نخبة موازية ومساحات رمادية

حينما يؤمن الشخص بقناعاته فإنه بالتأكيد يرتاح فى سلوكه، و حينما تختلف قناعات الشخص عن تصرفاته، حينها يحدث الخلل و الاضطراب، وهو ما يطلق عليه أكاديميا نظرية "التنافر المعرفى"، و هنا لا نتحدث عن مثالية نريد الخوض فيها، أو عالم المدينة الفاضلة، لكننا نطرح فكرة التفاعل و المداومة بين السلوك و القناعات، وذلك أساس صناعة _ من وجهة نظرى_ النخبة الحقيقية التى يمكنها أن تتبنى القضايا وتدافع عنها وتعمل على نجاحها، و حتى فى طريقة نقدها و نقضها للسياقات، لديها استيعاب لوسائل التعديل والاضافة والحذف، فلا هى تمشى وراء هواها فى الاعتراض، ولا ترتكن لمساحات الدفء فى التأييد والمناصرة، بل تفعل ماهو واجب وموضوعى من منطلق دورها التاريخى، لأن النخب هى التى تشكل صورة الدولة وقوامها واستدامتها، و كل مساحة تتركها النخبة الحقيقية المؤسسة على وسائل صحيحة، كلما فتح ذلك المجال لتنشيط النخب موازية، وتلك النخب الموازية لايمكن وصمها بالسلبيات، و فى نفس الوقت لا يمكن الاطمئنان لانطباعاتها، فهناك بطبيعة الحال تشويش لديها، وربما دواخل قد تؤثر فى سيرها وطرحها للأفكار على الجمهور، و هناك دائما محاولات جذب لدى عناصرها، يزدهر ذلك الجذب بالتعرض لشخصيات ومواقف بعينها.

وما بين النخب الحقيقية والنخبة الموازية فيصل رئيسى وهى المراحل التاريخية فى عمر الأوطان والأمم، فهناك دائما شد وجذب بين الطرفين، والمنتصر فى النهاية هو من يمتلك قناعات حقيقية يدافع عنها ويشرحها ولا يمل من ذكرها وتفنيدها، وكذلك مواجهة الأسئلة المضادة والموجهة، و هنا المفرزة الحقيقية، أو كما يقول أحد أصدقائى "درجة الايمان بالقناعات"، فهناك بالفعل درجات فى القناعات، يتحكم فيها الخلفية السياسية والثقافة والقراءة والمتابعة و قراءة بعين منصفة للاجراءات المعلنة والسرية أيضا، فكل تلك أمور تبرهن على مدى قناعة الفرد وعدم قناعاته، و أخطر ما فى أى نخبة سواء نخبة حقيقية أو موازية، أن ينحصر أعضائها نفسيا، فيتركون مسار الاشتباك والمواجهة والتوضيح، ويذهبوا للمساحات الرمادية، وهى المناطق التى يضيع فيها الموقف، وتعوم فيها الآراء، فيظن الشخص أن ذلك أكثر أمانا له، لكنه _ للأسف_ يضيع فيها ويساهم فى تشتيت العقل الجمعى فى النهاية، و هذه المساحة بين الأبيض والأسود، مساحة تدمر الأمم، و تقصف أحلام المقتنعين، حتى وإن حافظت على موقع الشخص، لكنها لن تضمن له فى النهاية أي تاريخ يذكر.

وخطورة المواقف الرمادية أن تبعاتها تؤثر فى المجموع، أي أنه كلما زاد شخص فى تلك المساحة، كلما فقدت النخبة سلاح يمكن أن يساهم فى تدعيم الموقف العام، وهنا يظهر دور الفواعل فى النخب، فعليهم دورُ كبير فى تنشيط الأرض، ودعم المواقف بالمعلومات، وتحفيز وسائل الانتماء، والتذكير بالمجريات والسياقات التاريخية والحاضرة، ولماذا نذهب للمستقبل من خلال السياق الحالى تحديدا، وهذه التحركات مطلوبة وبقوة لشد عضد الكتلة الصلبة فى النخب المستهدفة، ولا يمكن الكسل فيها أو التهاون، و كلما زادت مساحة المشاركين فى عملية تنشيط الأرض، كلما زادت مساحة وقوة النخبة التى تقوم بذلك، سواء نخبة حقيقية، أو نخبة موازية، وفى المراحل التاريخية يجب أن يكون هناك دائما وسائل التذكير والتحفيز و التنشيط لكل ماهو ينتمى للصورة العامة للنخبة، فيصبح الجميع تروس تدور وتطحن وتنتج وتدير وتنفذ، وهذه مهمة أول لحظة فيها تماثل آخر لحظة، وآخر لحظة هذه لا يمكن التخطيط ليها وتحديد موعدها، خاصة فى ظل استمرارية الاستهداف المضاد.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

النصر ضد الأهلى.. ركلات الترجيح تحسم كأس السوبر السعودي " فيديو "

أبناء الجالية المصرية بميلانو يعلنون دعم مواقف الدولة وينضمون لـ"وطنك أمانة"

"23 أغسطس" فى ذاكرة الحركة الوطنية.. يوم تتقاطع فيه مسارات زعماء الوفد.. وفاة سعد زغلول ومصطفى النحاس.. وإحياء الحزب بعد سنوات من التجميد على يد فؤاد سراج الدين

صاحبة دعوى تعويض ضد الزمالك: تلقيت 1000 مكالمة سب وتنمر عقب نشر إعلان الدباغ

بعد حالات غرق شاطئ "أبو تلات" احذروا شواطئ غرب الإسكندرية.. "ملتم" أغسطس يسبب تيارات شديدة ودوامات.. الهانوفيل فى المقدمة بسبب "المقبرة".. و"أبوتلات" فى المرتبة الثانية بسبب تيارات مصب النيل..


سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

بيرس بروسنان يدلي بتصريح صادم حول تجسيد شخصية جيمس بوند مرة أخرى

محمد مكي يعالج الأزمة الهجومية في المقاولون قبل مواجهة بتروجت

بعد إعلان المجاعة..ناجون من الهولوكوست يطالبون إسرائيل بوقف تجويع أطفال غزة

جينيفر لوبيز تستمتع بحياتها بعد الطلاق وتعلن انتهاء رحلتها مع الزواج


4 لاعبين في الزمالك يترقبون الظهور الأول مع فيريرا أمام فاركو

عودة ليفاندوفسكي لقائمة برشلونة أمام ليفانتي في الليجا.. وغياب دي يونج

جلسات دعم نفسى لـ محمد الشناوى في الأهلى قبل مواجهة غزل المحلة

160 مليار جنيه لدعم السلع التموينية بموازنة 26/25.. قفزة لحماية ملايين الأسر

محمد مكي يستعين بوادي دجلة لاستكشاف بتروجت قبل صدام الدوري

شيرين عبد الوهاب: ياسر قنطوش لا يمثلنى قانونيا ولدى الخبرة الكافية لاتخاذ قرارتى

تفاصيل الاعتداء على شاب أثناء سيره بصحبة زوجته فى الحوامدية

انطلاق الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري غدا بـ 3 مواجهات قوية

هل تفلت هدير عبد الرازق من الحبس.. تعرف على موعد الحكم عليها

وزيرا خارجية إيران وروسيا يبحثان هاتفيا تطورات "الملف النووي"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى