الذين أطلقوا العفاريت فى درنة

أميرة خواسك
أميرة خواسك
بقلم أميرة خواسك
منذ وقوع إعصار درنة المؤسف الذى راح ضحيته الآلاف، والذين قدرتهم الأمم المتحدة بـ11.300 قتيل، بينما وزير الصحة الليبى أعلن أن الضحايا بلغوا 3868، إضافة إلى عدد المفقودين، أيا كان الرقم الحقيقى فإن الكارثة أكبر من أى رقم، على المستوى الإنسانى والاجتماعى والاقتصادى.
 
كارثة درنة على فظاعتها، ليست هى الأولى ولا الأخيرة فى تاريخ البشرية، فمثل هذه الكوارث تقع بين حين وآخر بأشكال مختلفة، سواءً كانت أعاصير أو زلازل أو براكين أو فيضانات أو حرائق، كل هذا غير الكوارث التى يصنعها البشر بأنفسهم ولعل الحروب هى أكبر هذه الكوارث، خاصة فى عصرنا الحديث الذى شهد فيه العالم حربين عالميتين استغرقت الأولى أربع سنوات 1914-1918 ، والثانية ست سنوات من 1939- 1945، وفى خلال الحربين مات ملايين البشر ودمرت مدن بكاملها وأصبحت أطلالًا، وانتشرت أوبئة ومجاعات وفقر مدقع.
 
ناهيك عن الحروب الإقليمية بين الدول والجماعات والحوادث، أقول كل هذا لأنى فى حدود علمى لم أسمع أن ضحايا أى من تلك الكوارث التى قتل فيها ملايين البشر قد خلفت وراءها عفاريت أو كما يقول الليبيون (الغيلان) أو الجن! نعم عفاريت، مع الأسف هذا ما يحاول البعض نشره الآن عبر فرق الإنقاذ والمستغلين بلا رحمة لما يجرى فى ليبيا، ويرددون أن المناطق المنكوبة يظهر بها ليلًا عفاريت تتحرك، وهى كالضوء يتحرك يمينًا ويسارًا، حتى أثاروا الذعر بين الناس، وهم يقولون إن هذا بسبب جثث المفقودين، وخرافات وقصص أخرى كثيرة يدللون بها على وجود العفاريت.  بل إنهم تقّوّلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالأذان". 
 
هؤلاء الذين يروجون تلك الخرافات ما هم إلا تجار حروب، وهو المصطلح الذى كان يطلق على من يتاجرون فى الحروب، ويبيعون أى شيء وكل شيء حتى يثروا ثراءً فاحشا، وهم فى الحقيقة قد كونوا ثرواتهم من دماء البشر وآلامهم، وتلك النوعية موجودة فى كل زمان ومكان، وهم أنفسهم الذين يسرقون المصابين والموتى فى الحوادث .
 
أما ترويج هذ الفكر ونشره وانتشاره هكذا، فهو مع الأسف لا يحدث إلا فى بلاد المسلمين، فكما ذكرت من مصائب ونكبات مرت على البشرية أزالت مدن بأكملها، لكنها لم تظهر إلا فى بلادنا، فلم نسمع أن هيروشيما ونجازاكى قد ظهرت فيهما العفاريت، ولم نسمع أن ألمانيا وإيطاليا المدمرتان فى الحرب العالمية الثانية قد ظهر الجن فيهما، أو أن بلاد الأرمن التى قتل رجالها ونساؤها وأطفالها وعلقوا على المشانق قد ظهر بينهم غول، أو حتى الأعاصير التى تجتاح أمريكا وكندا فى كل عام تقريبا ! والأمثلة كثيرة.
 
إذن لماذا لا تظهر العفاريت إلا فى بلادنا العربية والإسلامية فقط ، ولماذا لا تتردد مثل هذه الخرافات فى البلاد الأخرى؟ ولماذا تجد سوقًا رائجا عندنا، بينما يعتبرها الغرب تخلفًا وجنونًا؟ من الذى يريد أن يصّدر لنا الخرافات ويجعلنا نعيش فيها وندور حولها؟.
 
أعتقد أن ليبيا وأهلها لديهم ما يكفيهم من الكوارث والمحن، ولا ينقصهم ما يتداوله هؤلاء الظالمين الذين يثيرون الذعر ويفترون على الرسول وينشرون الأكاذيب المضللة، التى ما زال البعض يصدقها ويروجها إما لجهل أو منفعة، حمى الله الشقيقة ليبيا من كل سوء ومد يد عونه لأهلها فى محنتهم. 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

طب المنصورة قلعة طبية مصرية مصنفة من أفضل كليات الطب في الشرق الأوسط وأفريقيا.. دشنت برنامج "مانشستر للتعليم الطبي" في 2006 لمنح مستوى عالمي لدرجة البكالوريوس.. ويمكن للطالب السفر للتدريب فى جامعة مانشستر

تفاصيل التحقيقات مع المتهمين بالنصب على المواطنين بالعلاج الروحانى

اليوم.. طلاب القسم العلمى بالثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة البلاغة

ريال مدريد يرصد أعلى مكافأة فى تاريخه للتتويج بلقب كأس العالم للأندية

بدء غلق مؤقت للطريق الإقليمي لمدة أسبوع بدءا من اليوم


إمام عاشور يبدأ جلسات العلاج الطبيعي في الأهلي

المرور يبدأ غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام

ثورة تطوير فى اتحاد اليد استعدادا للموسم الجديد

الجفاف يضرب العالم بقوة.. انخفاض مستوى المياه فى نهرى الدانوب وتيسا.. المكسيك تواجه طوارئ مائية.. مشاكل بالزراعة والطاقة فى ألبانيا.. فانكو بإيطاليا تظهر بمناظر قاحلة ومتشققة.. واستراتيجية أوروبية لإعادة المياه

بي اس جي ضد الريال.. مبابي يتحدى باريس في مواجهة الثأر والانتقام


موسم باريس سان جيرمان المثالى يهدد حلم ريال مدريد المونديالى

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

تليفزيون اليوم السابع يوثق اللحظات الأولى من حريق سنترال رمسيس.. إخماد النيران وتجددها مرة أخرى والسحاب غطى وسط البلد.. الحماية المدنية سطرت ملحمة بطولية.. ووزراء ومسئولون يتابعون الحادث من موقع الحريق

تجدد اشتعال النيران في مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تحاول السيطرة.. صور

بعد 5 ساعات.. رجال الحماية المدينة يعلنون السيطرة على حريق سنترال رمسيس.. المباحث تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات الواقعة.. لجنة هندسية لمعاينة مدى تأثر المبنى.. والمعمل الجنائى ينتقل لتقدير الخسائر.. صور

الزمالك يواجه أورانج فى أولى ودياته استعدادا للموسم الجديد

سر ظهور آمال ماهر بفستان زفاف أبيض.. اعرف الحكاية

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

شركات المحمول: تأثير حريق سنترال رمسيس قيد التقييم.. وفرق الدعم تتابع

رسامة جديدة تعلن: مها الصغير نسبت لوحتى لنفسها.. لست الأولى فقد سرقت 3 آخرين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى