أمام غريزة «التريند» لا خصوصية ولا رحمة!

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم : أكرم القصاص
لا حدود للتريند، ولا قيمة للموت أو العشرة فى ظل غريزة الشهرة والتشهير، تفاصيل حياة الأزواج والزوجات، «أخص» خصوصيات العلاقات الأسرية، الانتقام بكل ما يحمله من قسوة وكراهية، كل هذا وأكثر أصبح معروضا أمام الناس فى الداخل والخارج، وبعض من يذهبون إلى الانتقام لا يحسبون انعكاس هذا على الأبناء أو الأسرة أو المحيط، بالطبع فإن البعض يتورط فى سلوكيات خاطئة، تحت دافع الشهرة أو النجومية، لكن «الاسكرين شوت» أصبح أداة انتقام شديدة القسوة، تطيح بالخصوصية، وتحرق أطرافها، ومن حولهم.
 
ويبدو أن النقاش تجاوز الخصوصية، والبحث عن الحدود الفاصلة بين العام والخاص فيما يتعلق بحياة الآخرين، وأيضا بتفاصيل حياة الأسرة ذاتها، باحتفالات الانفصال، وأيضا بممارسة الانتقام، بجانب اعتبار أى احتفال أو فرح أو رحلة، مناسبة للنشر والعرض والقتل المعنوى، ومع الوقت يفقد الجمهور اندهاشه، ويطلب المزيد، والجمهور هنا ليس الجميع، لكنه العدد الكافى لصناعة التريند.
 
اندهش البعض عندما استعرض شاب على حسابه بتيك توك مقاطع توثق وفاة والده من الاحتضار فى سيارة الإسعاف حتى وصوله للمقابر، وكتب عبارات يستعطف المشاهدين، بحجة أنه يطلب الدعاء لوالده، وعندما تعرض لهجوم وانتقادات، برر النشر بأن الفيديو «عمل مليون و600 ألف مشاهدة»، وأضاف بفخر كبير «لو فيه 30 % انتقدونى فيه 70 % تعاطفوا معايا.. اللى عملته أى حد بلوجر بيعمله ومعرفش إن الناس عقولها بقت بالطريقة دى».
 
الشاب البلوجر اليوتيوبر لا يرى أى مشكلة فى عرض عملية موت ودفن والده، المهم أن نسب المشاهدة مستمرة وقابلة للزيادة، بل هو يبدى دهشة ممن عبروا عن صدمتهم من تصرفه، ويراهم «ناس عجيبة» لأنهم طبيعيون، وبالتالى فالطبيعى يصير مختلفا وغريبا فى عالم يستهلك يوميا من التريندات أكثر مما يتغذى على الطعام، وفى المرة القادمة لن يكون هناك اندهاش، أو شعور بالصدمة من ملايين المشاهدات لمزيد من مشاهد الموت والحزن، أو حتى حفلات انتقام وتشفى بـ«الاسكرين شوت».
 
مؤخرا عرفت مواقع التواصل قصصا عن زواج وطلاق، تحولت إلى «تريندات»، ولم يعد السؤال عن سبب إعلان زوجة أو زوج خبر الانفصال، مع الإعراب عن الاحترام المتبادل، والإبقاء على الخصوصية التى ضاعت وسط حملات الاستعراض والفرجة، على زوجين كانا مثالا للأزواج المثاليين اللذان أصبحا طليقين مثاليين. الأزمة أن العلاقات التى تتحول إلى تريندات غالبا ما تنتهى بنفس التريندات، وتصبح الأسرة فرجة بكامل الرغبة والموافقة، لأنهم من أتاحوا تفاصيل حياتهم للعامة. 
 
فى الماضى كان الاتهام يتوجه للإعلام، أنه وراء البحث عن النميمة والفضائح، الآن أصبح أطراف العلاقة هم من يقدمون المادة الخصبة للنميمة، بشكل أقرب لمسلسلات، تبدو أكثر جذبا للفرجة والتفاعل أكثر من بعض الأعمال الفنية، وبالمناسبة فإن الأزمة لا تتعلق فقط بمجتمعاتنا، بل هى أمر يخضع لدراسات وأبحاث فى العالم كله، كيف تتحول الفضائح والعلاقات الخاصة إلى تريندات للفرجة، والهدف أن يصبح الشخص مشهورا أو حتى نصف معروف تحت الضوء.
 
وغالبا ما يأتى بالتريند، يذهب بتريند آخر، يختفى ليظهر غيره، المهم تغذية ماكينة النميمة والفرجة، والإبقاء على جمهور متعطش للتفاعل مع هذا الواقع، الذى يفقد غرائبيته مع الوقت.. هنا يأتى السؤال عن موقع الجمهور،  أو «بعض الجمهور» الذى يستمتع بإعادة مشاركة «شير» التفاصيل والصور و«الاسكرين شوتز»، ويتلذذ حتى وهو يمتدح أو يلوم وينهال باللعنات والانتقادات لمنتجى الفضائح، بينما يشارك فى حفلات شواء ونميمة بـ«شير أو لايك أو حتى دسلايك»، ضمن غريزة هى التى تصنع «التريند» مع مسحة أخلاقية أو غيره، لكنها لا تخلو من استهلاك فى عالم يحب التريند ولا يعرف الخصوصية ولا الرحمة.
 
p.8
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مدبولى: نحرص على إطلاق حزمة استثمارية لإعطاء دفعة للقطاعات الواعدة باقتصادنا

زاره رئيس وزراء الولاية.. لماذا خاطر أحمد الأحمد بحياته لنزع سلاح مرتكب هجوم سيدنى؟

الإعلانات تنجح في إنهاء ملف بقاء ديانج مع الأهلي

تقرير يفضح تمويلات الإخوان المشبوهة خلف ستار الاقتصاد الحلال

كل ما تريد معرفته عن المغربي يوسف بلعمري أول صفقات الأهلي الشتوية


الأهلى يعلن التنازل عن مقاضاة مصطفى يونس

الأرصاد تحذر هذه المحافظات من أمطار خلال ساعات وتتوقع وصولها إلى القاهرة

كامل الوزير يتسلم شهادة دخول ميناء السخنة موسوعة جينيس كأعمق حوض من صنع الإنسان

أليو ديانج يرفض طريقة زيزو في الرحيل عن الأهلى

أحكام سجن بالجملة ضد أهالى شبراهور بسبب إيصالات أمانة.. اعرف القصة


غياب عادل إمام عن جنازة شقيقته بمسجد الشرطة وحضور أحمد السعدنى

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم أفريقيا

الأرصاد تحذر: سحب ممطرة على هذه المحافظات وتوقعات بأمطار غزيرة

باب الالتماسات يعيد الفرصة لطلاب لم يحالفهم الحظ فى القبول بكلية الشرطة

التشكيل المتوقع لمنتخب مصر أمام نيجيريا.. الشناوي في حراسة المرمى

الأهلي يوافق على انتقال شكري وبيكهام وكمال لصفوف سيراميكا في يناير

مواعيد مباريات اليوم.. مان يونايتد ضد بورنموث ونصف نهائي كأس العرب 2025

4 يناير بدء امتحان نصف العام فى المواد غير المضافة و10 للمواد للأساسية

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى