"النقطة العميا".. تكشف جوانب الإنسان الخفية عندما يضع نفسه أمام مرآة الحقيقة

مسرحية النقطة العميا
مسرحية النقطة العميا
كتبت شيماء منصور
من الممكن أن تكذب علي نفسك وأن تضع مبرراً منطقياً لكل فعل بشع تقوم به، حتى تثبت لنفسك أنك علي صواب ولم تخطئ، والمهم في ذلك "إنك ماتتكشفش"، حتى تأتي تلك الساعة الحاسمة التي يضعك أحدهم أمام المرآة "مرآة الحقيقة" وتقوم فيها بلملمة روحك ولملمة تلك الشروخ التي لم تتخيل يوماً أنها موجودة، وفي تلك اللحظة تكتشف النقطة العمياء عندما تُكشف الحقيقة كاملة لنفسك .
 
تلك كانت الفلسفة التي قامت عليها مسرحية " النقطة العميا" من إنتاج مسرح الغد بقيادة الفنان سامح مجاهد، والتابع للبيت الفني للمسرح بقيادة المخرج خالد جلال، وكانت من إخراج المخرج أحمد فؤاد، والمأخوذة عن رواية العطل للكاتب السويسري فريدريش دورنيمات"، والحقيقة أن هذه ليست التجربة الأولي لفؤاد ولكن كان له عدة تجارب من قبل بمسرح الدولة استطاع أن يثبت فيها نهجه الخاص ورؤيته الواضحة والمختلفة والتي تجعلك على يقين أنك عندما تذهب لمشاهدة "النقطة العميا" ستشاهد عمل جيد وستستمتع به . 
 
تدور أحداث " النقطة العميا" حول لعبة، تلك اللعبة التي تنقلب علي صاحبها، وبالمناسبة ليست هذه المرة الأولي الذي نري في عمل درامي فكرة اللعبة التي تنقلب علي أصحابها فقد شاهدناه من قبل في السينما في فيلم "ويجا"، وفي فيلم "أصحاب ولا أعز"، فتلك الفكرة مرسخة لدينا، فاللعبة في "النقطة العميا" كان بطلها آدم السمري، وهو الدور الذي لعبه نور محمود، وتعد تلك التجربة الأولي للفنان نور محمود في المسرح والذي عرفناه في الدراما التلفزيونية والسينما وأثبت وجوده بجدارة، وفي المسرح برغم أنها تجربته الأولي إلا أنه استطاع أن يصنع حالة ود وحميمية بينه وبين الجمهور واستطاع كذلك أن ينصهر مع خشبة المسرح لتشعر وكأنه صديق قديم لها فقد قدم دوره بكل سلاسة وبراعة.
 
وكان لاسم آدم السمري دلالة فهو تمثيل حي لكل بني آدم، وتبدأ حكايته في فيلا الدكتور حكيم والتي قدمها مهندس الديكور أحمد أمين من طابقين الطابق الأول الذي أعتاد أن يجلس فيه الدكتور حكيم مع أصدقائه عادل وكمال وأن يلعبوا لعبتهم المفضلة "المحكمة"، أو لعبة "الشطرنج" واختيار الشطرنج  هنا ليس صدفة ولكن هو إسقاط علي الصراع الذي يدور بين شخصيات المسرحية، أما الدور الثاني فكان لمجموعة غرف لكل غرفة اسم معين حسب العقوبة التي تقع علي الجاني في لعبة المحكمة، وبجانب تلك الغرف كان هناك غرفة ترسم فيها داليا "الخادمة" وتعلق عليها لوحاتها الجميلة.
 
عندما يدخل آدم للفيلا بسبب عطل أصاب سيارته بعد تعرضه لرياح وسيول وأمطار شديدة فلم يجد ملجأ سوي تلك الفيلا الذي أقترحها عليه الميكانيكي والذي بالمناسبة تميز بخفة دمه، ومنذ اللحظة الأولي الذي دخل فيها آدم وقد اتضحت شخصيته فهو شخص معتز بنفسه جدا متعجرف نوعاً ما، واستطاع عادل "أحمد عثمان" أن يكشف عن جوانب شخصيته بكل سهولة ولم لا فهو متخصص في علم النفس الجنائي، اقترحوا عليه اللعبة ووافق علي الفور ظناً منه أنهم سيلعبون "القمار" وعندما عرف طبيعة اللعبة وهي "المحكمة" حاول الرفض ولكن استفزه عادل وقال له إنه بالتأكيد يخشي الخسارة مما دفعه للموافقة على الفور. 
 
بدأت اللعبة وكان كمال "أحمد السلكاوي" هو محامي الجاني، وعادل كان محامي الادعاء، وطلب كمان أن يفصح آدم عن أي جريمة ارتكبها من قبل حتى تبدأ اللعبة ولكن آدم ينكر أنه قام بأي جريمة، ومن خلال الأحداث نعرف أن آدم قد تم ترقيته في وظيفته من مجرد مندوب لمدير المبيعات منذ عام واحد فقط وتحديداً بعد موت مديره السابق ومن هنا يستنتج عادل أن آدم هو من قتل مديره السابق ولكن ينكر آدم باستهزاء ويقول إنه قد مات بالسكتة القلبية لأنه كان مريض قلب.
 
وبسبب دهاء عادل يبدأ في الضغط النفسي علي آدم الذي يعرف من خلاله أنه كان على علاقة بزوجة مديره السابق وأنه علم منها معاناته المرضية، مما جعله يخطط دون وعي أن يخبر مديره بعلاقته بزوجته وفي نفس الوقت يسحب كل عملاءه من الشركة ويبلغ زميل له في الشركة بذلك وهو على ثقة أنه سيقوم بإبلاغ مديره بسبب الكره الذي يكنه لآدم، وهذا ما حدث بالضبط وكانت النتيجة موت مديره السابق بالسكتة القلبية ليصبح مكانه خالي ويتم ترقية آدم، وبعد الضغط عليه يعترف آدم أنه بالفعل خطط لذلك ولكن دون وعي.
 
ليحكم حكيم علي آدم السمري بالإعدام شنقاً كعقوبة على تلك الجريمة التي تبدو عبثية وخارجة عن المألوف، جريمة قتل سلاحها الخيانة الزوجية.
 
خلال المسرحية كان هناك مباراة تمثيلية حقيقية بين الشخصيات فنور محمود الذي أدي دور آدم السمري كانت شخصيته بها العديد من الأداءات المختلفة فآدم في البداية كان تلك الشخصية المتعجرفة الذي يري نفسه كازانوفا يقع في حبه كل النساء حتي انه حاول معاكسة الخادمة داليا، حتي وضعه عادل أمام مرآه الحقيقة وكشف له نقطته العميا لنجد أمامنا شخصية أخري لملمة جميع شروخها وتغيرت مجري الأحداث، أما حسام فياض الذي قدم دور حكيم فقد كان دورته حكيما بالفعل وقدم الدور برصانة وهدوء، أما أحمد عثمان الذي قدم دور محامي الادعاء فكان أداءه مبهر وانفعالاته ونظراته مبدعة وأحمد السلكاوي استطاع أن يقدم شخصية كمال بخفة ظل معهودة منه بالإضافة للحظات الإنسانية التي قدمها فقد برع فيها ولا نستطيع أن نغفل داليا "هايدي بركات" والميكانيكي "عمر صلاح الدين "الذي أبدعوا أيضا في أدائهم .
 
في النهاية قدم المخرج أحمد فؤاد، عرضا جاذبا من حيث الشكل والمضمون، استطاع أن يسبر أغوار النفس البشرية، ويكشف جوانب من جوانب الإنسان الخفية التي يعتقد أن لم يفعل شيئا رغم كل ما اقترفه من جرائم في حق الآخرين، ليتبين لنا جانب من مرآة الحقيقة التي نغفلها.
 
 
 
93907d9b-5bfa-4d98-b8a7-6f3e47acfc13
 

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رامي جمال يطلق ألبوم "محسبتهاش" اليوم.. 15 أغنية بينها ديو مع حمزة نمرة

تصريحات نارية من لاوتارو مارتينيز بعد سقوط الإنتر ضد فلومينينسي

زى النهارده.. ركلات الترجيح تنهى رحلة الأهلى فى كأس مصر لصالح المصري

إصابة جديدة تضرب الهلال قبل مواجهة مانشستر سيتي في مونديال الأندية

اليوم.. انطلاق اختبارات الناشئين بنادي البنك الأهلي


المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: كيف أنقذت 30 يونيو مصر من محاولات أخونة الدولة واستهداف مؤسساتها وإقصاء كل المعارضين.. أسست جمهورية تقوم على سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات العامة والمواطنة

موعد إجازة 30 يونيو للعاملين بالقطاع الخاص.. تفاصيل

حاضنة الأقصر للتراث الفنى والصناعات الحرفية بوابة دعم مشروعات الشباب.. قدمت 30 خدمة متخصصة لمجموعة مشروعات تنمية الصناعات المحلية بدعم من جهاز تنمية المشروعات.. والمحافظ يشيد بجهود الشباب فى دعم جميع المجالات

بعثة شباب اليد تعود من بولندا صباح اليوم بالمركز السادس لبطولة العالم

هاري كين يضع بصمته على أرقام تاريخية جديدة مع بايرن ميونخ


أحمد سمير: الزمالك لم يتأثر برحيل زيزو ولازم شيكابالا يكمل موسم لأن دوره مهم

كيف أطاحت جماعة الإخوان "الإرهابية" بحقوق المرأة؟.. الفكر التأسيسي قائم على الوصاية باقتصار دورها على المنزل والإنجاب وخطابهم المعادي لحقوق المرأة.. والإقصاء من المناصب القيادية واستخدام النساء كوسيلة لا كقضية

تعرف على قرارات مجلس إدارة الأهلى فى اجتماعه اليوم

الزمالك يوجه الشكر للجهازين الفنى والطبى ومدير الكرة

تجديد حبس متهمبن بالنصب على المواطنين فى تغيير العملات الأجنبية بمدينة نصر

الخلافات تضرب حكومة جنوب أفريقيا الائتلافية.. رامافوزا يثير غضب التحالف الديمقراطي بعد إقالته نائب وزير التجارة.. ويتفيلد يكسر صمته: لم أتلق تفسيرًا فى رسالة إقالتي.. ويعترف: لم أحصل على موافقة قبل سفرى لواشنطن

الاستعدادات السياسية تتصاعد قبيل إعلان الجدول الزمني لانتخابات مجلس الشيوخ.. الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن الجدول الزمني غدًا.. واستنفار انتخابي داخل الأحزاب والقوى الوطنية لإنهاء الاستعدادات اللوجستية

الرئيس السيسى يهنئ رئيس وزراء كندا "مارك كارنى" على فوزه في الانتخابات العامة

فى الذكرى الـ12 لثورة 30 يونيو.. لماذا ثار المصريون ضد الإخوان؟.. خبراء وسياسيون يكشفون: الجماعة تعاملت مع مصر على أنها غنيمة وحاولوا تفتيت مؤسساتها لصالحهم.. والتنظيم زرع عناصره داخل مؤسسات الدولة

أخبار مصر.. الطقس غدا شديد الحرارة وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 37 درجة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى