خالد دومة يكتب: هل أستطيع؟

ألا تعتذر عما بدر منك؟ هذا الجرح المحفور فى كيانى، أوردتى المشقوقة، دمى المستباح، أرقى المتواصل، النزيف الدائم، الذى لا ينقطع لحظة، ألم يكن قلبك من قبل، يبكى من أجلي؟ كيف تحول إلى صخرة؟ تتحطم عليه كل أمالى، التى تفتحت عينى عليها، بل أنت الذى أشرت إلى بها، نبهتنى إليها، إنى أراك قد قسوت، أنتاب قلبك صلادة، حاربت من أجلك سنوات، ضاعت من عمرى، خلف وهم، إنها موسيقى الحزن، ألحان الشقاء، التى تبكى القلب التاءة، حزينة أنا، فاق حزنى كل حد، ألهمنى الحب، وأنتزع منى، أعطانى وأخذ منى أضعاف ما أعطى، سلب منى، أشياء وأشياء، أريد أن أنفجر، أتكلم عن خيباتى المتوالية، أثقالى التى أحملها على ظهرى، احترفت الحزن والبكاء والألم، احترفت أوجاعى، صرت أصدر، أفيض على الأخرين، أطوف فى الشوارع، فى المدن المجهولة، أطوف فى الشمال والجنوب، لم أترك واديا أخضر، إلا وصيرته صحراء قاحلة، بدمعى بآهاتى، كنت أتسال لماذا أنا لا غيري؟ وأنا التى لم أظلم، لم أجور على أحد، أنت الذى علمتنى، أن أكون قلبا خالصا، عطرا خالصا، أن أجابه الألآم بسيل من عطف، بوابل من رحمة، كيف تأتى الآن، لتقول لى أن أمحو فى قلبى الجمال، أمحو الأغنيات التى كانت تطربنى، تلهمنى أنا أكون مثلك، عالما من الحب، لا ينضب. الآن تقول لى، أن أغير مجرى حياتى، تأمرنى أن أمحو ما تعلمت، ما صار فى دمى نهرا من ماء عذب سائغا للظمآى، تنبت على حافتى حبوب غذاء للجوعى، ما أشقانى بما بليت به منك، ليتك ما مررت على قلبى يوما، ليتك ما جئتنى، ما علمتنى، هل من الممكن أن أعود، كما كنت، لن أكون، فات الآوان، صبغت جدران قلبى بنسائم لا تفارقه، ألسنة النار، اللهيب المتوقد، الدخان المتصاعد فى سمائى، كل ذلك لا يحول بينى وبين قلبى، الذى ولد على يديك، لن أستطيع أن أعود، كيف أعود، كنت أهرول نحو اللا موت، كيف شددتنى إلى الحياة؟ كيف أستبقيتنى هنا؟
 
 عرفتنى أن هناك أشياء لم أرها من قبل، أتتركنى فى وحدتى، لا يجبنى سوى صدى صوت، أصرخ ترتد صرخاتى فى أذنى، صوت بكاء، لحن موت، نسجت من خيالى أحلام لا تنتهى، كنت أنت رأس الجذور، التى أمدتنى بالماء، بالبقاء على العهد، كيف أتخلص منك، من لون عينيك، حين كانت تلمع فى الشمس بلونها العسلى، كيف أهرب من كلاتك تطاردنى فى مخدعى، فى وحدتى، تملأنى، تؤنسنى، إنه لو تدرى الجحيم، إنه لو تدرى الشقاء الأبدى، كيف أصف لك شعورا مبهم، شعور لا أفسره، إنه حساب معقد، أتفهم ما أعنى، أتشعر به، أيصلك الضباب، الذى يخيم على حياتى كلها.
 
 أرجو أن تعود إلى، أن تعيد إلى ما أفقدتنى إياه، الزمن المتشعب بخيوطه الكثيفة، تأكد أنى سأظل على العهد، الذى لقنتى إياه، فى صبايا، كنت أجهل كل شيء، حتى نفسى كنت أجهالها، عرفتنى بها، وضحت لى ما غاب عن عينى، ما حجبته سنوات النفاق فى الناس، أن ظلمتنى، ظلمت قلبا أحبك، طاهرا أقتدى بك، لم أسيء إليك، لم أبخل بشيء، أعطاك حتى نفذ رصيده من كل شيء، وذاب فيك، تاب عن كل شيء إلا أنت، عاد إليك بعد مسيرة سنوات فى غياهب الحياة، الهزائم تراكمت، لكننى لن أعود إلى نقطة الصفر، بعد هذه الجبال الراسيات من الألم، لن أعود، لن أستطيع أن أعود، لن أنفصل عنك، ولو انفصلت كانت النهاية المؤسفة، النهاية التى قدرتها، سأنتظر ولو سنوات، ولو للحظات الأخيرة، أنفاسى الأخيرة، هب روحى قليل من الحياة، كى تموت فى طمأنينة، قبل الوداع الأخير، بدأت من نقطة العذاب، وانتهيت إلى نقطة النار، اللهيب الذى يشوى الوجوه، يشوى البذور، تجف الثمار، تموت فى لحظة القطف، تعطى مرارة لا تستساغ، منهكة فيك، منهكة بك، ليس لى أن أعود بعد أن قطعت فيك، كل سنوات عمرى، كيف أضيعها دفعة واحدة، أمحوها دفعة واحدة، وأصير بلا ذكرة، أنت ذاكرتى إذا ما فقدتها، فقدت كل أشيائى، أبحث عنها كيف؟ بعيدة عنك، وفى أى مكان، أى أتجاه أى رياح تأخذنى إلى بلاد، لا أراك فيها، لا أسمع صوتك، أتشمم تراب الأرض، فلا عطر، يمر على أنفى، ولا هواء، أقتصد فى الحب فاقتصدت، خفف من حمولته خففت، كل هذا، والحمل ثقيل، والحب فيض، أمواج عاتية، قالوا لى أننى خطيت عملا، أنهك القلب، ذهبت إلى أبواب المنجمين، شربت ماء مقدسا، توضأت به، قرأت المعوذتين، فى الصباح والمساء، لم ينفك السحر، سحره من نوع خاص، استعان بملوك الجان، بكل عفاريت الأرض، ذبحت ديوكا على عتبت بيتى، لعله يزول، لكنه لم يزول، ترقبت كل يوم أن أصحو بلا قلب، بلا حب، بلا هو، أن أنسى رسمه واسمه، وكل ما يتعلق به، لكنه قابع هناك فى سراديب النفس، فى القواقع، إنهم عجزوا عن إخراجه، عن زحزحته، لن أستطيع. 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزير الصحة: 27 مصابا فى حادث حريق سنترال رمسيس وانتشال 4 جثامين

الحسابات الفلكية: الصيف يستمر 92 يوما و39 ساعة وهذا موعد بداية فصل الخريف

الزمالك يستعين بكهربا ومعتز إينو والشناوى فى شكوى زيزو لاتحاد الكرة

خالد صلاح يكتب : إنذار مبكر.. الأفكار المتطرفة لم تمت بعد .. وعمليات تجنيد إرهابيين جدد لا تزال مستمرة

اتحاد الكرة: لن نستدعى زيزو والأهلى إلا بعد حضور محامى الزمالك لجلسة الاستماع


اليونان.. إغلاق العمل حتى الخامسة مساء لتجاوز درجات الحرارة 40 درجة

الأهلى يطارد مصطفى محمد.. ونانت يضع شرطًا مكلفًا لبيعه

الزمالك يطالب حسام عبد المجيد بحسم موقفه من تمديد العقد

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات

فلومينينسي يصارع تشيلسي على بطاقة نهائى كأس العالم للأندية 2025


تنسيق الجامعات 2025.. أماكن أداء اختبارات القدرات لكليات علوم الرياضة

ميسي vs رونالدو.. هل يعود الصراع التاريخى عبر بوابة الدوري السعودي؟

رجال الحماية المدنية يواصلون عمليات التبريد لحريق مبنى سنترال رمسيس

رضا سليم يُفضل العروض المغربية عن المحلية للرحيل عن الأهلي

محمد حماقى يُحيى سهرة غنائية بمهرجان جرش بداية أغسطس

معلومات عن محاكمة المتهمين بقضية خلية المطرية.. بعد نظر أولى الجلسات

10 تغييرات فنية لأندية الدوري استعدادا للموسم الجديد

غادة عادل وأبطال وتر حساس 2 يبدأون تصوير أول مشاهد المسلسل 20 يوليو

بعد عطل الاتصالات والإنترنت.. إقلاع 36 رحلة طيران وجار العمل على 33 أخرى

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى