"اليوم السابع" يجرى حوارا مع رئيس دار الكتب والوثائق حول تفاصيل ترميم المصحف الحجازى أقدم النسخ القرآنية بالعالم.. أسامة طلعت: النسخة عمرها 1400 عام.. ويرجح أنها كتبت فى عصر الرسول أو الخلفاء الراشدين.. صور

نجحت دار الكتب والوثائق برئاسة الدكتور أسامة طلعت فى الانتهاء من ترميم مصحف حجازى الذى يعود للقرن الأول الهجرى، والنسخة المرممة هى من أندر وأقدم النسخ القرآنية على مستوى العالم، ولهذا أجرى اليوم السابع حوارا مع الدكتور أسامة طلعت رئيس دار الكتب والوثائق قبل الإعلان الرسمى فى مؤتمر صحفى واحتفالية بتفاصيل ترميم المصحف، إلى نص الحوار..

بداية.. كم المدة الزمنية التى استغرقت لترميم المصحف؟

قال الدكتور أسامة طلعت، رئيس دار الكتب والوثائق القومية، إن إدارة الترميم بالدار عملت على ترميم المصحف الحجازى بأحدث الطرق العلمية، إذ استغرقت عملية الترميم عامين، نظرا لحالة المصحف الذى جاء من جامع عمرو بن العاص، وتم ضمه لمقتنيات الدار عام 1911.

نريد أن تستعرض لنا تفاصيل المصحف الحجازى الذى تم الانتهاء من ترميمه مؤخرا

المصحف عبارة صحائف وعددها 31 صحيفة مقسمة إلى 16 ورقة فريدة و8 ورقات زوجية، وقد كتب المصحف بالحبر الحديدى ويتضمن أجزاء من 10 سور قرآنية، بالإضافة إلى سورة آل عمران كاملة، ومسجل على ورق الرق وهو جلد الحيوانات سواء ماعز أو غزال وهكذا، كما أنه مسجل من أقدم أنواع الخط العربى يسمى الخط الحجازى .

كيف كانت حالة المصحف قبل ترميمه؟

كان فى حالة سيئة من الحفظ نتيجة التقادم وعمره الطويل، فنحن نتحدث عن مصحف عمره تقريبا 1400 سنة، كما أن المصحف تناولته الأيدى، فالمصحف بطبيعة الحال يكتب ليقرأ، وكان يحفظ فى الجامع العتيق وتم نقله لدار الكتب التى كانت تسمى كتب خانة الخديوية فى فبراير 1911.

لماذا وقع الاختيار على المصحف الحجازى بالذات لترميمه؟

وقع الاختيار على المصحف نظرا لقيمته وأثريته، والذى أشارنا إلى أن أعمال ترميمه استغرقت عامين، وهنا سيتعجب الناس لطول فترة الترميم، ولكن لأن الترميم عملية علمية فقط تستغرق وثيقة أو ورقة ساعة أو قد يستغرق شهور وسنوات.

لماذا أطلق على المصحف "مصحف حجازى مبكر"؟

سمى بالمصحف الحجازى لأنه كتب بالخط الحجازى، ومبكر لأن تاريخه من الناحية الفنية الأثرية، ومن ناحية التحليل العلمى فإن المصحف يعود لفترة تتراوح ما بين 1370 سنة و1430 سنة، وهى نفس النتيجة التى توصل لها العلماء فى ألمانيا بعد إجراء تحاليل ودراسات على الصحائف المماثلة للمصحف الحجازى، أما من الناحية الأثرية فى تحديد عصر الوثيقة أو القطعة الأثرية والتأريخ الذى تم تحديده من 1370 و1430 سنة فنحن نتحدث عن عصر صدر الإسلام وهو عصر النبوة والخلفاء الراشدين، والرق المستخدم بالمصحف كان يتم استخدامه منذ فجر الإسلام، فقد تعالمنا فى مراحلنا الدراسية بأن القرآن كان يكتب فى صحائف ولكن صحائف متفرقة، وكان أول من أشار بالجمع سيدنا عمر بن الخطاب بعد موقعة اليمامة واستشهاد مجموعة من كتبة القرآن، وأوكل سيدنا أبو بكر الصديق لزيد بن ثابت بجمع القرآن، والجمع الثانى وهو الأشهر كان فى عصر عثمان بن عفان، والذى طالب من زيد بن ثابت أيضا بجمع المصحف فى كتاب، وهو ما عرف بالمصحف العثمانى، وتلك هى الصحائف المبكرة.

كيف تم حساب أو معرفة التاريخ الذى يعود إليه المصحف؟

تلك الصحائف لها مثيلتها تماما ومن نفس المصحف توجد 6 ورقات موجودة فى متحف برلين، وهناك قاموا بدراستها وبحثها بطريقة فنية وإجراء تحليل بما يسمى الكربون المشع أو كربون 14.

ما هو تحليل الكربون المشع أو كربون 14؟

ببساطة أى شىء يحوى على كربون فهى عضوية مثل عظم الإنسان والحيوان والرق المسجل عليه المصحف من الحيوان، وبالتالى يحوى على كربون، والتحليل بالكربون 14 أو المشع هو أخذ عينة المراد تأريخها ويعرضها لمجموعة من أنواع التحليل لتعطى له فى النهاية تأريخا تقريبيا لعمر هذا المنتج ما بين 30 و60 سنة، وذلك نتيجة قاعدة تنص على أن الكربون فى الذرة بعد موت الإنسان أو الحيوان تفقد عنصر الكربون بمعدل ثابت سنويا، وبالتالى يقوم بعملية حسابية علمية كم فقد المنتج من كربون وبالتالى تعطى له عمر تقريبى بالتأريخ.

هناك بعد الأقاويل التى تنادى بإرسال المخطوطات والوثائق لخارج مصر مثل ألمانيا لإجراء التحاليل عليها بشكل أدق.. رأيك؟

من ينادى بذلك فهو يعانى من فقدان الثقة بذاتها، فنحن لدينا فى مصر مجموعة من العلماء والخبراء والأثريين على أعلى مستوى والواقع هو ما أثبت ذلك.

نعود للمصحف ذاته والخط الذى كتب به وهو الخط الحجازى.. هل ذلك دليل على أنه من أقدم النسخ للقرآن؟

الخط الحجازى لدى المتخصصين يسمى بالخط المدنى نسبة للمدينة المنورة، حيث بدأ وانتشر القرآن منها، والأعم والأشمل أن المدينة جزء من إقليم الحجاز فسمى بالخط الحجازى، وهو سابق للخط الكوفى نسبة لمدينة الكوفة، وهذا دليل على أن هذا المصحف كتب بخط مبكر جدا وهو الخط الحجازى.

إذن كيف تمت معرفة أن الخط الحجازى خط مبكر؟

نحن نتحدث عن صحائف من الرق وهناك أوراق من البردى من القرن الأول الحجرى مثل عقود الزولج وسكوك البيع والشراء مدون عليها التاريخ، ولدينا شواهد مبكرة مكتوبة بالخط الحجازى، فمقارنة الخط فى نوع الخط والحبر يؤكد أنه كتب فى عصر مبكر، إلى جانب أن الصحائف التى تم الانتهاء من ترميمها الآن ليس بها ظواهر شكل والأعجم الذى بدأ على يد الحجاج بن يوسف خلال الجمع الثالث للمصحف فى عهد عبد الملك بن مروان، وبهذا التحليل الفنى والعلمى للمصحف يثبت أن هذا المصحف إن لم يكن أقدم بل يكون من أقدم الصحائف الباقية وتنفرد بها مصر، ولا أحد يمكن أن يسبقنا أو يتساوى معنا فيه.