لن أكتب فى البصارة

زكى القاضى
زكى القاضى
زكى القاضى

فى واقعة طريفة بكتاب هوامش المقريزى للكاتب الراحل صلاح عيسى، وهو من أفضل الكتاب المصريين الذين تناولوا التاريخ فى شكل روائي، ذكر قصة حدثت فى العصر الفاطمى، حينما كان خطباء المساجد يتحدثون حول أمور دينية تعارض مذهب الفاطميين، باعتباره مذهبا مخالفا لجمهور المصريين، فقرر المسئولون حينها منعهم، فقرر الخطباء أن يستخدموا لغة فى الخطبة تحمل معنى التورية، أو بالمعنى الشعبى "التلقيح"، أى أنهم يذكرون أمورا فى سياق قاصدين به سياقا آخر، ومع الوقت عرف أيضا المسئولون ذلك، حينما صعد خطيبا على المنبر وتحدث عن أكلة "البصارة"، وظل يعدد أشكالها والفرق بينها وبين الشامية، وطريقة إعدادها فى الصعيد وفى الأرياف، فاستغرب الناس، لكنهم فطنوا أن الخطيب ممنوع من الحديث فى الشأن العام، مما جعل المسئولين وقتها يصدرون قرار بمنع الحديث فى "البصارة أو العجة" أو أى أكل.

وارتباطا بتلك القصة، والشاهد فيها لا يتعلق بفكرة المنع أو التقييد بكل تأكيد، بل الربط الذى أريد الوصول إليه، هو اعتقاد كتاب المقالات بأن المقالات لم تعدد تحقق المردود منها، وانشغل القراء بالسوشيال ميديا، ومتابعة التريندات، حتى ظهر كتب وكتاب شغلهم الشاغل الحديث فى تلك الشئون، وتركوا الأمور وجديتها، وقامت برامج على مناقشة سياقات غير سياقات بناء العقول وتحفيز القيم، وصارت شهرة أشخاصا مقترنة بعدد " المتابعين" و "الفلورز"، وفتحت لهؤلاء أبوابا وأموالا، بل صار _ للأسف_ المعنيين بتقويم الناس، وتقديم ضوابط الأمور، هم من يعتقدون أن التطوير فى الاهتمام بـ"توافه الناس" و مطربى " الولا حاجة"، فضاعت مع الوقت بوصلة الأمور، وهرب الناس لطريق " اللاقيم"، و حتى الكتاب والمفكرين والمثقفين، إما انسحبوا، أو صمتوا، أو تحدثوا فى التريندات أيضا، فاختلط الصالح بالطالح، وتشوشت المعايير، إلا القليل منهم الذى مازال مقبضا على قيمه وقيمته وقناعاته.

وما بين التاريخ والحاضر ارتباطا وثيقا، فهناك مسئولية مجتمعية على الفاعلين فى المشهد العام، وعليهم دفع ضريبة تلك المسئولية، و يجب أن يكون هناك دائما شخصيات تقدر فكرة المسئولية، وقيمة الوطن، ويعلمون أن دورهم ودوائر تأثيرهم أكبر من المنافع والانتهازية، وعلى الفاعلين فى المشهد العام مسئولية تنشيط الأرض وتحفيز الجمهور والتجاوب مع الأسئلة خاصة الشائكة فيها، كما على كتاب المقالات و المثقفين والمؤرخين والمفكرين القول بكل ثقة " لن أكتب فى البصارة".

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

نخبة موازية ومساحات رمادية

نخبة موازية ومساحات رمادية الثلاثاء، 29 أغسطس 2023 12:57 م

في توشكى.. الرئيس السيسى يتحدث

في توشكى.. الرئيس السيسى يتحدث الأحد، 27 أغسطس 2023 06:00 م

الحوار الوطنى والقضية الوطنية

الحوار الوطنى والقضية الوطنية الأربعاء، 23 أغسطس 2023 09:00 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حسام حبيب: سأتخذ إجراءات قانونية ضد ياسر قنطوش ولن أسمح لأحد المساس بسمعتى

أحمد حمدي يخضع لاختبار طبى فى الزمالك بعد إصابته فى الأمامية

الشحات ينافس عمر كمال على خلافة محمد هانى في تشكيل الأهلى أمام المحلة

وست هام ضد تشيلسي.. استيفاو يحقق رقما قياسيا مع البلوز بالدوري الإنجليزي

فى أحدث تطهير للبنتاجون.. هيجسيث يقيل رئيس وكالة استخبارات ومسئولين كبارًا


موعد مباراة مانشستر سيتي ضد توتنهام فى الدوري الإنجليزي

مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة

ابنة هوجان تطالب الشرطة بكشف لقطات الكاميرات لتوضيح ملابسات رحيل والدها

ريبيرو يناقش مع جهاز الأهلى موقف محمد الشناوي من مباراة غزل المحلة

مستوحى من أحداث حقيقية.. تفاصيل فيلم ايجى بست بعد انطلاق تصويره


طلاب الثانوية العامة دور ثان يؤدون امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات

الطقس اليوم.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة

برامج التعليم المميزة طريقك لسوق العمل.. علوم عين شمس تنفرد بـ7 برامج جديدة بنظام الساعات المعتمدة.. برامج جيوفيزياء البترول والتكنولوچيا الحيوية التطبيقية وعلوم النانو وكيمياء البترول والغاز الأبرز

المصري يتصدر.. ترتيب دوري نايل قبل انطلاق الجولة الرابعة غدا

هل تفلت هدير عبد الرازق من الحبس.. تعرف على موعد الحكم عليها

طلاب الثانوية الأزهرية الدور الثانى يؤدون اليوم امتحان التاريخ والفيزياء

نابولي يستهل حملة الدفاع عن لقب الدوري الإيطالي أمام ساسولو الليلة

الأمم المتحدة: تشكيل الحكومة الليبية بعد إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات

ويجز يختم حفله فى العلمين بأغنية واحد وعشرين.. ويشكر الجمهور

مواعيد مباريات اليوم السبت 23 - 8 - 2025 والقنوات الناقلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى