الحوار الوطنى.. نطلب الديمقراطية ونعمل بها

أكرم القصاص
أكرم القصاص
عندما نتحدث عن توسيع المجال العام، وحرية الرأى والتعبير، فإن هذا مرهون بقواعد وقوانين تحكم الجميع، ومواثيق يفترض أن تكون مقياسًا متوافقًا عليه، وبالتالى يصعب اعتبار التقارير المغسولة أو الشائعات والمعلومات المفبركة من بين حرية التعبير عن الرأى، لأنها تتعلق بمنصات تحصل على تمويل لنشر الشائعات أو فبركة أرقام وتقارير غير صحيحة، اعتمادًا على «مصادر مجهلة ومتعامدة ومتقاطعة».
 
ونفس الأمر فيما يتعلق بالقذف والسب والتشهير والاعتداء على الخصوصية، وهى مخالفات فى كل قوانين العالم، وهناك غرامات وتعويضات ضخمة للمضارين ومن تنتهك خصوصيتهم، وفى كل قوانين العالم فإن من حق كل من يتم اتهامه أو التشهير به أن يلجأ للقضاء للحصول على حقه، وإلا تحول الأمر إلى فوضى، وفى كل قوانين العالم من يحرض على الحرق والقتل والتدمير يرتكب جريمة، ولا يمكن اعتبار التحريض أو الحرق والتخريب نضالًا ولا بطولة. هذا هو ما يجرى فى العالم كله ومن يطالب بالديمقراطية عليه أن يخضع لها ولقواعدها، ويعمل بها، ولا يكتفى بمطالبة الآخرين بتطبيقها بعيدًا عنه، هذه البديهيات تتوه أحيانًا فى زحام الضجيج، حيث يطالب البعض بالديمقراطية وسيادة القانون على غيرهم، ويصرخون إذا اقتربت منهم.
 
ومنذ بدأت دعوة الحوار الوطنى، هناك من قبل ورأى الخطوة إيجابية وإضافة، وهناك من تحفظ أو قاطع، لكن أهم ما يقدمه الحوار هو بناء الثقة، وفتح مجال للنقاش حول الحاضر والمستقبل، ومن الصعب فى ظل تحولات النشر والمنصات أن يدعى شخص ما أنه ممنوع من التعبير عن رأيه، لكن مثلما يفترض أن لدى التيارات السياسية والأهلية مطالب، فإن لدى الأطراف الأخرى أيضًا مطالب، نقول هذا بمناسبة ظاهرة تتميز بها بعض التيارات السياسية، وهى التعامل مع الحرية بازدواجية، وعند أول خلاف فى الرأى يتم تبادل الاتهامات، وممارسة المنع و«البلوك» بين أطراف أى حوار. 
 
ومنذ بداية الدعوة للحوار الوطنى، قلنا إن أهم خطوة فى الدعوة أنها فتحت الباب لمناقشات وآراء متنوعة، وهذا فى حد ذاته يمثل نقطة إيجابية، والأهم هو بناء الثقة وإقامة جسور بين الدولة والتيارات السياسية والمنظمات الأهلية، من جهة وبين هذه التيارات والمنظمات وبعضها، وهذه الثقة هى الأرضية التى يمكن أن تمهد لجمع الشمل والبناء على ما تحقق خلال السنوات الماضية، واستعادة وحدة الصف لتحالف 30 يونيو، لأن بناء الثقة يسمح باتساع مجال التفاهم وتحديد نقاط أساسية، وبعد إقامة هذه الجسور يمكن أن تكون هناك مساحات للتفاهم والتحاور.
 
ويجب الاعتراف أن هناك خلافات بين التيارات السياسية والحزبية حسب توجهاتها، ربما أكثر مما بينها وبين الدولة، لكن نجاح الحوار هو قدرة كل هذه التيارات على تقبل بعضها، بحثًا عن مطالب تحظى بتوافق، دون الدخول فى مواجهات واشتراطات قد تشتت الأمر، وأن تكون هذه التيارات مستعدة لتقبل الأسئلة، حول نفسها ووزنها النسبى، وربما أيضًا اعتبار الحوار يشمل قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية، بين تيارات لها انتماءات متنوعة، يسارًا ويمينًا.
 
الحوار يفترض أن يفتح المجال للنقاش بين التيارات السياسية وبعضها، وليس فقط بين حكومة ومعارضة، حيث يحمل كل تيار تصوراته السياسية والاقتصادية ورؤيته للأولويات بشكل يتناسب مع أسسه الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، ونقصد يسارًا ويمينًا، وإن كان الواقع الاقتصادى العالمى اليوم أسقط الكثير من الحواجز التى تفصل بين الأيديولوجيات المختلفة، العالم كله يتغير أسرع وأعمق من كل تصور، وتحولات فى النفوذ والحركة، والتعامل مع كل التفاصيل حسب قوتها وانعكاساتها، وأول خطوة للحوار هى القدرة على تفهم الاختلافات والتنوع بين التيارات والأفراد، والانطلاق من تفهم مشترك نحو المستقبل.
 
وقد أنتجت التحولات التى شهدها العالم على مدى العقود الأخيرة من ثورات التكنولوجيا والاتصال ومنصات التواصل الاجتماعى، تغيرًا من شكل السلطة وممارستها فى العالم كله، ويفترض أن تضع الأحزاب والتيارات المختلفة هذا كله فى الاعتبار، وأن تتيح لبعضها ولغيرها حق التعبير عن الرأى، لكن الواضح أن هناك من بين التيارات السياسية من يطلب حرية التعبير لنفسه فقط ويمنعها عن غيره، ويعطى لنفسه الحق فى اتهام الآخرين فى ذممهم أو فى شخوصهم، وعند اللجوء للقانون يصرخ الشتام بأن حريته مقيدة، وهو هنا يقصد حرية اتهام الآخرين أو إطلاق الشائعات أو التجاوز فى حق من يختلفون معه. الواقع أن الديمقراطية للجميع، وأن من يطالبون بها عليهم أن يقبلوا حكمها وحكم القانون.
P.8

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فيريرا يرفع شعار المفاجآت قبل مواجهة المقاولون في دوري Nile

كل ما تريد معرفته عن المعهد الشرطى الصحى.. الشروط والمجموع المطلوب للتقديم

ليفربول يبدأ رحلة الدفاع عن لقب الدوري الإنجليزي ضد بورنموث الليلة

24 عاما على أصحاب ولا بيزنس.. إضافة الانتفاضة الفلسطينية بعد التأثر بالحلم العربى

المؤبد وغرامة تصل 5 ملايين جنيه عقوبة إغراق المخلفات الخطرة فى البحر


الزمالك يختتم استعداداته لمواجهة المقاولون بالدورى

تعرف على قائمة أغنيات فيلم الرومانسية Materialists

أسرع قطارات السكة الحديد.. اعرف مواعيد قطار تالجو اليوم الجمعة 15-8-2025

البرازيلي خوان ألفينا يترقب الظهور الأول مع الزمالك

مجلس الشيوخ المصرى رحلة قرن ونصف من التشريع والحكمة.. من 1829 إلى 2024 ألغاز وحقائق تنكشف.. حكاية 9 ساعات فقط عُمر دورة انعقاد كاملة عام 1925.. تم حله 5 مرات ومازال صامدا.. المجلس رفضته الثورات وأعادته الدولة


91 مليون دولار عالميا لفيلم Weapons حول العالم

ليلى علوى: الحمد لله أنا كويسة ومحبتكم نعمة من عند ربنا (فيديو)

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15-8-2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة

نتائج مباريات اليوم الخميس 14 – 8 - 2025 بالدورى المصرى

بيان الفصائل الفلسطينية: نقدر الجهود المصرية الكبيرة بقيادة الرئيس السيسى

رجل يلاحق زوجته بسبب تحايلها بمستندات مزورة للزج به فى السجن.. التفاصيل

بيراميدز يهزم الإسماعيلي ويحصد أول فوز بالدورى فى مباراة البطاقات الحمراء

كاسيميرو: محمد صلاح الأجدر بالكرة الذهبية 2025

مواعيد عرض "بتوقيت 2028" ثانى حكايات مسلسل ما تراه ليس كما يبدو

الشوط الأول.. المصري يتقدم على طلائع الجيش 1-0 بأقدام صلاح محسن (فيديو)

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى