سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 16 أغسطس 1956.. سوريا تشهد إضرابا عاما تضامنا مع مصر فى تأميم قناة السويس.. و20 ألف سورى يطلبون التطوع للدفاع عنها

لبى السفير المصرى فى سوريا محمود رياض، «وزير الخارجية وأمين عام جامعة الدول العربية فيما بعد»، الدعوة لتناول العشاء بدار السياسى السورى البارز خالد العظم فى «دمر» خارج العاصمة دمشق، وكان هناك عدد من الوزراء السوريين فى نفس العشاء يوم 26 يوليو عام 1956، حسبما يذكر محمود رياض فى الجزء الثانى من مذكراته «الأمن القومى العربى بين الإنجاز والفشل».
يتذكر «رياض»: «جلسنا فى حديقة الدار، وكان نهر بردى على بعد خطوات منا يلطف حرارة الجو، ولاحظت أن خالد العظم وضع بجواره جهاز الراديو، وذكر أنه يحضره لأنه يعلم بأننا جميعا نرغب فى الاستماع إلى خطاب عبدالناصر، الذى اعتاد أن يلقيه كل عام فى الإسكندرية بمناسبة مغادرة الملك فاروق مصر».
يضيف «رياض»: «عندما بدأ عبدالناصر فى إلقاء خطابه، تبين أنه لم يوجهه إلى شعب مصر وحده، إنما كان يخاطب العالم العربى وهو يسرد دور الصهيونية ودور الدول الاستعمارية فى المنطقة، وبدأت ألاحظ مدى تأثير الخطاب على السامعين، فكانت الابتسامة تعلو الوجوه عندما يسخر من الدول الاستعمارية الكبرى، ثم يتحولون إلى الإنصات عندما يشير إلى محاولات الدول الاستعمارية لإذلال الدول العربية، وما قدموه من مساعدات لإسرائيل لتمكينها من اغتصاب الأراضى العربية فى فلسطين».
وفيما كانت النخب السياسية السورية على هذا النحو من الاهتمام الذى يذكره «رياض»، كان الشعب السورى على نفس الدرجة، حسبما يؤكد الدكتور عبدالله فوزى الجناينى، فى كتابه «ثورة يوليو والمشرق العربى»، قائلا: «احتشد الآلاف من أبناء الشعب السورى حول أجهزة الراديو فى المحال العامة والمقاهى والبيوت ينصتون باهتمام إلى الخطاب، ولما وصل عبدالناصر فى خطابه إلى تأميم قناة السويس، دوت هذه الأماكن بالهتاف والتصفيق الحاد، وخرجت مظاهرات عدة بشوارع دمشق هاتفة بحياة عبدالناصر».
يتذكر «رياض»: «فى اليوم التالى لم ينقطع الزوار سواء فى مكتبى صباحا أو فى منزلى مساء، والكل يتغنى بشجاعة عبدالناصر وجرأته، ويرون أن هذا القرار استعاد للعرب كرامتهم، وعندما تزايد الاستعداد البريطانى العسكرى فى المنطقة، عقدت اجتماعات مطولة مع بعض القادة السوريين بغرض تنظيم تحرك شعبى حتى تشعر بريطانيا بخطورة تحركها، وتشكلت لجنة تضم عددا كبيرا من النواب من كل الأحزاب، ودعت باسم الشعب السورى كل الشعوب العربية إلى مناصرة مصر، ونظمت اللجنة اجتماعا شعبيا فى يوم 14 أغسطس 1956 فى الملعب الرئيسى للبلدية فى دمشق، وتحول الاجتماع إلى مظاهرة شعبية ضخمة حضرها أكثر من مائة ألف شخص، وكانت الهتافات تدوى: «علم واحد، شعب واحد، وطن واحد».
ويذكر «الجناينى» شكل وخطوات التضامن السورى مع مصر حتى بلغ ذروته فى 16 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1956، قائلا: «أعرب الكثير من السوريين عن رغبتهم فى التطوع للدفاع عن القناة، إذا ما شن الغرب حربا على مصر، إذ بلغ عدد الطلبات التى قدمت فى هذا الشأن حتى يوم 15 أغسطس ما يربو على 20 ألف طلب، كما وقع أكثر من 50 نائبا سوريا يمثلون مختلف الأحزاب والكتل السياسية عريضة رفعوها إلى رئيس الأركان العامة للجيش السورى، مطالبين فيها بالانضمام إلى منظمات المقاومة الشعبية، وتدريبهم على حمل السلاح، وأبدوا جميعا رغبتهم فى السفر إلى مصر ليكونوا إلى جانب أشقائهم المصريين لذود عن القناة».
يؤكد «الجناينى» أن المرأة السورية لم تتخلف عن التضامن مع مصر، ويذكر: «وردت إلى السفارة المصرية برقيات عدد من أعضاء الاتحاد النسائى العربى السورى يؤيدن القرار، ويباركن خطى عبدالناصر، وسجلت نحو مائتى امرأة من أعضاء الاتحاد قيدن أسماءهن فى سجلات التطوع للدفاع عن قناة السويس».
يضيف «الجناينى»: «أيد خطباء المساجد ما جاء فى خطاب عبدالناصر بشأن تأميم القناة، وأصدر الشيخ أبواليسر عابدين المفتى العام للجمهورية السورية فتوى بإعلان «الجهاد المقدس» للدفاع عن القناة»، وبلغت حركة التأييد الشعبى أوج قوتها فى 16 أغسطس، وفقا لتأكيد «الجناينى» مضيفا: «لبى الجميع دعوة اللجنة السورية لنصرة مصر، فشهدت سوريا إضرابا عاما وشاملا، تضامنا مع الشعب المصرى، واستنكارا لعقد مؤتمر لندن، فأغلقت جميع المحال والمتاجر، وتوقفت المصانع وجميع الشركات والمؤسسات الحكومية والأهلية عن العمل، وعطلت حركة الملاحة فى المطارات والموانئ البحرية لإضراب العمال فيها، وفى الساعة الثانية عشرة ظهرا «لحظة افتتاح المؤتمر» وقف الآلاف من السوريين 5 دقائق حدادا على ما أطلقوا عليه «اغتيال الحرية»، واندلعت المظاهرات فى دمشق وحمص وحلب وغيرها من المدن السورية مؤيدة مصر وعبدالناصر، وأعرب المتظاهرون عن استعدادهم للتطوع للدفاع عن القناة».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

عمرو الحلواني لاعب الأهلي يحتفل بالحصول على دبلومة فيفا

بعد حبس المتهمين بحادث انفجار خط غاز طريق الواحات 10سنوات.. سيناريوهات جلسة الاستئناف غدا

رسميًا.. نجل أنشيلوتي يقود بوتافوجو البرازيلي

حياة كريمة تغير حياة المواطنين فى سوهاج.. تشغيل مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي.. 3 محطات مياه و7 صرف صحي بتكلفة 400 مليون جنيه.. تجهيز المحطات بأنظمة متطورة.. ومواطنون : نشكر الرئيس على المبادرة.. صور

بطل من الحماية المدنية.. يصر على عدم النزول من السلم حتى إخماد حريق سنترال رمسيس


المنصورة يحصل على توقيع وحيد محسن لاعب بلدية المحلة

مملكة الحرير.. مواجهة بين الجبل والملك الذهبى بعد سجن الأخير

موتُ الفجأة لا يُحزِن.. وزارة الأوقاف: تذكرة للأحياء بحتمية الموت وقصر الأمل.. الموت المفاجئ ليس حدثاً محزناً.. رحمة للمؤمن المستعد ونقمة للعاصي الغافل.. وموت الفجأة إنذار لخلع ثوب الغفلة

ليبيا تطرد وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومسؤولا أوروبيا

37 مترشحًا بانتخابات مجلس الشيوخ فى اليوم الرابع من فتح باب تلقى الأوراق


بطل ابن بطل.. نور امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من العطاء بحريق رمسيس.. الوالد استشهد فى موقعة الواحات والابن جسد البطولة فى حريق السنترال.. والدته لـ"اليوم السابع": اللي خلف ما ماتش وكلنا فداء مصر

وزارة الرياضة تعلن موافقة مجلس النواب على تعديلات قانون الرياضة

الطقس غدا شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة

اضطراب الملاحة على شواطئ البحر الأحمر وخليجى السويس والعقبة والأمواج 4 أمتار

وزارة النقل تغلق الدائرى الإقليمى فى هذه المناطق

ترتيب الكرة الذهبية 2025.. صدارة فرنسية ومحمد صلاح رابعًا

معركة الحلم العالمى.. تشيلسى يتحدى فلومينينسى فى سباق التأهل إلى نهائى مونديال الأندية.. "البلوز" يستهدفون استعادة أمجاد البطولات.. نجوم السامبا يحلمون بكتابة التاريخ.. وريال مدريد وباريس يترقبان الفائز

هنا الزاهد نجمة موسم صيف 2025 السينمائى بـ3 أفلام فى يوليو

مواعيد مباريات اليوم.. فلومينينسي مع تشيلسي فى كأس العالم للأندية

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يوليو 1972.. إسرائيل ترتكب جريمة اغتيال المناضل والكاتب الفلسطينى غسان كنفانى الذى أخلص لمقولته: «كن رجلا تصل إلى عكا فى غمضة عين»

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى