الخليفة والإمام

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
أتذكر فى مثل هذا اليوم تولى الخليفة المأمون، ابن هارون الرشيد، الخلافة سنة 198 هجرية بعد مقتل أخيه محمد الأمين، وهذه قصة أخرى لا مجال للخوض فيها، لأنها مؤلمة جدًا وأرست سنة سيئة في التاريخ الإسلامي (قتل الأخ من أجل السلطة)، لكن المهم أن المأمون من جانب آخر كان له ميل للمعتزلة وأفكارهم، وبالمجمل كان مهتمًا بالعقل والعلم وفى عصره حدثت نهضة علمية وثقافية مهمة.
 
ومع اهتمام المأمون بالعلم والعقل فقد ارتكب خطأ كبيرًا، إذ راح يفرض أفكاره على الجميع، وهو بهذا الأمر لم يختلف عن تعصب من كان قبله، هم يفرضون رأيهم وهو يفرض رأيه، وأخطر ما فرض رأيه فيه القول بأن القرآن مخلوق، وهى المحنة الكبرى المعروفة فى التاريخ الإسلامى بـ"محنة خلق القرآن".
 
وقد قرب الخليفة المأمون رجال المعتزلة من مجلسه وجعلهم فاعلين نافذين، وهم ليسوا سواء فى العقل والرغبة فى خدمة الإنسانية، فمنهم الصالح الباحث عن بناء الحضارة الإنسانية، ومنهم الأفاق الباحث عن المصلحة الشخصية، ومن هؤلاء كان أحمد بن أبى دؤاد، وكان مقربا من المأمون، وهو من أوعز للمأمون أن من يخالف فى القول بخلق القرآن فهو يخالف الدولة ويقف ضد المأمون شخصيا.
 
انطلقت الفتنة وراح المأمون يمتحن الناس، فيثبت القائل بخلق القرآن في مكانه ومنصبه ويعزل من يختلف معه فيقطع رزقه وقد يسجنه ويجلده، وقد عانى الناس الأمرين، وممن عانى من هذا الأمر الإمام البخاري والإمام أحمد بن حنبل.
 
الإمام أحمد بن حنبل، وهو من هو في أهل السنة، وما كان له أن يفكر في هذ القضية أصلا، لأنه يؤمن بأن "القرآن كلام الله لا أقول مخلوق أو غير مخلوق"، لكن هذا الكلام لم يقنع الخليفة ورجاله، لذا وجب أن يكون أحمد بن حنبل واضحا ومحددا فقال "إن القرآن ليس بمخلوق؛ لأن المخلوق فان، وحاشا لكتاب الله أن يعد في الفانين"، وبهذا أصبح ابن حنبل عدوا للخليفة، الذي أمر بأن يأتوا بابن حنبل إلى مقر الحكم في بغداد، ونفذ الجنود الأمر فألقوا القبض على الإمام، وعاملوه معاملة أهل المجرمين وهو ليس كذلك.
 
ومات المأمون قبل أن يصل الإمام إليه، وكان المفروض أن ينتهى هذا الأمر لكنه لم يحدث، ولا أعرف لماذا لدي اعتقاد بأن المأمون ما كان سيؤذي الإمام، ربما كان سيحاوره، لا أعرف لكن في ظني أن الأمر كان سيتحرك في طريق مختلف، عما آل إليه الأمر.
 
مات المأمون في سنة 218 هجرية، وجاء المعتصم، وحسبما يشير البعض بأن المعتصم في البداية لم يكن متحمسا للاستمرار في هذا الأمر، لكن أحمد بن أبي دؤاد أكد له أن التخلي ليس في صالح الحكم العباسي، وأن المخالفين إنما يهينون الخليفة شخصيا، ولأن المعتصم ليس رجل علم وثقافة، لكنه رجل سياسة وسلطة، لذا تعامل بكل قسوة مع الإمام أحمد، فحدث ما تعرفون من "سجن وتعذيب".
 
كنت أريد أن أكتب هنا دفاعا عن المأمون ولكن تأكد لي أثناء الكتابة أنه متورط بالفعل في هذه المحنة، وأنه لم يروض العلم، بل العلم هو الذي سيطر عليه وجعل منه "أصوليا" لا يختلف كثيرا عن أي متعصب لفكرته ومدافع عنها لدرجة ظلم الآخرين.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

السيولة

السيولة الثلاثاء، 22 أغسطس 2023 11:44 ص

من يملك مفاتيح الجنة؟

من يملك مفاتيح الجنة؟ الإثنين، 21 أغسطس 2023 01:35 م

مكتبات الشارع.. من المسئول؟

مكتبات الشارع.. من المسئول؟ الأحد، 20 أغسطس 2023 11:21 ص

الحزن فى أفغانستان

الحزن فى أفغانستان الأربعاء، 16 أغسطس 2023 12:17 م

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

الطلائع يبحث عن مباراة ودية الأربعاء استعداداً للموسم الجديد

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية

مواعيد مباريات اليوم السبت 12 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة


إخماد حريق في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان دون إصابات

تسونامى المخدرات يهدد أمريكا اللاتينية.. الكوكايين ينتشر فى البرازيل ويضرب 11 مليون متعاطى.. السباق التكنولوجى للتجار فى كولومبيا يؤجج المخاوف.. "مخدر الزومبى" يثير الرعب فى المكسيك.. والفنتانيل ينتشر فى تشيلى

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

تشيلسى ضد باريس سان جيرمان.. أوبتا تحسم المتوج بكأس العالم للأندية

وسام أبو على يُخطر الأهلى بالانتظام فى التدريبات الإثنين رغم أزمة العروض


إبراهيم عبد الجواد: الأهلى استقر على بيع عبد القادر لسيراميكا بـ20 مليون جنيه

خفة دم تامر حبيب مع إنجي علي على أغنية "خطفونى" لـ عمرو دياب

قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة سوهاج

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

خبير أمنى يكشف أسباب تجدد حريق سنترال رمسيس

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

السفارة المصرية فى بلجيكا تنجح فى استرداد قطعتين أثريتين مصريتين.. صور

تعرف على تكلفة دورات الرخص التدريبية لموسم 2025/2026

تشيلسي يبحث عن إنجاز تاريخي فى نهائي مونديال الأندية ضد باريس سان جيرمان

حارس الأهلى يدخل ضمن الصفقة التبادلية مع سيراميكا لحسم ضم محمد شكرى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى