سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 سبتمبر 1923.. وفاة الشيخ سيد درويش «إمام الملحنين» وأول من وضع أسس النهضة الأولى للموسيقى المصرية الحديثة

سيد درويش
سيد درويش
ذهب الفنان سيد درويش إلى منزل أخته فى محرم بك بالإسكندرية بعد منتصف الليل للمبيت، لكنه فى فجر 15 سبتمبر، 1923، توفى ودفن فى مقابر المنارة بالإسكندرية، حسبما يذكر المؤرخ الموسيقى الدكتور محمود أحمد الحفنى فى كتابه «سيد درويش»، مضيفا:  «كان موته مفاجأة غير طبيعية ولا منتظرة، ولم تشعر الإسكندرية بفقيدها الفنان الخالد، ولم يكن للجنازة ذلك الموكب الحاشد اللائق بمثل تلك العبقرية الفذة، ومضى خلسة فى زمرة ضئيلة من المشيعين إلى القبر، كما جاء خلسة فى أسرة متواضعة إلى الدنيا، وكذلك خرج من العالم فقيرا معدما، كما دخله فى نفس هذا العدم والفقر».
 
مات سيد درويش وعمره 31 عاما فقط، «مواليد 17 مارس 1892»، و«كان إحساسه بقصر رحلته فى الحياة يتلخص فى عبارة تقليدية ينطلق بها لسانه دائما أثناء حديثه وهى: «يا مين يعيش»، وهى تشرح فلسفة أن أيامه فى الحياة معدودة، ومن أجل هذا الإحساس الدفين، كان طابعه الإسراف والتدفق والانطلاق والحركة الدائبة، حسب وصف عبدالنور خليل فى كتابه «المعممون فى الطرب»، مضيفا: «كان كالقدر الذى يغلى ماؤه على النار، يفور ويتدفق، ولا ينفع حيال تدفقه وغليانه شىء، كان شديد الاندفاع، سريع الاستجابة لخواطر عبقريته فى العمل، جياشا دافئا متحركا إلى حد الثورة فى أحاسيسه وعواطفه ومطالبه الذاتية، وكان يريد أن يأخذ من حياته كل شىء، وأن يعمل فى حياته كل شىء قبل أن تمضى عنه هذه الحياة».
 
مضت حياة سيد درويش مقسومة بين «عبقريته فى العمل» و«مطالبه الذاتية»، وعلى صعيد عبقرية العمل يصفه عباس محمود العقاد فى مقال له بصحيفة البلاغ، 29 سبتمبر 1925، بأنه «إمام الملحنين ونابغة الموسيقى المفرد فى هذا الزمان».
 
كان انفجار «عبقرية العمل» استجابة طبيعية لمقاومة شعب ضد الاحتلال الإنجليزى، وحسب عبدالنور خليل: «كان يخفى تحت عمامته ثورة غاضبة قلبت كل الموازين فى الأسلوب التقليدى للغناء فى عصره، لكنه أيضا كان طرازا فريدا من الثوار اختزن كل معاناة شعبه، وأراد أن يشق طريقا يشاركه به هذه المعاناة، والمقولة التى رددها البعض بأن ثورة 1919 فى مصر كان لها زعيمان «سعد زغلول» و«سيد درويش» صحيحة إلى حد كبير.
 
ويروى مؤلف الأغانى وصديقه الشيخ يونس القاضى، أن سيد درويش طلب مقابلته ذات يوم، فذهب إليه فى البنسيون الذى كان يسكنه فى درب المهابيل، وأخبره بأنه يريد أن يتفاهم معه على توجيه الأغانى إلى غير الموضوعات الغرامية والعاطفية، وما إليه من وجد وهيام وشكوى هجر المحبوب، ونجح سيد حتى قبل أن تنشب الثورة فى مارس 1919 فى أن يجمع حوله مجموعة من الشعراء والزجالين والكتاب والأدباء الوطنيين الثائرين قبل أن يستقر فى القاهرة عام 1917.
 
يتذكر الفنان زكى طليمات فى مقاله «الموسيقار الذى أطرب الناس»، المنشور ضمن فصول كتاب «فنان الشعب»، الصادر عام 1963، وأعادت نشره مجلة «الثقافة الجديدة، عدد سبتمبر 2023» فى ملحقها الخاص بعنوان «سيد درويش وسر الخلود»، أنه فى أواخر 1920 قدمت فرقة الريحانى أوبريت رواية «العشرة الطيبة» التى اقتبسها محمد تيمور عن الفرنسية، ووضع أزجالها بديع خيرى، وتولى إخراجها المرحوم عزيز عيد، وقدم سيد للجمهور الغناء الذى ينشده، فأقبلوا عليه إقبال الجياع على الخبز وهتفوا له، وسألت سيد بعد هبوط الستار وقد أخذ الجمهور المتحمس يهتف هتافات عدائية ضد الإنجليز، عما يحسه بعد النجاح، فأجاب: «كأنى قتلت ألف إنجليزى يا زكى». 
 
فى نفس الملحق «سيد درويش وسر الخلود» يذكر الموسيقار محمد عبدالوهاب فى مقاله «لوعاش سيد درويش»: «هو أول من وضع أسس النهضة الأولى للموسيقى المصرية، وهذه حقيقة لا يمكن إغفالها، كان أول من لفت العقل إلى المعانى فى المقطوعات الغنائية المؤلفة، أعنى أنه فهم المعنى كلاما وأحاله إلى كلام منغم يطابق كل المطابقة ما يرمى إليه الكلام المؤلف، وتظهر روعة عبقريته عندما يلحن الكلام المكتوب، فيصور ما فيه من المعانى ويضفى عليها الجو الملائم لها، ولهذا برع فى تلحين الروايات المسرحية الغنائية».
 
أما الكاتب والمفكر توفيق الحكيم، فيذكر فى مقاله «الذى رأى من أسرار الفن أكثر مما نرى»: «لا أعتقد أن سيد درويش كان يتعمد التجديد قهرا أو افتعالا، ولم أسمعه يتحدث فى ذلك، كما يتحدث أصحاب النظريات أو قادة النهضات، ولكن التجديد عنده فيما أرى أنه كان شيئا متصلا ممزوجا بدمه، لا حيلة له فيه، شيئا يتدفق من ذات نفسه، كما يتدفق السيل الهابط من القمم، كانت الألحان تنفجر من ينبوع خفى، حتى عنه هو، لقد سمعته وسمعه بعض أصدقائنا يقول ذات يوم: أستطيع أن ألحن الجرائد اليومية».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سيارات الإسعاف تتحول من الإنقاذ للتهريب.. كواليس أضخم عملية ضبط مخدرات بـ350 مليون جنيه

بداية نارية تنتظر أحمد حجازي مع نيوم ضد الأهلي في الدوري السعودي

حماس: الولايات المتحدة شريك كامل في جرائم الاحتلال بغزة

أنغام توجه رسالة مؤثرة لجمهورها بعد عودتها لمصر: دعواتكم دوايا الحقيقى.. فيديو

اعرف رحلتك.. جداول قطارات القاهرة والإسكندرية اليوم الخميس 28-8-2025


البنك الأهلي يدخل معسكراً مغلقاً استعداداً لطلائع الجيش في الدوري

موعد مباراة الأهلى وبيراميدز فى الدوري المصري والقناة الناقلة

محمود عبد الله يكشف تفاصيل أغنيته الجديدة مع هيفاء وهبي "واحدة قادرة"

موعد مباراة الزمالك أمام وادى دجلة في دوري نايل والقناة الناقلة

ثنائية دارى وبيكهام تظهر فى تشكيلة الأهلى أمام بيراميدز


اليوم.. آخر فرصة لطلاب الثانوية "دور ثان" للتقديم بكلية الشرطة

3 سبتمبر.. اعتماد وإعلان نتيجة الدور الثانى للثانوية الأزهرية 2025

من رأفت الهجان للشهد والدموع.. ذكرى وفاة نبيل الدسوقي

شبورة وأمطار متفرقة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الخميس 28 أغسطس 2025

كبارُ فقهاء الأمّة يجتمعون في ماليزيا تحت مظلّة المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي

اليوم السابع ينشر نتيجة الثانوية العامة للدور الثانى 2025 خلال أيام

مشروع القرن فى الريف المصرى.. حياة كريمة تعيد قرى دار السلام للحياة.. مشروعات فى الصرف الصحى والمياه.. إنشاء محطة عملاقة على مساحة 32 فدانا تخدم 15 قرية.. كبارى ومدارس ومشروعات كهرباء تضئ القرى.. صور

نادية حسن بطلة دارك شوكلت: فخورة بتجربة المسلسل وشخصية رحمة مترددة

الهيئة الوطنية للانتخابات: استمرار التصويت بالقرنة وأسنا بالأقصر بعد التاسعة مساءً

الجزيري يتدرب منفردا فى الزمالك بعد أزمته مع فيريرا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى