نجيب محفوظ.. صانع الأدب والأمل فى عالم يتغير

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم أكرم القصاص
لا يحتاج الأديب الكبير نجيب محفوظ مناسبة لتذكره، والكتابة عنه، فهو أديب مصر والعرب العمومى، الذى ارتفع بكتاباته إلى عنان السماء، وتمسك بتواضعه وابتسامته ودأبه حتى آخر لحظات حياته. 
 
نجيب محفوظ الذى رحل فى مثل هذه الأيام بعد حياة حافلة بالإبداع، سعى خلال أعماله الروائية والقصصية لتفكيك تفاصيل المجتمع المصرى بتاريخه المتداخل، وعالمه الممتد،  وتظل أعماله شاهدة على التاريخ  الاجتماعى للمصريين على مدى ثلاثة أرباع القرن، نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا «11ديسمير 1911 – 30 أغسطس 2006»، قاربت حياته القرن، ظل يكتب منذ الثلاثينيات من القرن العشرين حتى بداية الألفية، وسعى فى أعماله الكبرى مثل الثلاثية أو القاهرة الجديدة إلى تحليل اجتماعى بنكهة سياسية لعالم ما بين الحربين، وزخم ثورة 1919، وأحلام المصريين فى الاستقلال والتقدم.
 
ومن المفارقات أن قارئ نجيب محفوظ يكتشف أن بدايات القرن العشرين حملت نفس الصراعات والانقسامات والأسئلة، التى استمرت طوال القرن وانتقلت إلى الزمن الحالى، فالثلاثية تقدم وصفا تفصيليا للثوار والانتهازيين، والسياسيين، والعشاق، والظرفاء، والانتهازية القائمة على التسلط فى «القاهرة الجديدة»، و«بداية ونهاية» تكشف أعمق طموحات الإنسان وعلاقته بالفقر والطموح، والانتهازية، وفى ميرامار و«ثرثرة فوق النيل» قدم وصفا لعالم السياسة بتعقيداته ونقدا للتنظيم السياسى، وفى «السمان والخريف» قدم تفصيلا لعالم السلطة والنفوذ، وسعى للبحث عن العدل فى «الحرافيش» مع محاولة للبحث فى أعماق عالم السياسة والرغبة والقدرة، وتظل قدرته مبهرة على التقاط الخطوط الفاصلة والموصلة بين النضال والانتهازية، ليبقى قادرا على النظر إلى عالم يتغير لكنه يحمل ثوابت تتكرر.
 
شخصيات نجيب محفوظ يمكن أن نرى مثلها فى الشوارع والحوارى والأزقة، فهو يقدم خلاصة أجيال وتراكمات وأنواع من البشر المتناثرين والضعفاء والانتهازيين، محفوظ لم يكن يحمل مطرقة قاض، ولا ادعاء نيابة، إنما كان يقدم الواقعة برواية نيابة تارة، ومحام تارة أخرى، ليرسم صورة لا تدعو للاتهام، لكنها محاولة للفهم.
 
 فى رواياته عن قاهرة ما بين الحربين يرصد نشأة الفاشية، وانتشار البطالة والبؤس والفقر.. قاهرة الطبقة المتوسطة الصغيرة، الموظفين والطلبة، ويذهل من يكتشف أن نفس الصراعات والاختلافات والأسئلة التى كانت فى بدايات القرن العشرين استمرت وعبرت مع الأجيال، لتبقى الأسئلة قائمة، وحتى حيرة الشخصيات، وانتهازية بعضها، وعدمية البعض الآخر.
 
هذا الفيلسوف الحكيم، الموظف المراوغ المتسامح، لم يتنازل عن إيمانه بالحرية والعدل، حتى الذين حاولوا اغتياله، حاول أن يجد لهم تبريرا، وهو الذى عاش يحاول البحث عن أسباب لمأساتهم هم وغيرهم، وكان طبيعيا أنهم لم يقرأوا له حرفا.
 
 يحرص محفوظ على أن يقدم الشخصيات كما هى لا كما يريدها. فأحفاد أحمد عبدالجواد اليسارى واليمينى والمتطرف والإرهابى والموظف والبصباص والمزواج والعدمى، مثلوا بذور أجيال الحيرة والانقسام داخل العقل المصرى، يخوضون نفس الصراعات، ويبدو أنهم سيواصلون الصراع لفترة.
 
وقدم نجيب محفوظ فى أعماله وصفا عميقا أفقيا ورأسيا للمجتمع المصرى الطبيعى بأغلبيته، بجانب أعمال فلسفية تناقش القضايا الوجودية والإنسانية والغاز وتساؤلات الإنسان، قدم هذا ببراعة فى «أولاد حارتنا»، وبعد عقد من الزمن قدم «الحرافيش»، ليطرح تساؤلات متقاطعة، أثارت حوله زوابع الفهم الخاطئ، لكنه بقى متمسكا بثابت واحد طوال عمره، وهو الاعتراف بأن العلم هو الطريق الأهم لطريق الأمل، وبقى نجيب محفوظ صانعا للأدب العظيم وتاريخ مصر الاجتماعى، وصانعا للأمل فى استمرار الحياة إلى الأمام.
 

 

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد الإنتر في نهائي دوري أبطال أوروبا والقناة الناقلة

الأهلي يكسر لعنة كأس العالم للأندية ويعزز صدارة الأكثر تتويجًا

كل ما تريد معرفته عن الموسم الثانى من مسلسل The Gentlemen لـ جاى ريتشى

الزمالك يختتم تدريباته استعدادا لمواجهة فاركو بختام الدورى

القمر يجاور نجم التوأم وحشد السرطان.. أهم الظواهر الفلكية قبل نهاية مايو


ضحكنا معه ولم ننساه.. إفيهات خالدة لحسن حسني في ذكرى رحيله

معلومات لا تفوتك عن ملاعب كأس العالم للأندية 2025 .. صور

فيلم Thunderbolts يحقق 358 مليون دولار عالميا

اعترافات دجالين بمدينة نصر: أوهمنا الضحايا بالعلاج الروحانى مقابل مبالغ مالية

آخر فرصة.. وظائف شاغرة حتى نهاية مايو بمرتبات تصل لـ15 ألف جنيه شهريا


قانون حماية المستهلك.. 7 سلع لا تُرد ولا تستبدل أبرزها الملابس الداخلية

قضية الطفل ياسين تعود من جديد.. استئناف على حكم المؤبد للمتهم أمام الجنايات

موعد مباراة الزمالك وفاركو في دوري نايل والقنوات الناقلة

مدحت العدل يحيل بهاء حسنى للتحقيق بعد تزييفه قرار إدانة لـ حسين الجسمى

حاضنة تلاحق زوجها بدعوى حبس بعد سرقته حقوقها الشرعية المسجلة بعقد الزواج

بشرة خير لبيراميدز.. مفارقة تاريخية تقود السماوى للاقتراب من حلم الأميرة السمراء

طلائع الجيش يتعادل مع مودرن سبورت 1-1 فى الجولة الأخيرة لدورى Nile

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز فى إياب نهائى دوري أبطال أفريقيا

ياسر جلال يحتفل بتخرج ابنته قدرية من الثانوية العامة الألمانية.. صور

رسميًا.. إيسكو أفضل لاعب في دوري المؤتمر الأوروبي وجوليكسن أحسن شاب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى