ذكرى موقعة مرج دابق.. طومان باى حارب العثمانيين حتى النهاية

طومان باي
طومان باي
عبد الرحمن حبيب

تحل اليوم ذكرى موقعة مرج دابق التي دخل على أثرها العثمانيون مصر وقد وقعت في 24 أغسطس من عام 1516 بين المماليك والعثمانيين في حلب بسوريا.

يقول جرجى زيدان في كتابه مصر العثمانية: كان العثمانيون في سوريا قد توقفوا للاستراحة، فظن "طومان باي" أن الرمال المتراكمة بين سوريا ومصر، تحول بين العثمانيين وما يريدون، إلا أن الأمر لم يكن كما ظن؛ لأنه لم يكد يتم إعداداته حتى أتاه كتاب السلطان سليم إلى القاهرة، وهذا نصه:

من السلطان سليم خان بن السلطان با يزيد خان سلطان البرين وخاقان البحرين السلطان، إلى طومان باي الشركسي: الحمد لله، أما بعد؛ فقد تمَّت إرادتنا الشاهانية، وباد إسماعيل شاه الخارجي، أما قنسو الكافر، الذي حملته القحة على مناوأة الحجَّاج، فقد نال جزاءه منا، ولم يبقَ لدينا إلا أن نتخلص منك؛ فإنك جار "عدو"، والله سبحانه وتعالى يساعدنا على معاقبتك، فإذا أردت اكتساب رحمتنا الشاهانية اخطب لنا، واضرب النقود باسمنا، وتعالَ إلى أعتابنا وأَقسِم على طاعتنا والإخلاص لنا وإلا

فلما قرأ طومان باي الكتاب، وما في ذيله من التهديد المستتر، استشاط غيظًا، وأصرَّ على المقاومة وكان عالمًا بعجزه، لكنه فضَّل الموت في ساحة الحرب على التسليم، فزاد في حصون دمياط وغيرها من الحدود السورية، وجمع ما أمكنه جمعه من الرجال، وسار لملاقاة العثمانيين حتى أتى الصالحية فعسكر هناك.

أما السلطان سليم، فسار إلى مرج دابق وافتتح غزة والعريش والقطيعة، ثم علم مقر الجيوش المصرية في الصالحية، وما هم فيه من العزم على المدافعة بشدة بأس، فعرج بجيشه تاركًا الصالحية عن يمينه، وسار حتى أتى الخانكاة على بضع ساعات من القاهرة.

فلما بلغ «طومان باي» تقدُّم العثمانيين إلى هذا القدر، عاد بجيشه لمهاجمتهم من الوراء، فالتقى الجيشان في سهل قرب «بركة الحج» يوم الجمعة في 29 ذي الحجة سنة 922 هجرية، واقتتلا طويلًا، والمصريون يحاربون ببسالة شديدة. لكنهم لم يكونوا يعرفون البارود ولا المدافع كما قدمنا، ولا يعرفون استخدامها، فكانت الغلبة للعثمانيين. ففر المصريون إلى القاهرة، وعسكر العثمانيون في الروضة. فجمع إليه «طومان باي» عددًا كبيرًا من العربان، بعد أن أرضاهم بالمال، وهجم على معسكر السلطان هجمة اليأس فلم ينل منهم وطرًا. فعاد إلى القاهرة على نية مواجهة الحصار، فزاد في حصونها واستحكامها. وحصَّن القلعة تحصينًا عظيمًا، وأقام في كل شارع وفي كل بيت طابية للدفاع، وحمل السلاح كلُّ من يستطيع حمله للدفاع عن الوطن ولكن رغم هذه الإعدادات، وما أظهره «طومان» من البسالة والإقدام، وما سعى فيه أمراؤه، لم تنجُ القاهرة من أيدي العثمانيين، فإنهم دخلوها عنوة وأمعنوا فيها قتلًا ونهبًا وحرقًا.

لا غرو إذا غُلبت المماليك على أمرهم بعد ما علمتَ من اضطراب أحوالهم وتغيُّر قلوبهم، وخلو خزائنهم من المال، فالعسكر كيف يحارب بلا مال؟ فقد كانوا في الحرب يأتون إلى القلعة للاستيلاء على جامكيتهم فيجيبهم ولاة الأمر «ليس في هذا اليوم جامكية لأن البلاد خراب والعرب مشتتة في الطرقات.» وكان لهم ستة أشهر لم يقبضوا رواتبهم من اللحم ونحوه. ومن أسباب الكسرة أن جند المغاربة الذين كانوا في مصر، توقفوا عن المحاربة، وقالوا نحن لا نحارب المسلمين، لا نحارب إلا الإفرنج.

ومع ذلك فإن "طومان باي" لم يألُ جهدًا في ترغيب الجند في الاتحاد والدفاع عن الوطن وشدَّد عزيمتهم وسبك مناصل، وعمل بندق الرصاص، وأكثر من الرماة.

ولكن الرعب كان سائدًا على أهل القاهرة، وعلى الجند، وهؤلاء إنما خرجوا للحرب لأن السلطان كان يجاهد بنفسه، حتى في بناء الاستحكامات، وكان يحمل حجارة بيده لبناء خطوط النار أو حفر الخنادق.

على أن جماعة من رجاله، انحازوا سرًّا إلى العثمانيين وأهمهم خاير بك صاحب حلب الذي تقدَّم أنه قامر على الغوري فكان عونًا للعثمانيين، ودسيسة لهم عند المصريين. وزِد على ذلك أن المماليك كانوا في عصر الانحلال، والعثمانيون في أوائل دولتهم، وقد جاءوا بالمدافع والبارود، ﻓ «طومان باي» جاء متأخرًا، وقد فسدت الأمور، فلم يستطع إصلاح شيء، رغم ميله الشديد إلى ذلك. وشدة إخلاصه في الدفاع عن الدولة والوطن وشأنه في ذلك شأن «مروان بن محمد» آخر خلفاء بني أمية فإنه كان حازمًا، شجاعًا، حسن النية، لكنه جاء متأخرًا فلم يمنع سقوط دولة بني أمية ولا منع طومان باي سقوط دولة المماليك.

فلما انهزم المماليك، وقد غلبوا على أمرهم، وتعقبهم العثمانيون إلى القاهرة. أخذوا في نهبها، وقد تعود أهلها ذلك في زمن المماليك إذا اختلفوا بينهم، فالعثمانيون أخذوا في نهب بيوت الكبراء، ودخلوا الطواحين، وأخذوا ما فيها من البغال والأكاديش، وأخذوا جمال السقايين، وصاروا ينهبون ما يلوح لهم من القماش إلى القروب وتوجهوا إلى شون القمح بمصر وبولاق.

وفي سلخ سنة 922 ﻫجرية، دخل الخليفة المتوكل القاهرة، ومعه وزراء السلطان سليم والجم الغفير من العساكر العثمانية.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بيراميدز بعد قرار عدم خصم نقاط من الأهلي: هنجيب حقنا من كاس.. وهنكمّل الدوري

خبير لوائح: من المرجح إلغاء قرار لجنة التظلمات من المحكمة الرياضية الدولية

لجنة التظلمات ترفض إعادة مباراة القمة وتكتفى بنقاط هزيمة الأهلى أمام الزمالك

لجنة التظلمات تصدر قرارها في أزمة القمة دون خصم نقاط من الأهلى نهاية الموسم

أسباب تأخر قرار لجنة التظلمات باتحاد الكرة في أزمة مباراة القمة


بالطبول والهتافات.. شاهد كيف استقبلت الإمارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب

منافس الأهلي.. إنتر ميامي يجدد عقد جوردي ألبا حتى 2027

رابطة الأندية تقدم حيثيات قراريها بخصم 3 و6 نقاط للجنة التظلمات

تقرير الصحة العالمية 2025 يكشف انخفاض متوسط العمر نتيجة "اكتئاب كورونا"

"صفعة وشلوت".. شاهد علقة وزير الأمن القومى الإسرائيلى وزوجته بشوارع القدس


الزمالك يحول 983 ألف يورو لـ بو طيب ويجهز مستحقات باتشيكو

حبس طالب وفرد أمن فى واقعة محاولة الامتحان بدلا من رمضان صبحى 4 أيام

تأجيل محاكمة عامل متهم بقتل زوجته فى الطالبية لجلسة 15 يوليو المقبل

أسوشيتدبرس: ترامب يزور جامع الشيخ زايد الكبير فى أبو ظبى

البنك يستهدف المربع الذهبى من مواجهة الأهلي في الدوري

كم يبلغ ثمن قلم "مونت بلانك" هدية تميم لترامب؟

ترامب يهدد بعودة الضربات العسكرية ضد الحوثيين

ليلة من اللهب على ضفاف النيل.. تفاصيل حريق منتصف الليل على كورنيش المنيل

مقتل إنفلونسر فى المكسيك خلال بث مباشر.. والسلطات تؤكد إجراء تشريح للجثة.. صور

10 محطات رئيسية لقطار مشروع قانون الإيجار القديم.. ينطلق بحكم تاريخى من المحكمة الدستورية.. الحكومة تتقدم لمجلس النواب بمشروع قانون.. المجلس يجرى حوارا مجتمعيا.. ويوجه رسائل طمأنة: لن ننحاز للمالك أو المستأجر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى