سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 أغسطس 1849.. وفاة محمد على باشا فى الإسكندرية وأهلها يسيرون خلف نعشه.. وخليفته عباس باشا يمتنع عن حضور جنازته بالقاهرة

محمد على باشا
محمد على باشا
أصيب محمد على باشا بمرض الدوسنتاريا الحادة، فتوجه إلى جزيرة مالطا للمثول فى الحجر الصحى، حسبما يذكر وزيره ومستشاره نوبار باشا فى مذكراته، الذى كان فى الوقت نفسه يرافق إبراهيم باشا ابن محمد على فى رحلته للعلاج أيضا إلى إيطاليا، وتلقوا أثناء ذلك أنباء مرض «الباشا الكبير»، ويذكر:  «مع استفحال المرض لجأ الأطباء إلى دواء عبارة عن محلول نترات الفضة، التى نجحت فى وقف المرض لكنها وبسبب مضاعفاتها نالت من قدراته العقلية التى اضطربت».
 
توجه محمد على إلى نابولى بإيطاليا سنة 1848 بعد رفع الحجر الصحى عنه فى مالطا، وهناك قابل ابنه إبراهيم، يتذكر «نوبار»: «كانت نظرات إبراهيم لوالده كلها قلق وحيرة، فلم يكن من الممكن أن أقول إن محمد على فقد عقله تماما، لأنه فى لحظات ما كان يدرك تماما الحالة التى هو عليها، ويراقب نفسه، فما أن يشعر بأنه سيدخل فى نوبة هذيان يختلى بنفسه فى عزلة تامة محاولا بكل قوة أن يستعيد تسلسل أفكاره، وسواء كان يستطيع هذا أم لا، إلا أن هيئته ومظهره لم يتغيرا، كان على ما هو عليه منذ أن عرفته، محتفظا بهيبته الكبيرة، وبالقدرة الفائقة على أن يظل أنيقا ونظيفا إلى حد التبلور داخل هذه الأناقة والنظافة، كانت عيناه دائما متيقظتين ونشطتين، يجلس وركبتاه نصف مثبتين، ودائما خنجره فى متناول يده».
 
بعد العودة إلى القاهرة فى إبريل 1848 بدأت المشكلات، يذكرها «نوبار» قائلا: «لم يكن فى استطاعتنا إعلان جنون محمد على، ولا الاعتراف بسلامة قواه العقلية، لذلك قررنا عدم تغيير أى شىء فى سير الأمور من الناحية الشكلية، ولجأ النظار ورؤساء الإدارات إلى إبراهيم لتلقى الأوامر أو عرض مقترحاتهم عليه، ورفض إبراهيم فكرة تكوين مجلس وصاية برئاسته، كما رفض قبول منصب الحاكم العام فى مصر دون ولاية، وفى 13 يونيو 1848 صدر فرمان عثمانى بمنحه الولاية فى حياة أبيه».
 
فى 10 نوفمبر 1848 توفى إبراهيم فى حياة والده، يذكر «نوبار»: «عندما أخبروا محمد على بوفاة ابنه، رد: «كنت أعرف، لقد حبسنى، كان قاسيا معى، كما كان مع الجميع، لقد عاقبه الله وأماته، لكنى أجد نفسى لكونى أبيه من الواجب على أن أترحم عليه له الله».. يؤكد «نوبار» أن محمد على عاش بعد هذه الكلمات تطارده دون هوادة فكرة أنه ما زال محبوسا، يضيف: «كنت فى سراية شبرا يوم 28 نوفمبر 1848 حين أتاه حفيده «عباس» ليقبل يده قبل سفره إلى القسطنطينية للحصول على فرمان الولاية، فقال له الجد: «لقد لعنت إبراهيم، لأنه حبسنى ولذا قبض الله روحه، فلا تتصرف نحوى مثله، إذا كنت تريد ألا ألعنك أنت أيضا، فطمأنه عباس وقبل يده مرة أخرى قائلا: أنت سيدنا وستظل كذلك دائما».
 
يضيف «نوبار»: «بعد وفاة إبراهيم كان أبوه كلما أفاق من غفلته الذهنية المستمرة، يطوف شوارع القاهرة فى حراسة مماليكه وسط جموع الناس التى تنظر إليه باحترام، ويرون فيه أحد المجاذيب، كانت الناس تقول إنه قبل رحيل إبراهيم بوقت كبير إلى القسطنطينية لطلب الولاية، رأى محمد على رؤيا عن سفر ابنه وولايته وعودته ثم وفاته».
 
هكذا مضت أيام محمد على الأخيرة، حتى طرق الموت بابه فى 2 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1849، ونقل جثمانه إلى القاهرة، وفى 4 أغسطس وضع نعشه فى مسجد القلعة الكبير، حيث حدد هو قبره، يذكر الدكتور محمد صبرى السوربونى فى كتابه «الإمبراطورية المصرية فى عهد محمد على والمسألة الشرقية»، أنه بتاريخ 5 أغسطس 1849 كتب القنصل الفرنسى تقريرا جاء فيه: «فور انتشار شائعة وفاة محمد على فى الإسكندرية، أغلقت المحال التجارية والوكالات أبوابها تلقائيا ودون أى اتفاق مسبق، خصوصا فى الحى الإفرنجى، كما نكست كل القنصليات راياتها، وسار كل سكان الإسكندرية خلف نعشه دون تفرقة فى الدين أو الجنسية، وبدت مظاهر الحزن والحداد الجماعى مصاحبة للجنازة، فى النوافذ وعلى أبواب البيوت وجميع الشوارع».
 
كان المشهد فى القاهرة عكس ما جرى فى الإسكندرية، حسبما تذكر الدكتورة عفاف لطفى السيد فى كتابها «مصر فى عهد محمد على»، ترجمة عبدالسميع عمر زين الدين، ومراجعة أمين السيد شلبى، قائلة: «وصف موراى القنصل البريطانى مراسم الجنازة، التى استقبلها عند بولاق بالقاهرة، كل أعضاء الأسرة الأحياء، باستثناء الوالى الجديد عباس باشا، كان حفل الجنازة عملية هزيلة تعيسة للغاية، لم تدع الهيئة القنصلية للحضور، ولم تغلق الحوانيت أو المكاتب الرسمية، وباختصار ساد انطباع عام بأن عباس باشا  أبدى لذكرى جده الجليل عدم احترام يستحق الإدانة، بأن سمح لموكب جنازته أن يكون على هذه الصورة الحقيرة، وتعمد أن يتخلف عن حضور الموكب بشخصه».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مقترح الرابطة يمنح قبلة الحياة لـ3 أجانب فى الأهلي قبل مونديال الأندية

400 فرصة متاحة.. فتح باب التطوع لخدمة الحجاج بالحرمين.. اعرف التفاصيل

الزمالك يسدد 2 مليون يورو فى 5 أيام لإنهاء أزمة إيقاف القيد

موعد مباراة الزمالك ووداد سمارة المغربى فى الكؤوس الأفريقية لليد

أكرم توفيق يخوض اللقاء الأخير بقميص الأهلى أمام فاركو.. اعرف التفاصيل


التحريات بسرقة الدكتورة نوال الدجوي: أحد المترددين على الفيلا وراء الواقعة

وزارة العمل تعلن فرص عمل جديدة فى الصيدليات برواتب تصل لـ9400 جنيه

تطورات تمديد عقد حمزة علاء مع الأهلى بعد رفض عرض الزمالك

النيابة تحقق فى سرقة ملايين الدولارات من مسكن الدكتورة نوال الدجوى بأكتوبر

أمن الجيزة يفحص مشتبه بهم لكشف هوية المتهم بسرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوي


فحص كاميرات المراقبة لكشف هوية المتهم بسرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوي

ماذا كتب الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين فى وصيته قبل إعدامه بساعات؟

تفاصيل إتاحة الحجز المسبق على القطارات المسافرة خلال إجازة عيد الأضحى 2025

مواعيد مباريات اليوم.. برايتون ضد ليفربول والجزيرة مع الوحدة

مواعيد مباريات الجولة الثامنة من مرحلة حسم الدوري والقناة الناقلة

وزارة العمل تجدد تحذيرها للمواطنين: جميع خدماتنا مجانية ولا وسطاء فى الوظائف

وزارة التعليم: 4 سنوات سن التقدم لـ"kg1" بالمدارس الرسمية للغات لعام 2026

جولة بالأتوبيس الترددى بعد التشغيل التجريبى للمرحلة الأولى بإجمالى 14 محطة.. يعمل بالكهرباء ومدعم بكاميرات مراقبة وهذا سعر التذكرة.. أنفاق داخل المحطات لربطها بجانبى الطريق.. والميكروباص لن يعود.. صور

بيان هام بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025

صفقة دين هويسن تقتحم تاريخ ريال مدريد بأرقام قياسية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى