حوار وطنى للمختلفين.. وقواعد حاكمة للجميع

أكرم القصاص
أكرم القصاص
من يريد أن يتعامل مع الحوار الوطنى بجدية سوف يكتشف كم وكيف التغير فى المجال العام والحوارات والنتائج التى تحققت، ومن يريد أن يغلق عينيه وأذنيه وينظر من ثقب ضيق، سوف يبقى عند نقطة قاتمة، وفى السياسة هناك مساحات للتوافق والجدل، ومهما كان التصور قبل بدء الحوار الوطنى، فهو يختلف عما بعده، ومنذ البداية لا يوجد حوار من طرف واحد، لكن الحوار يقوم بين أطراف مستعدة لقبول الاختلاف والتنوع.
 
وتثبت تجربة الحوار الوطنى أن أفضل طريق هو الحوار بلا شروط، وبصراحة ومن دون لف أو دوران أو إخفاء للنوايا فى أغلفة كلام كبير، وأن تلتزم التيارات بما تطالب به الآخرين، بالشفافية والوضوح، خاصة وقد وصل الحوار إلى مراحل مهمة بعد الانتهاء من بعض التوصيات والمطالب ورفع بعضها إلى الرئيس أو المجالس النيابية تمهيدا لإصدارها فى تشريعات، وهى توصيات بعضها يتعلق بالعمل السياسى، أو حريات الرأى وتداول المعلومات، أو توصيات متوسطة وبعيدة المدى تتعلق بالتعليم والعلاج والاقتصاد والمجتمع، والتى تتطلب بالفعل المزيد من المناقشات تحولها إلى خطط قابلة للتنفيذ.
 
وأهم مكاسب الحوار أنه فتح الباب لقطاعات كثيرة من المجتمع السياسى والأحزاب والمنظمات الأهلية، لتطرح وجهات نظرها، ومطالبها للمشاركة فى العمل العام بقواعد حاكمة تفرض نفسها على الجميع، بل وحتى تفتح الباب لطرح انتقادات وآراء للتفاعل مع ما يجرى. 
  
والواقع أن الحوار الوطنى بقدر ما كشف عن إمكانات لدى قطاعات من السياسيين والحقوقيين فى النقاش وطرح الأفكار والسعى إلى توافق، فقد كشف أيضا عن فقدان بعض الشخصيات من الزعامات أو النشطاء للبوصلة والقدرة على المناقشات الجادة، ووقوف البعض عند أزمنة تخطاها الواقع، وتجاوزتها الأحداث، أو أن البعض ممن يطرحون آراءهم وأفكارهم يعجزون أو يتجاهلون التعامل بنفس المقاييس مع نفس القضايا، بل وأحيانا يتجاهلون حجم التحولات التى يشهدها الواقع محليا وإقليميا وعالميا. وهى تحولات غيرت من شكل السلطة وطرق ممارستها، والدور الذى تلعبه مواقع التواصل ومنصات النشر.
 
ونكرر أننا فى عصر التكنولوجيا والنشر الواسع ومواقع التواصل، من الصعب على أحد أن يزعم وجود حجب أو منع لرأى، بل إن الأمر يتجاوز الرأى إلى إطلاق أكاذيب وحملات ممولة من منصات تنطلق من جهات متربصة، ومنصات ليس من مصلحتها أن ينجح الحوار أو يتم استيعاب الجميع، وإنما تدفع هذه المنصات نحو الصراع وتبذل كل جهد لاستمرار الخلاف، وتعتمد على الشائعات أو المعلومات والتقارير المغسولة، وتضخم كل موضوع بلا أى ضرورة، وهى منصات يمولها التنظيم الإرهابى وأجهزة الاستخبارات وتضغط منذ بداية الحوار الوطنى لفرض نفسها ودعوتها إلى حوار ليست طرفا فيه، ولا مدعوة إليه، وقد تكشفت الحقيقة من شهادات أعضاء انشقوا عن تنظيم الإرهاب، أو عملوا داخل خلايا التحريض بالخارج وخرجوا ليعترفوا أنهم يتلقون تعليمات بشن هجمات على الدولة، وتقارير مغسولة ومفبركة، لإجبار الدولة على قبولهم أو التجاوز عن خطاياهم وجرائمهم فى دعم الإرهاب.
 
وعندما أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، مبادرته، ودعا لحوار وطنى لا يستبعد أحدا، اختلفت ردود الفعل بين التيارات السياسية والأهلية والحزبية، كان الجميع مدعوا للحوار، فقط تم استبعاد الإرهابيين وداعميهم ومنصاتهم، ومن تلوثت أيديهم بالإرهاب أو التحريض عليه، وهى حسبة منطقية، لكن بعض التيارات والزعامات تصورت أن الحوار يتم لإرضاء الخارج أو بسبب ضعف أو تراجع، بالرغم من أن الأمر كان واضحا أنه يتم بعد انتهاء الإرهاب ووصول الدولة إلى لياقة تسمح بالمزيد من التوسع فى المشاركة وإدارة التنوع.
 
من هنا يمكن التفرقة بين سياسيين يطرحون آراءهم من منطلق محلى أيا كانت قوتها أو حجم الانتقاد فيها، وبين تيارات تستقوى بالخارج وتظن أنها يمكن أن تمارس نوعا من الضغط، وممارسة السب والقذف والتحريض، وبقدر ما يظهر الحوار تنوعا فى الآراء، فهو أيضا يكشف عن نوعية من المعارضين الافتراضيين الذين يعجزون عن المناقشة ويختفون خلف صوت عالٍ أو كلام مبهم ومجرد رد فعل، من دون قدرة على تقديم رأى أو فكرة، فضلا عما يكشفه خطاب بعض النشطاء على المعاش، ممن يعجزون عن الحوار، ويكتفون بالمزايدة أو الابتزاز.
 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

تفاصيل بدء تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى.. فيديو

اليوم.. صرف تكافل وكرامة عن شهر أغسطس من الصراف الآلى

تفاصيل إحالة عامل للمحاكمة بتهمة التعدى على سيدة داخل سيارة

هداف الدوري الإنجليزي التاريخي.. محمد صلاح خامس العظماء


مجلس الشيوخ المصرى رحلة قرن ونصف من التشريع والحكمة.. من 1829 إلى 2024 ألغاز وحقائق تنكشف.. حكاية 9 ساعات فقط عُمر دورة انعقاد كاملة عام 1925.. تم حله 5 مرات ومازال صامدا.. المجلس رفضته الثورات وأعادته الدولة

39 عاما على البرىء.. عندما قال نور الشريف "السيناريو ده مايعملوش إلا أحمد زكى"

حمدي فتحي في اختبار صعب مع الوكرة ضد العربي في الدوري القطري

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15-8-2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة


مفتى الجمهورية: إسرائيل الكبرى أكذوبة لا أساس لها وخرافة قديمة يعاد إحياؤها

محمد صلاح يتصدر تشكيل فانتازى الدورى الإنجليزى للجولة الأولى وغياب مرموش

باكستان تعلن إنشاء "وحدة صاروخية" جديدة لتعزيز قدرات بلاده العسكرية

جدول ترتيب الدورى الممتاز الخميس 14 أغسطس 2025.. المصرى يتصدر

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

الاتحاد يغادر إلى هونج كونج استعدادا لمواجهة النصر فى كأس السوبر السعودي

تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك ينهى أزمة مستحقات البرتغالى جوزيه جوميز بالتراضى

وزارة التعليم: مسمى جديد لشهادات التعليم الفنى باسم البكالوريا التكنولوجية

بيراميدز يهزم الإسماعيلي ويحصد أول فوز بالدورى فى مباراة البطاقات الحمراء

مواعيد عرض "بتوقيت 2028" ثانى حكايات مسلسل ما تراه ليس كما يبدو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى