من شرم الشيخ إلى العلمين.. منصات جديدة للدبلوماسية العالمية

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
حالة من الزخم تشهدها المدن العربية في الآونة الأخيرة، بين مدينة شرم الشيخ والتي حققت نجاحا عالميا منقطع النظير، خلال قمة المناخ التي عقدت في شهر نوفمبر الماضي، مرورا بالعلمين الجديدة، التي باتت بمثابة الواحة التي تلتقى بها مهرجانات الفن والرياضة، بالإضافة إلى كبرى القمم السياسية، والاجتماعات المفصلية، وآخرها اجتماع الفصائل الفلسطينية، وحتى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، والتي شهدت قمما هامة في الأشهر الماضية، أبرزها القمتان الأمريكية والصينية، مع الدول العربية، خلال العام الماضي، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة التي باتت تحظى بها الدول العربية، في إطار طفرة، تستلهمها من حالة من التطور الدائم، سواء في إطار الدور، الذي يتجاوز الجغرافية الإقليمية، أو الثقافة والفن، التي تعد أحد أهم أدوات الدبلوماسية الناعمة.
 
ولعل الحديث عن المدن، يحمل من الأهمية ما يعكس المكانة الكبيرة للدول التي تقع تلك المدن في نطاقها الجغرافي، في ظل الدور الذي يمكنها القيام به، في إطار أزمات إقليمية، باتت تحمل أبعادا دولية، على غرار الأزمة الأوكرانية، والتي لا تقتصر تداعياتها، على مجرد منطقة الصراع، وإنما تمتد إلى مختلف مناطق العالم، بينما باتت تتفاعل مع الأزمات الأخرى، حول العالم، على غرار القضايا الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، على سبيل المثال، وفي القلب منها القضية الفلسطينية، والتي باتت تتجاوز نطاقها الإقليمي المحدود، إلى العالمية، في ظل ارتباط المواقف الدولية بالمواقف الإقليمية، من الوضع في أوكرانيا، في ضوء النهج الذي يتسم بـ"الحياد الإيجابي" الذي تتبناه الدول العربية تجاهها.
 
المشهد الجديد يعكس قدرا من التشابك، بين ما هو دولي، وما هو إقليمي، على عكس الوضع في الماضي، والذي انحصرت فيه الأزمات، وتداعياتها على مناطق معينة، دون تأثير كبير على القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا الغربية، في ظل اتساع دائرة الصراع لتصل إلى قلب القارة العجوز، وحاجة القوى الكبرى إلى كسب أكبر قدر ممكن من الدعم الدولي، خاصة مع ازدياد حدة المنافسة مع قوى أخرى تسعى لمزاحمتهم على قمة النظام العالمي، في إطار التحول إلى حقبة جديدة من التعددية، ستنتهي معها، لا محالة، حالة الهيمنة الأحادية التي سيطرت لثلاثة عقود من الزمان منذ نهاية الحرب الباردة.
 
وهنا لم تعد المواقف الدولية تجاه القضايا ذات النطاق الإقليمى والقائمة على البيانات الصماء تكفي، حتى يمكن استقطاب القوى الإقليمية المؤثرة، بينما لم يعد نهج "عدم الانحياز" الذي اعتمدته القوى الإقليمية في العديد من مناطق العالم، إبان الحرب الباردة، كافية لاحتواء التداعيات الكبيرة للصراعات الدولية الكبرى، وهو ما يعكس أهمية المواقف التي تتخذها القوى الإقليمية الكبرى، وعلى رأسها مصر، تجاه الأزمات التي يمكن اعتبارها ذات نطاق "إقليمي"، بالمنظور التقليدي، على غرار القضية الفلسطينية ذات البعد التاريخي في الدبلوماسية المصرية والعربية، أو مؤخرا فيما يتعلق بالأزمة السودانية، نظرا لما تحمله هذه القضايا من تأثيرات على المشهد الدولي برمته.
 
ترجمة هذا التغيير تبدو بوضوح في التداخل العربي والإفريقي، عبر لجان وزارية شكلتها الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، مع بداية الأزمة، للوساطة بين طرفي الصراع في أوكرانيا، بينما تبقى محاولات الدخول الجاد على الأزمات الإقليمية من قبل القوى الدولية، سواء التقليدية أو الصاعدة ضرورة ملحة، وهو ما يبدو في تأكيدات موسكو على استعدادها لتقديم الحبوب مجانا للدول النامية، وفي القلب منها إفريقيا، ومحاولات باريس نحو إرساء ميثاق مالي عالمي جديد، من شأنه دعم هذه الدول على مكافحة التحديات الاقتصادية والمناخية وتحدياتها، ناهيك عن ملياري دولار قدمتهم واشنطن في إطار مكافحة التغيرات المناخية، وقممها التي عقدتها مع إفريقيا والدول العربية لاستقطابهم، في ظل منافستها مع الصين، والتي بدورها تسعى لتعزيز شراكتها معهم في إطار اقتصادي وسياسي وثقافي وغير ذلك.
 
هذا التداخل، ساهم في إضفاء الزخم للمدن العربية، وفي القلب منها العلمين الجديدة، بعد استضافتها للعديد من القمم والاجتماعات مؤخرا، حيث باتت مؤهلة لتكون منصة جديدة للدبلوماسية العالمية، وهو ما يتزامن مع العديد من المعطيات، أبرزها تراجع منصات الدبلوماسية الدولية الكبرى، على غرار جنيف، والتي كانت محلا للمباحثات الدولية حول العديد من القضايا العالمية، ارتبط معظمها بالشرق الأوسط، سواء في سوريا أو ليبيا ، إلا أنها شهدت تراجعا ملموسا في الآونة الأخيرة، في ظل تخليها عن حالة الحياد التي تمتعت بها لعقود طويلة من الزمن، مع اندلاع الأزمة في أوكرانيا.
 
وللحقيقة، فإن الاهتمام الكبير بالمدن الجديدة، وحالة التطور الكبير في بنيتها الأساسية، في إطار مستدام، إنما تعكس بعدا أخر، يحمل في طياته جانبا دبلوماسيا، جنبا إلى جنب مع البعد التنموي، والذي يمثل هدفا أساسيا، للدولة المصرية، خلال السنوات الماضية، منذ ميلاد "الجمهورية الجديدة"، حيث وضعت نصب أعينها تأهيل تلك المدن، ليس فقط لاستقطاب المستثمرين، وعمالقة التكنولوجيا، وإنما أيضا لتكون محط أنظار العالم فيما يتعلق بالقضايا "الوجودية" التي ترتبط بمستقبل الكوكب بأسره.
 
وهنا يمكننا القول بأن اجتماعات العلمين وقممها الاستثنائية وقمة شرم الشيخ، وقمم جدة، تمثل إيذانا بميلاد عواصم جديدة للعالم، أو بالأحرى منصات جديدة للدبلوماسية الدولية، في ظل ارتباطهم الكبير بأزمات تمثل تهديدات خطيرة، سواء في ظل الصراعات التقليدية، ذات النطاق الإقليمي، التي هيمنت على العالم في العقود الأخيرة من جانب، أو عودة الصراع الدولي بين الشرق الغرب مجددا، واحتمالات تفاقمه، من جانب آخر، أو الأزمات المستحدثة، على غرار الصراع مع الطبيعة، في إطار ظاهرة التغيرات المناخية، أو ما قد يتعرض له العالم من طوارئ جراء الأوبئة، من جانب ثالث، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة التي تحظى بها دول المنطقة في اللحظة الراهنة
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نظر قضية المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما يناير المقبل

محامى عروس المنوفية: المتهم أقر فى التحقيقات بتعديه على زوجته حتى الموت

أحمد صلاح وسعيد يعودان للقاهرة بعد فسخ التعاقد مع طائرة السويحلى الليبى

يورتشيتش: حزين على خسارة الدورى.. وهناك أندية لا تتوقف فى الإشارة الحمراء

رحلة محمد صلاح مع جائزة THE BEST.. أسطورة مصرية على الساحة العالمية


الحكومة توضح حقيقة فيديو وجود عيوب هندسية بكوبرى 45 الدولى بالإسكندرية

فتح باب التقديم للإشراف على حج الجمعيات الأهلية حتى 31 ديسمبر.. مؤهل عالٍ والسن لا يزيد عن 60 عامًا.. حصول المشرف على حد أدنى 65 درجة من أصل 100 لاجتياز الاختبار والقبول.. ومشرف لكل 46 حاج

سامح حسين مازحا فى عيد ميلاده: جالى دور برد

الطقس غدا.. أجواء باردة وانخفاض بالحرارة وأمطار والصغرى بالقاهرة 12 درجة

تعرف على مهن الفنانين قبل الشهرة والنجومية


تعرف على رسالة حمزة عبد الكريم إلى الأهلى بسبب عرض برشلونة

موعد مباراة منتخب مصر ونيجيريا فى التجربة الأخيرة قبل أمم أفريقيا

بعد إثارة جدل فى لقاء رئيسة وزراء إيطاليا.. كم يبلغ طول رئيس موزمبيق؟

الإعدام لسيدة وعشيقها بالمنوفية بعد قتلهما الزوج بحيلة شيطانية

التأمينات الاجتماعية تحدد موعد صرف معاشات يناير 2026.. اعرف اقرب منفذ ليك

رئيس وزراء بيهار الهندية ينزع نقاب طبيبة مسلمة ويثير غضبا واسعا

مفاجأة فى مستقبل محمد صلاح مع ليفربول قبل أمم أفريقيا 2025

وزارة الصحة توجه للمواطنين رسائل هامة لمنع عدوى الأنفلونزا.. صور

حادث قطار طوخ.. 10 مشاهد من سقوط حاويات البضائع بمنطقة السفاينة

أحمد السقا: أصحابى دعمونى أمس والنهاردة قالوا عليا عندى إيجو

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى