خالد دومة يكتب: النزوح الأخير

خالد دومه
خالد دومه

بعد سنوات من الرحيل، تبدو صورة الوطن الغائمة، الوطن الذي تمزق، وتشتت أبنائه في بقاع الأرض؛ بحثا عن الهوية الضائعة والملاذ، إنه الخراب الذي يطال النفوس، قبل البلاد، الهروب من أرض الحقيقة إلى السراب والتخبط، جيل عاش بين بين، ولد هناك، وعاش في بلاد غريبة، عاش على أمل، وضاع الأمل، فلا أمل دون أن يكون هناك أب وابن، أما الأباء فقد تركناهم، والأبناء استوطنوا الغربة، ولم يرتبطوا بأرض أبائهم، ولم يستطيعوا العودة، جيل مزقته الحرب، ولون الدم، والخوف، فالعودة أصبحت مستحيلة، والبقاء غربة، والذكريات تنغص علينا أعمارنا الباقية، الأرض وزوايا الشمس، ولون السحاب والهواء، كل شيء له مذاق هناك يختلف، ما صنعته الحروب، التشريد والسياحة في الأرض، نلتمس القوت والأمان في عالم مازال يبحث عن المجد، باغتيال الأنسان، سرقوا كل شيء، الأرض والأحلام، لم يتركوا لنا سوى الحزن والأسف والضياع.

لابد للإنسان من ذاكرة، من ماضي يبني عليه أيامه ومستقبله، من جذور تجعله يقف على قدمين ثابتتين، من دونها يظل عاجز، لا يقدر على فعل شيء، أو الحركة، إنها الوقود، الذي يعطي للحياة معنى، ويجعلها تسير وتمضي، أن يكون للإنسان جذر متأصل، حتى ولو كان بعيدا، وغارق في متاهات الماضي، فهو أيضا له معنى ووجود، أما أن يكون بلا هوية، ولا ماضي، بلا جذور، فذلك مهين للإنسان، وكرامة الإنسان، وهو شيء لا يتحمله، ولا يريد أن يتخيله، فما معناه، إذا تحقق إلا أن يكون، كماً مهملاً وأن جذوره هشه، لا قيمة لها ولا لوجودها، فالجذور إن كانت قائمة، فلحياة الإنسان معنى، ولو لم تكن، لصنعها الإنسان في أعماق ضميره، ولبنى عليها مستقبله وحياته، وأعطته الدافع للبقاء، والإستمرار، ففي بداية الحياة، يكون الإنسان مغرورا، متطلعاً إلى أبعد الحدود، وما إن يدرك الحقائق، وينظر إلى الحياة بشيء من عمق، حتى يجد موازينة أختلت، أو أصبحت أكثر نضجاً وفهماً وضوحاً، هنا يتعمق في الجواهر، تاركاً الظواهر، التي كانت تخلبه ببريقها الخادع، كأن الضوء الشديد يحجب عنه الرؤية الصحيحة، وعندما اعتاد بمرور السنوات، إدرك وعرف ما يجب وما لا يجب، وأدرك بعين بصيرته، ما لم يكن يستطيع أن يدركه من قبل، فأختلفت الموازين أو أصبحت أكثر دقة، كأنها كانت رحلة البحث عن الذات، أو عن الجذور، الذاكرة التي طمست، والنور الذي يبدو خافتا من هناك، وإشارات وعلامات، تقول وتنطق بالشواهد، وتمضي ويمضي قطار الحياة، ليقول إن من ها هنا، مر قلب، أو عقل، ومشاعر إنسان، تركت أثراً يكمل مسيرته نحو الحياة، أدرك رسالته، بأنه وجد الجذور، التي تركت فرعاً يطأ الأرض من بعده، وتظل تمضي الحياة إلى نهايتها المقدر لها.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

اليوم السابع يطلق أكبر بوابة لمتابعة كأس أمم أفريقيا 2025

الإدارية العليا تحيل 4 طعون على نتائج 19 دائرة ملغاة في انتخابات النواب للنقض

وزارة الرياضة فى بيان رسمى: هدفنا استقرار نادى الزمالك

التحقيق مع نجل روب راينر بعد شهادات من المقربين بأنه قتل والديه

حلمى عبد الباقى بعد خضوعه للتحقيق: المستشار أوقف قرار إحالتى للتحقيق


ربيعة ومصطفى محمد ورباعى بيراميدز ينضمون لمعسكر منتخب مصر

أرباح بالمليارات.. شركات أمريكية تتنافس على إعادة أعمار غزة.. ما القصة؟

الطقس غدا.. أجواء شتوية وأمطار واضطراب بالملاحة والصغرى بالقاهرة 13

زاره رئيس وزراء الولاية.. لماذا خاطر أحمد الأحمد بحياته لنزع سلاح مرتكب هجوم سيدنى؟

الإعلانات تنجح في إنهاء ملف بقاء ديانج مع الأهلي


كل ما تريد معرفته عن المغربي يوسف بلعمري أول صفقات الأهلي الشتوية

الأهلى يعلن التنازل عن مقاضاة مصطفى يونس

الأرصاد تحذر هذه المحافظات من أمطار خلال ساعات وتتوقع وصولها إلى القاهرة

الأهلي يترقب وصول يوسف بلعمري للقاهرة لإجراء الكشف الطبي

أحكام سجن بالجملة ضد أهالى شبراهور بسبب إيصالات أمانة.. اعرف القصة

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم أفريقيا

الأرصاد تحذر: سحب ممطرة على هذه المحافظات وتوقعات بأمطار غزيرة

باب الالتماسات يعيد الفرصة لطلاب لم يحالفهم الحظ فى القبول بكلية الشرطة

الأهلي يوافق على انتقال شكري وبيكهام وكمال لصفوف سيراميكا في يناير

مواعيد مباريات اليوم.. مان يونايتد ضد بورنموث ونصف نهائي كأس العرب 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى