل بين ثورتين"، تمثل رغبة ملحة في البناء على ما سبق، وليس تقويضه، وهو ما يمثل الخط الذي سارت عليه "الجمهورية الجديدة"، والتي اعتمدت منهجا يقوم في الأساس على استثمار ما تحقق، في إطار تنموي واقتصادي وسياسي، وحتى فيما يتعلق بالعلاقات الدولية بين مصر ومحيطها العالمي، بعيدا عن سياسات الهدم، والتي تستلزم العودة إلى "المربع الأول".
 
المشهد المتكامل بين "يوليو" و"يونيو"، يمتد إلى العديد من المشاهد، والتي ارتبطت بالظروف المحيطة بكلا منهما، بالإضافة إلى إنجازاتهما ونتائجهما، مما يعكس حقيقة مفادها أن "جينات" المصريين لا تتغير بمرور الزمن، بل على العكس، تبقى رؤيتهم واحدة، بينما لتؤكد في الوقت نفسه أن أهداف "يونيو" لا تتعارض مع روح "يوليو"، بل أنها في واقع الأمر تمثل إحياء لها، وهو ما يبدو في ملايين المبادرات التي اعتمدتها الدولة المصرية، والتي تهدف في الأساس إلى حماية حقوق المواطنين، واسترداد كرامتهم، وتحقيق طموحاتهم في "حياة كريمة"، بينما استخدمت أدواتها المتاحة لتحقيق هذا الهدف، عبر تحديثها لتلائم روح العصر.
 
وهنا يمكننا القول بأن الاحتفال بثورة "يوليو" يمثل في واقع الأمر إحياءً ليس فقط لذكرى عطرة على قلوب المصريين جميعا، وإنما في واقع الأمر هي مناسبة لاستدعاء ذكريات الماضي، بصورته القديمة نسبيا، والأكثر حداثة في يونيو، في انعكاس للارتباط الكبير بينهما، ليس فقط على مستوى التقارب بين الشهور، وإنما في الأحداث والظروف التاريخية، لتكون الثورتان دليلا متكاملا على إرادة هذا الشعب وصلابته وقدرته على تحمل الصعاب، وفي الوقت نفسه الصمود في وجه الظلم، ومواجهته بالقوة المطلوبة.
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

قرار حكومى بالعفو عن باقى مدة العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة

تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص

مجلس الوزراء يهنىء الرئيس بمنحه أرفع وسام من الفاو

أبرد مناطق الجمهورية.. سانت كاترين تسجل درجات حرارة غير مسبوقة

الأهلى يناقش استعارة لاعب سيراميكا فى يناير ضمن صفقة عمر كمال


بعد مصرع نيفين مندور.. حوادث مأساوية أنهت حياة فنانين بعيدا عن الكاميرا

شرط محمد صلاح للبقاء مع ليفربول بعد أزمة سلوت

الأربعاء.. 18 فبراير أول أيام شهر رمضان فلكيًا

صور أثار حريق شقة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية

ليفربول يبلغ وكيل محمد صلاح موقفه من رحيل الملك المصرى


الزمالك يكشف تطورات شكوى زيزو فى اتحاد الكرة

حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار خلال الساعات المقبلة

نيابة المنتزه تحقق فى مصرع الفنانة نيفين مندور داخل شقتها بالإسكندرية

نيفين مندور.. عاشت حياة مليئة بالأزمات ورحلت فى نهاية مأساوية

الأهلي مهتم بضم محمد توريه لتدعيم هجومه في يناير

مواعيد مباريات اليوم.. باريس سان جيرمان مع فلامنجو ومان سيتي ضد برينتفورد

بعد مصرع الفنانة نيفين مندور.. خطوات لتجنب حرائق الشقق السكنية.. تعرف عليها

مصرع الفنانة نيفين مندور بطلة فيلم اللى بالى بالك فى حريق بمنزلها

الطقس اليوم الأربعاء 17-12-2025.. أجواء باردة وانخفاض بالحرارة وأمطار

قائمة شاملة بغرامات مترو الأنفاق 2025.. 41 مخالفة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى