سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 سبتمبر 1848.. إبراهيم باشا يعود من القسطنطينية إلى الإسكندرية حاملا فرمان ولايته لمصر ونبوءة بموته خلال 72 يوما

إبراهيم باشا
إبراهيم باشا
سعيد الشحات
كانت الساعة العاشرة صباح يوم 14 سبتمبر «مثل هذا اليوم 1848» حين رأى إبراهيم باشا بن محمد على فنار الإسكندرية، وهو على السفينة التى تقله عائدا من القسطنطينية بتركيا، حسبما يؤكد نوبار باشا فى مذكراته. 
 
كان نوبار مستشارا لإبراهيم ووزيرا لمحمد على، ووفقا لمذكراته، فإنه اصطحب إبراهيم فى رحلته إلى القسطنطينية للحصول على فرمان من الباب العالى لطلب الولاية بالرغم من وجود والده على قيد الحياة، وكان «الباشا الكبير» مريضا بالدوسنتاريا، وبسبب مضاعفات الدواء نالت من قدراته العقلية التى اضطربت، ويذكر: «لم يكن من الممكن أن أقول إن محمد على فقد عقله تماما، لأنه فى لحظات ما كان يدرك تماما الحالة التى هو عليها، ويراقب نفسه، فما أن يشعر بأنه سيدخل فى نوبة هذيان أو فقدان العقل، إلا ويختلى بنفسه، فى عزلة تامة».
 
دفعت حالة «الباشا الكبير» إلى سعى ابنه إبراهيم سرا للحصول على طلب الولاية، ولم يكن أمامه سوى الذهاب إلى القسطنطينية لتحقيق هذا الطلب، وحسب نوبار: «كان يجب العثور على حجة للسفر يذكرها إبراهيم لوالده، حتى خرج يوما من قصر محرم بك، حيث يقيم عند شقيقته نازلى، ووضع أمامى منديله الملوث بالدماء، ولم يكن يريد استدعاء الأطباء، ولكننى بطريقة أو بأخرى أرغمته على استدعاء كلوت بك «طبيب العائلة»، ووجد الأخير أن الحالة عضال، وصرح لى بصفة شخصية وسرية بأنه يعتقد بأنها إصابة قوية فى الرئة، وظل هذا الأمر سرا وتوقف النزيف بفضل الدواء الفعال الذى وصفه».
 
يضيف «نوبار»: «فى أثناء هذه الأحداث انتشرت الكوليرا بشكل مفاجئ فى الإسكندرية، واتخذ إبراهيم قراره فى الحال، إذ وجد الحجة المثلى التى يبحث عنها للذهاب إلى الآستانة فأصدر أوامره بتجهيز السفينة الحربية الوحيدة الباقية من الأسطول الذى كونه محمد على، ولكى يصدق الجميع أن الغرض الوحيد من وراء سفره هو تفشى الوباء، أرسل ابنيه مصطفى وأخاه الصغير محمد على أولا على ظهر يخت شراعى، أمر قائده بالتوقف فى عرض البحر بين جزيرة رودس والإسكندرية دون الرسو فى أى ميناء أيا كانت الأسباب».
 
رافق إبراهيم فى رحلته، حسن بك، طبيبه الخاص، وبيدان بك، ونوبار الذى يكشف حالة الدراما التى عاشها إبراهيم فى القسطنطينية، حيث كان قلقا بسبب أخبار وردته عن تردد الباب العالى فى منحه الولاية التى كان يطالب بها فى حياة أبيه، وطرحت عليه قبول منصب الحاكم العام فى مصر دون ولاية لكنه رفض، وأصبحت هناك مشكلة وحيرة فى حال إصرار الباب العالى على هذا الاقتراح، وإصرار إبراهيم على الرفض.
 
يكشف نوبار، أن الموقف تغير بطريقة لم تكن فى الحسبان، والسبب حسب قوله: «جاء عراف القصر ليخرج الجميع من هذا المأزق، وهذه الحيرة، وليعلن أنه بعد استشارة الكواكب كان الرد أن إبراهيم سيموت قبل مرور ستة أشهر، وكانت هذه النبوءة تتفق مع ما أعلنه أيضا طبيب القصر النمساوى المكلف برعايته، فبعد أن قام بفحصه تبين له أن إبراهيم يتقيأ الدم من فمه نتيجة إصابة خطيرة فى الرئة، ومن ثم تقرر منحه الولاية وفقا لبنود فرمان 1841، بل إنه أعفى من مشقة المرور بالمراسم التقليدية، وتم منحه الولاية فى 13 يونيو 1848».
 
احتوت رحلة عودة إبراهيم من القسطنطينية على دراما أخرى، صنعتها نوبات الحمى التى تداهمه، يقول نوبار: «كنت أبقى إلى جواره حتى ساعات متأخرة من الليل تارة لمساعدته على الجلوس فى سريره، وتارة أخرى نتحدث، وتارة ثالثة نتشاور فى الطقس والرياح وحساب المسافة التى تم قطعها، والمسافات الباقية للوصول إلى الإسكندرية، وكان عندما يسمعنى أتحدث عن المستقبل بهذه الثقة المطلقة يحس بالاطمئنان، وكانت أفكاره السوداء تتلاشى تدريجيا».
 
يضيف نوبار: «كنا نقترب أكثر فأكثر من الإسكندرية، دخلت إليه وقابلنى بنظرة كفيلة ببعث الاطمئنان فى نفسى، أمضيت فترة الصباح معه، أدخل وأخرج بأى حجة، أتبادل معه الحديث فى أى موضوع، كنت أجد أنه يصلح للترفيه عنه.. كان حسن باشا يرقب تحركاتى بنظرات يغلفها القلق والتساؤل، وفى كل مرة كان الرجل المسكين يعود إلى حساباته، حيث كان قد تفرغ للتنجيم وقراءة الطالع يسأل القدر عن مصير إبراهيم بطريقة يقوم فيها بإلقاء بعض الأحجار الصغيرة على الورق بشكل عشوائى، ثم يقوم بجمعها متبعا بعض القواعد المركبة للكشف عن المستقبل، فأخبره الطالع أن إبراهيم سيموت، وهو ينزف دما وأنه لن يحكم سوى اثنين وسبعين يوما».
 
وصلت السفينة إلى الإسكندرية يوم 14 سبتمبر 1848، ومات إبراهيم يوم 10 نوفمبر 1848.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصطفى شلبى في تشكيل البنك الأهلى الأساسى لمواجهة حرس الحدود

شوبير أساسيا للمرة الثانية على التوالى.. والشناوي وجراديشار وأفشة على الدكة

العربي يتقدم علي الوكرة 2-1 في الشوط الأول بالدوري القطري

ديانج وبن شرقي وداري وفؤاد في تشكيل الأهلي الأساسي أمام فاركو

نيوم السعودي يضم عبد الله دوكوري في صفقة انتقال حر


فوز ناشئي اليد على النرويج 47-26 في تحديد مراكز بطولة العالم

الكرملين: محادثات بوتين وترامب قد تستغرق ما لا يقل عن 6 إلى 7 ساعات

عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج

تيك توكر جديدة فى قبضة الأمن لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة

منتخب الناشئين يخوض وديتين أمام السعودية استعدادا لكأس الخليج


موعد مباراة مصر والنرويج اليوم في كأس العالم للشباب لكرة اليد

يورو نيوز: نزوح آلاف الأشخاص فى اليونان وإسبانيا والبرتغال مع استمرار حرائق الغابات

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

ترتيب الدورى المصرى قبل مواجهة الأهلى وفاركو الليلة

من بناء الهيكل إلى محو الفلسطينيين.. أبرز شطحات الإسرائيلي المتطرف بن غفير

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

موسم صيد الإخوان.. مطاريد الشرق والغرب.. انتفاضة عالمية فى مواجهة شرور الجماعة الإرهابية.. وحلفاء الماضى يستفيقون على مخاطر وألاعيب عصابة حسن البنا.. صيحات دولية تؤكد: لا مكان لا مكان للإخوان فى مجتمعاتنا

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى