صلاح عبد الصبور وأحمد زكى

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
ملامحه مسكونة بالحزن والشعر، ومن عينيه يطل ألم العالم وتطلع علينا قصيدة مكتوبة للتو عن أزمنة الخوف والقلق والتوتر، إنه صلاح عبد الصبور المعنى المتجسد لإنسان القرن العشرين المعذب، وللشاعر كما ينبغى أن يكون.
 
صلاح عبد الصبور حياته درامية بامتياز، وقد عاشها الشاعر المولود فى 1931 بكامل وعيه بدور الإنسان وقدره، فقد شب ليجد نفسه بعد عشرين عاما فى زمن التحولات التى أصابت الكتابة والأدب والفلسفة والمكانة الاجتماعية، فهو ينتمى إلى جيل من الشباب أنتجته الجامعه ثم وضعته الحياة وجهًا لوجه مع ثورة غيرت كل شيء، إنها ثورة 1952، إذ صار للقادمين من القرى والمراكز البعيدة الحق فى التعبير عن أنفسهم بقوة، هكذا ظنوا، لكن الأمر لم يكن كذلك، لقد كان جيل الآباء لا يزال متحكمًا فى كل شيء، لذا كان سهلًا على الأستاذ عباس محمود العقاد أن يشير إلى تحويل ديوان "الناس فى بلادي" لصلاح عبد الصبور إلى لجنة النثر، بعدما عرض عليه الديوان.
 
حدث ذلك ومع هذا، ظل صلاح عبد الصبور يكن احتراما كبيرا للعقاد، مما يكشف عن روح "الشاعر" المحبة بطبعها، وأذكر أننى قرأت فى أحد كتب الأعمال الكاملة لصلاح عبد الصبور أنه كان سعيدًا لأن العقاد عندما سألوه "تحب تقابل مين من الشباب الجديد؟" قال "الواد صلاح عبد الصبور شكله فاهم شوية".
كتب صلاح عبد الصبور دواوينه ومسرحياته بدمه وروحه، ولا أظن أبدا أنه كان يستجدى الشعر أو يكتب من باب أن يملأ الصفحات الفارغة، بل كانت القصيدة تكتبه، بالمعنى الحقيقي، لذا كان حزنه وفرحه وتصوفه وخوفه وألمه وأمله ورغبته حقيقيًّا، فخرجت القصيدة من تحت يديه شاهدة على موهبة كبيرة وعلى إحساس صادق، ويتفق ذلك مع مقولة له عندما كان يتحدث عن نفسه فقال "أتمنى أن أكون صادقًا ما وسعنى الصدق".
 
دائمًا ما أرى علاقة قوية بين الفنان الكبير أحمد زكى والشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، هذا التشابه أساسه الإيمان التام بما يفعلانه، والصدق فيما يقدمانه، فنجد التقمص الشديد عند أحمد زكي، تقمص حتى الألم، ونجد الصدق الشديد عند صلاح عبد الصبور، صدق حتى الوجع، عندما يقول صلاح عبد الصبور "يا صاحبى إنى حزين" كل ما عليك أن تنظر فى عينيه الغارقتين فى الدمع فترى الحزن "نابضا" والعالم يسير محنى الظهر من "القتامة".
 
وبعيدًا عن كونهما (صلاح عبد الصبور وأحمد زكي) قادمان من البيئة نفسها، محافظة الشرقية، وأن الحزن يغلف ملامحهما، فقد كانت تجمعهما أيضا الرغبة فى إثبات الذات، والخوف من العالم المحيط بهما، وإتقان ما يفعلانه، ومن رأيى هما الصورة الحقيقية للمصريين، فالنسبة الأعظم من مجتمعنا يشبه هذين الرجلين المبدعين المتفانيين فيما يحبانه، والباحثان عن فرصة ليصرخا بأعلى صوتهما عن حكايات "الناس فى بلادى".
 
دراما أخرى صاحبت صلاح عبد الصبور ليلة رحيله 13 أغسطس 1981 أي منذ 42 عاما، دراما تذكرها الكتب، تحضر كل عام، وتتجسد أمامنا وتجعلنا نتخيل خوف الأصدقاء وفزعهم وهم يحملون جسد الشاعر الذى لم يتجاوز الخمسين من عمره، أى أنه فى قمة شبابه وعطائه، ويهمون به إلى المستشفى فى محاولة لإنقاذه، لكنه يرحل بطريقة "درامية بامتياز" كما يفعل أبطال المسرح الخالدين.
 
سلام على روح صلاح عبد الصبور وعلى كل الصادقين فى حياتنا.

موضوعات متعلقة

السلام عليكم يا شَريف

السلام عليكم يا شَريف السبت، 05 أغسطس 2023 09:02 ص

أرواح فى المدينة

أرواح فى المدينة السبت، 08 يوليو 2023 11:46 ص

الأعمال الكاملة لـ محمود قرنى

الأعمال الكاملة لـ محمود قرنى الأحد، 02 يوليو 2023 12:54 م

ذهبت منى الدنيا والآخرة

ذهبت منى الدنيا والآخرة الإثنين، 26 يونيو 2023 11:56 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

خلال ساعات.. نظر محاكمة 35 متهما بقضية "الإتجار فى العملة"

الحكومة تستهدف نمو قطاع النقل 6% بحلول 2030 واستثمارات تصل 1.5 تريليون جنيه

سياح العالم يستمتعون بالبالون الطائر وسفارى الخيول بين معابد الأقصر.. صور

مشهد ولا فى الخيال.. موسم هجرة الطيور يرسم لوحات الطبيعة بالبحر الأحمر.. آلاف من طائر اللقلق الأبيض يزينون الشواطئ.. أحد أكبر الطيور الأوروبية يظهر بمرسى علم ويضع أعشاشه على الجزر.. والمحميات تأمن مسارها.. صور

بيراميدز يبحث عن التاريخ اليوم أمام صن داونز بنهائي دوري أبطال أفريقيا


ميلان يستضيف مونزا في الجولة الأخيرة من الدوري الإيطالي

هزة أرضية بقوة 3 ريختر فى جزيرة كريت

رحلة بلا عودة.. تفاصيل اللحظات الأخيرة لغطاسى ميناء السخنة فى السويس

اعرف الصح.. دار الإفتاء تواصل حملتها لتصحيح المفاهيم.. إجابات دقيقة على أسئلة ملحة.. منها: حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟.. ما حكم ترديد الأذان بعد انتهاء المؤذن؟.. والفرق بين سجود الشكر وصلاة الشكر

باقٍ 28 يومًا.. موعد الانقلاب الصيفى وبداية فصل الصيف رسميًا


امتحانات الثانوية 2025.. 320 مجموع المواد للنظام الجديد و410 درجات للقديم

اعترافات المتهمين بالتنقيب عن الآثار فى الصف: هدفنا تحقيق الثراء السريع

اليوم.. نظر محاكمة المتهمين بـ"خلية داعش العمرانية الثانية”

ليس مودريتش.. الذكاء الاصطناعى يختار أفضل لاعب وسط فى التاريخ

رادار المرور يلتقط 1013 سيارة تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة

نابولي يتوج رسميا بلقب الدورى الإيطالى للمرة الرابعة تاريخيا.. فيديو

المحكمة الرياضية ترفض طلب بيراميدز بنظر قضية مباراة القمة بالشق المستعجل

فيلمان فقط فى منافسات موسم عيد الأضحى السينمائى 2025

وزير الأوقاف يشيد بموقف إمام مسجد بقرية صبيح بالشرقية لإنقاذه حياة مصلٍ

الأمم المتحدة: السوريون يواجهون خطر الموت وسط انعدام الأمن

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى