مئوية هيكل.. سلطة الرواية والبقاء

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بالأمس أكمل الأستاذ محمد حسنين هيكل مائة عام، صحيح أنه رحل فى عمر 93 عاما، لكن تأثيره تجاوز فى الزمان والمكان، هذه المساحة من العمر، ووضع بالكم والكيف، أفكارا ومعارك ومساحات من التأريخ والجدل، تشير إلى أن مثل هذا التأثير لا يمكن أن يتلاشى لمجرد رحيل صاحبه، بل إن كتابات هيكل لا تزال قادرة على إثارة الدهشة لدى أجيال ولدت فى العقدين الأخيرين من حياته الثرية.
 
محمد حسنين هيكل هو مجموعة دروس لا يمكن لأى شخص أيا كان موقفه من الأستاذ إلا أن يتأملها، شريط طويل لا ينفد، تأثيره ومشوار ممتد أفقيا ورأسيا، حرص خلاله على أن يمتلك السبق فى الرواية، وهى صفة مكنته دائما من تحقيق نقاط فى معاركه، ربما لأنه عاش منذ بدايات عمله الصحفى مراسلا حربيا، ففى الإيجيبشان جازيت غطى الحرب العالمية الثانية من العلمين، ثم غطى حرب فلسطين وكان انتقل إلى آخر ساعة، والحرب بين الهند وباكستان، والحرب الكورية، وكل النزاعات التى عاصرها، فقد ولد ورحل والعالم فى حروب لم تتوقف بل تنوعت وتغيرت أشكالها. 
 
صنع هيكل أسطورته، بالرغم من كونه بدأ عمله وسط عمالقة الصحافة فى عصرهم، التابعى ومصطفى وعلى أمين، فضلا عن مدارس صحفية مزدهرة مثل الهلال وروزاليوسف والسياسة، والصحافة السياسية والحزبية، والثقافية المتعددة والمتنوعة، ومع هذا فقد نجح فى أن يصعد بشكل كبير وسط أقران متفوقين وكبار فى تجاربهم ورواياتهم، وهو بالفعل تلميذ للأستاذ محمد التابعى، وهو نفسه لم ينكر ذلك، ولا تأثره به، بل إنه نقل عنه الحرص على الصورة الارستقراطية التى لازمته طوال حياته، بجانب أنه تعلم منه الأسلوب الذى تطور بعد ذلك على يد هيكل، وهو ما يسمى الرواية الصحفية، التى قد تنافس الروايات الأدبية، وتحمل أيضا بعض صفات الرواية الأدبية، من الخيال المقارب للواقع، وتوظيف إبداعى للمعلومات وتحويلها إلى رواية جذابة قادرة على التأثير والتعليم.
 
بالرغم من أن الأستاذ هيكل حرص على أن ما يقدمه ليس تاريخا، لكنه ساهم بنصيب فى تقديم مادة خام للتاريخ، لكنه أيضا كان يعرف أنه يقدم فى أعماله رواية تحمل وجهة نظر، قد تجد اتفاقا أو اختلافا، مما يجعله قابلا للنقاش، باستخدام الروايات المضادة أو المخالفة، وهو ما ينطبق أكثر على رواياته التى تتعلق بأشخاص مباشرة وليس أشخاصا فى روايات، خاصة شخصيات رحلت أو امتلكت أدوات ووثائق، مثل رواياته عن الرئيس السادات والملك حسين أو حتى مبارك، وفى كل مرة كان يقدم رواية، يفتح الباب لأن تكون مركزا لنقاش وجدال، على العكس من أعماله الكبرى مثل «ثلاثية ملفات السويس ـ سنوات الغليان ـ الانفجار»، ومرويته عن السلام «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل»، وهى الأعمال التى تمثل أهم إنتاج هيكل، واستخدم فيها كل أدواته فى التحليل والتوثيق لمرحلة من أخطر مراحل العصر، وامتدت منذ منتصف الخمسينيات من القرن العشرين حتى بدايات القرن الواحد والعشرين. 
 
لهذا ظل هيكل يمتلك صورته وأسطورته لدى من اتفقوا معه ومن خالفوا رؤيته، بل ومن حاولوا أن يبرروا قوته وسلطته بقربه من جمال عبدالناصر، مع أنه لمع أكثر بعد رحيل الزعيم، واستمر46 عاما بعد ناصر، ونسج صورته كمثال لفن التأثير والبقاء.  
 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

لقاء الخميسي تحتفل بالعرض الخاص للفيلم العالمي المدبلج للمصرية Grand Prix of Europe

الداخلية تضبط 3 أجنبيات حولن منزلهن بالتجمع وكرا لممارسة أعمال منافية للآداب

أخطر 5 اعترافات لقاتلة أسرة دير مواس: "مشيت فى جنازتهم علشان أبعد الشبهة"

الدورى السعودى يحتفى بعودة أحمد حجازى للظهور مجددا

الحكومة: إطلاق حملة توعية للتأكيد على الحق فى اختيار مكان شراء الزي المدرسي


الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جمهوريًا بتعيينات في المحاكم الابتدائية.. بالأسماء

اعترافات صادمة لقاتلة أسرة دلجا بدير مواس: وضعت لهم السم والسبب ضرتي

ريبيرو يستبعد 9 لاعبين من قائمة الأهلى لمواجهة غزل المحلة بالدوري

زوجة الأب سممت الجميع.. الداخلية تكشف سبب وفاة أسرة دلجا بديرمواس

جيش الاحتلال: نتنياهو وكاتس وزامير أشرفوا على هجوم صنعاء من مقر سلاح الجو


ماذا قدم الإسماعيلى والطلائع فى دوري نايل قبل لقاء الليلة؟

وزارة التربية والتعليم: تسليم الكتب للطلاب دون قيود أو شروط

تنسيق المرحلة الثالثة.. 50% حد أدنى للتقدم لطلاب النظامين الحديث والقديم

مصري جديد فى السعودية.. حلمى علام مديرا رياضي لشباب طيبة بالمدينة المنورة

وزارة الصحة: رصدنا واقعة فساد بمستشفى ناصر العام وتعاملنا معها قانونا

الطلائع يهزم الإسماعيلى فى القيمة التسويقية قبل لقاء الليلة بالدوري

زوجان يتخليان عن ابنهما في المطار لانتهاء صلاحية جواز سفره.. والشرطة تتدخل

طبيب الأهلي يحدد موعد عودة مروان عطية للتدريبات الجماعية

إسراء آخر ضحاياه.. تعرف على عقوبة الإهمال الطبى فى القانون المصرى

ريال مدريد يخشي مفاجآت ريال أوفييدو في الجولة الثانية من الدوري الإسباني

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى