ما حكم القرض الشخصي بضمان الوديعة لدى البنوك بدلا من كسرها؟.. دار الافتاء تجيب

أموال وبنوك- أرشيفية
أموال وبنوك- أرشيفية
كتب لؤى على
ما حكم أخذ القرض الشخصي بضمان الوديعة بدلا من كسرها؟ فلدي وديعة بالبنك بمبلغ من المال، وأردت شراء قطعة أرض، فذهبت إلى البنك لكسر الوديعة لدفع ثمن قطعة الأرض، فأرشدني موظف البنك إلى أخذ قرض بضمان الوديعة بدلًا من كسرها، فما الحكم؟، سؤال ورد لدار الافتاء وجاء الجواب كالآتى:
 
رهن الودائع البنكية جائزٌ شرعًا، ولا حرج شرعًا في حصول أصحاب الودائع على تمويل من البنك بضمان ودائعهم بدلًا من كسرها، ولا في تسديد الأقساط المستحقة للبنك (المرتهن) من أرباح الوديعة (المرهونة).

التكييف الفقهي لأخذ المال من البنك بضمان الوديعة

وجاء في الرد، حول أخْذُ المال من البنك بضمان الوديعة: هو طريقٌ من طُرقِ التمويل، وهو عبارة عن منح أصحاب الودائع مبلغًا من المال مرتبطًا بقيمة الوديعة، بمُعَدَّلِ فائدة منخفض أو متناقص -يصل أحيانًا إلى 2%- تُضافُ إلى عائد الوديعة، بمعنى أنَّ الفائدة على الوديعة إذا كانت تساوي 10%، فإن فائدة المبلغ تكون 12%، وذلك من أجل تسهيل عملية ادخار الأموال على المدى القصير دون الحاجة إلى كسرِ الودائع من المودعين، بحسب ما أفاده الخبراء والمختصون.
 
وبذلك فهذه المعاملة هي نوع من أنواع الاستثمار للجهتين: لجهة البنك، وجهة الآخذ، وهو صاحب الوديعة؛ لأن إرادتهما في العقد الناشئ بينهما غير منصرفة إلى كون الإيداع والأخذ سَلَفًا، وإنما انصرفت إلى إنشاء عقد يُتغيَّا منه التمويل بدلالة الألفاظ والأوراق التي تجري بينهما، ومن ثَمَّ وجب تكييف هذه المعاملة وفق مقصود المتعاقديْن، وقد استقرت الفتوى في تكييف معاملات البنوك على أنها من باب عقود التمويل المستحدثة لا القروض التي تجر النفع المُحرَّم، ولا علاقة لها بالرِّبا، خاصة وأن العلاقة بين الشخص الطبيعي وبين مثله تختلف في أحكامها بين الفرد وبين الدولة التي يمثلها البنك، بالإضافة إلى أنها قائمة في حقيقتها على التعاون والمشاركة بين رأس المال والعمل على نمائه، وهي معاملة محقِّقة لمصالح أطرافها مع سدِّ الحاجات العامة والنمو الاقتصادي والاستقرار المالي للدولة.
 
وأضاف رد دار الإفتاء، أن هذا يتوافق مع ما عليه التحقيق والعمل من جواز استحداث عقود جديدة إذا خلت من الغرر والضرر، وهي التي عبَّر عنها حجة الإسلام الغزالي بـ"مفسدات المعاملة"، و"مفسدات العقود"، و"أسباب الفساد"، و"مثارات الفساد"، كما في كتاب "آداب الكسب والمعاش" المضمن في كتابه "إحياء علوم الدِّين" (2/ 64-69، ط. دار المعرفة)، وعبَّر عنها الإمام ابن رشد الحفيد بـ"أصول الفساد" وحصرها في أربعة: تحريم عين المبيع، والرِّبَا، والغرر، والشروط التي تؤول إلى أحد هذين أو لمجموعهما، كما في "بداية المجتهد" (3/ 145، ط. دار الحديث).
 
والمتأمل في منظومة العقود المسمَّاة في الفقه الموروث وما تم بحيالها من شروطٍ وضوابطَ: يجد أنها جاءت لضبط مبدأ الرضا في العقود، بحيث لا تدور حركة المال ولا تنتقل الأملاك من يدٍ إلى يدٍ إلا برضًا تامٍّ بين أطرافها؛ وذلك لأنَّ العقودَ في الحقيقة بنيت على رضا المتعاقدين، كما نبَّه عليه قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
 
فالأصل الذي تُبنَى عليه العقود المالية من المعاملات الجارية بين العباد -اتباع التراضي المدلول عليه في الآية الكريمة، غير أن حقيقة الرضا لمَّا كانت أمرًا خفيًّا وضميرًا قلبيًّا اقتضت الحكمة رد الخلق إلى مرد كلي وضابطٍ جلي يُستدل به عليه، وهو الإيجاب والقبول الدالان على رضا العاقدين، كما أفاده الإمام شهاب الدِّين الزنجاني في "تخريج الفروع على الأصول" (ص: 143، ط. مؤسسة الرسالة)، والإمام صفي الدِّين الهندي في "نهاية الوصول في دراية الأصول" (2/ 314-315، ط. المكتبة التجارية).
 
وهذا ما جرى عليه قانون البنوك المصري، وحكم الحاكم يرفع الخلاف كما تقرر، فليست الفوائد القانونية حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها.

حق البنك في منع صاحب الوديعة من التصرف فيها حتى سداد القرض

كما أن منع البنك صاحب الوديعة البنكية من التصرف في مبلغها طيلة المدة المتفق عليها لسداد مبلغ "المعاملة" واعتبارها وثيقةَ ضمانٍ لديه لاستيفاء الحقِّ عند عدم الوفاء به أمرٌ جائزٌ شرعًا، لجريان ذلك وفق الشروط المقررة فقهًا للرهن، والتي تفيد مشروعية حبس المرتهن الشيء المرهون وإدارته بنفسه، وذلك لاستغلاله وإدارته، على أن يكون نماؤه للراهن، وهذا الشرط حاصلٌ في صورتنا؛ فالفوائد القانونية المرَتَّبة على الوديعة (المرهونة) مستحقة لصاحبها، فلا ينتفع البنك (المرتهن) بنماء الرهن (الوديعة).
 
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "العقود الدرية" (2/ 235، ط. دار المعرفة): [(سُئل) في رجلٍ رَهَن عند آخر كرومًا معلومة بدين استدانه وتسلمه منه رهنا شرعيًّا مُسَلَّمًا بيد المرتهن، ثم أثمرت الكروم عند المرتهن، فما حكم الثمار؟ (الجواب): حكمها ما ذكره علماؤنا رحمهم الله تعالى من أن نماء الرهن كالثمر والولد واللبن ونحو ذلك للراهن لتولده من ملكه، وهو رهن مع الأصل تبعًا له كما في "التنوير" و"الملتقى" وغيرهما، وذكر العلائي عن "مجمع الفتاوى": أن الأصل أن كلَّ ما يتولد من عين الرهن يسري إليه حكم الرهن، وما لا فلا] اهـ.
 
وقال الإمام المازري المالكي في "شرح التلقين" (3/ 419، ط. دار الغرب الإسلامي): [اختلف الناس في نماء الرهن وزيادته، إذا كان هذا النماء والزيادة متميزًا عن الرهن، هل ذلك ملك للمرتهن أو ملك للراهن تبعًا لأصل الرهن؟ فمذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وجمهور العلماء أن نماء الرهن تبع لأصله في كونه ملكًا للراهن] اهـ.
 
وقال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (5/ 9، ط.  دار الفكر): [ولك أن تحبس الرهن حتى تأخذ حقك] اهـ.
 
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (13/ 229، ط. دار الفكر): [أما النماء الحادث بعد الرهن كالولد والثمرة واللبن وسائر منافعه فاختلف أهل العلم فيه، مذهبنا أنه ملك للراهن، وأنه لا يدخل في الرهن] اهـ.
 
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (4/ 293، ط. مكتبة القاهرة): [الرهن يقتضي حبسه عند المرتهن أو نائبه] اهـ.
 
وقال أيضًا في "الكافي" (2/ 81، ط. دار الكتب العلمية): [ولو ارتهن أرضًا، فنبت فيها شجر، دخل في الرهن؛ لأنه من نمائها، سواء نبت بنفسه أو بفعل الراهن] اهـ.
 
ومقتضى ذلك أن ما تقرره البنوك من أحقية حصول صاحب الوديعة على أرباحها أَوَّلًا بأول -أمرٌ جارٍ على ما قرره جمهور الفقهاء من دخول ريع الرهن وثمرته في مِلْك الراهن، لما تقرر أنه "إذا ثبت: أن منافع الرهن ملك للراهن فله أن يستوفيها على وجهٍ لا ضررَ فيه على المرتهن" كما قال الإمام العمراني في "البيان في مذهب الإمام الشافعي" (6/ 63، ط. دار المنهاج).
 
بناءً على ما سبق: فإن رهن الودائع البنكية جائزٌ شرعًا، ولا حرج شرعًا في حصول أصحاب الودائع على تمويل من البنك بضمان ودائعهم بدلًا من كسرها، ولا في تسديد الأقساط المستحقة للبنك (المرتهن) من أرباح الوديعة (المرهونة).

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزيرا خارجبة الإمارات وأذربيجان يبحثان هاتفيا تعزيز التعاون الثنائى

تفاصيل إحالة لص هواتف بالقاهرة لمحكمة الجنح

أسواق اليوم الواحد تجوب الجيزة.. خضار ولحوم وسكر بأقل الأسعار

مراسم تتويج توتنهام بلقب الدوري الأوروبي للمرة الثالثة فى تاريخه.. فيديو وصور

4 لاعبين على طاولة الأهلي لتدعيم خط الدفاع قبل مونديال الأندية.. الأولوية للجزار


توتنهام يهزم مانشستر يونايتد ويتوج بلقب الدوري الأوروبي (فيديو)

هاني رمزي: رواتب اللاعبين في مصر تفوق بعض لاعبي أوروبا

مواعيد مباراتي نصف نهائى كأس عاصمة مصر

مدبولى: توجيه من الرئيس بدخول الدولة فى صناعة الألبان بالشراكة مع القطاع الخاص

الوحدة ضد الهلال.. شوط أول سلبي في مواجهة الدوري السعودي


الرئيس السيسي يتلقى اتصالا هاتفيا من نظيره السنغالى لبحث الأوضاع الإقليمية

النصر ضد الخليج.. شوط أول سلبي في مواجهة الدوري السعودي

يويفا يعتمد رسميا نظام التأهل ليورو 2028 ويزيد قوائم منتخبات دورى الأمم

شاهد.. لحظة إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسى يضم سفير مصر.. فيديو وصور

"أصحابه حاولوا ينقذوه وفشلوا".. غرق طالب بالمرحلة الإعدادية فى النيل بدسوق

بعد حذفه بيان الانفصال.. مها الصغير تحذف بوست ردها على أحمد السقا

إعادة تشكيل الخريطة الانتخابية لمجلس الشيوخ.. 27 دائرة للفردي و4 للقائمة.. القانون يلزم تمثيل 3 سيدات على الأقل في القوائم الـ13.. و7 لقوائم الـ37 مقعد.. و39 ألف جنيه تأمين الترشح للفردي و111 ألفا للقائمة

المحكمة العليا بإسرائيل: إقالة رئيس الشاباك تمت بالمخالفة للقانون

كبير مستشارى ترامب لشئون أفريقيا يثمن أهمية الشراكة بين القاهرة وواشنطن

إنهاء إجراءات الإفراج عن المخرج عمر زهران بعد قضائه نصف المدة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى