سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 28 أكتوبر 1973.. وفاة طه حسين.. والرئيس السادات يقرر تأجيل جنازته ثلاثة أيام لتشييع جثمانه رسميا على أكبر مستوى وكبار المسؤولين يتوجهون إلى منزله فور إعلان الخبر

طه حسين
طه حسين
سعيد الشحات

كان الوقت صباح 28 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1973، حين صعدت روح عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين إلى بارئها بفيلته «رامتان» بالهرم عن 84 عاما، قضى منها آخر 15 عاما مع المرض «الذى أقعده عما تعود أن يشعله من نار وهاج كلما لاح له»، بوصف الكاتب الصحفى كمال الملاخ فى تقريره بالصفحة الأخيرة فى «الأهرام» 29 أكتوبر، 1973.


تذكر «الأهرام»، أن الرئيس السادات رأى وفاء وتقديرا لرسالته التى كانت فى خدمة الثقافة والتعليم لكل الشعب أن تشيع الدولة جثمانه رسميا على أكبر مستوى صباح «31 أكتوبر 1973»، ورأت قرينته السيدة سوزان أن تؤجل جنازته إلى هذا الموعد حتى يتسنى لابنيهما «أمينة» حرم الدكتور محمد حسن الزيات وزير الخارجية، أن تعود من نيويورك، وأن يعود ابنهما «مؤنس» من باريس، حيث يعمل بهيئة اليونسكو، وتضيف «الأهرام» أن يوسف السباعى وزير الثقافة، اتصل بالسيدة سوزان، وأبلغها بأن الوزارة ستقوم بكل الإجراءات، ثم كان أول من وصل إلى منزلها، ثم وصل محمد حامد محمود محافظ الجيزة، ثم شقيقا طه حسين، وبعد ساعتين انتقل الجثمان إلى مستشفى العجوزة، وتم تحنيطه ووضعه فى الثلاجة.


كان كمال الملاخ من أكثر الصحفيين الذين حاوروا طه حسين، واعتاد أن ينشر حواراته بالصفحة الأخيرة «من غير عنوان» احتفالا بذكرى مولده «14 نوفمبر»، وجمع «الملاخ» مقتطفات من هذه الحوارات فى تقريره يوم 29 أكتوبر «اليوم التالى لوفاته»، ومن هذه المقتطفات سؤال: «هل تذكر أول ما لفت انتباهك عندما وصلت إلى القاهرة أول مرة قادما من قرية «الكوم» من أعمال مغاغة بالمنيا؟


رد عميد الأدب العربى: «أول مرة ركبت فيها حاجة كان القطار درجة ثالثة «ترسو» يعنى طبعا بعد الحمارة، كنت مسافر مع أخويا الله يرحمه الشيخ أحمد، نزلنا من محطة مصر ولنصل «الأودة»، أخذنا عربة كارو، قعدنا عليها احنا والعفش، «الأدوة» فى الجمالية فى حوش عطا، كانت عبارة عن حجرة بمبنى بوكالة تجارة، وفيه ربع دور أول، ودور تانى اسمه ربع السلحدار، كان فى «الأودة»، «أودة» صغيرة تؤدى إليها ندفع أجرتها 25 قرشا فى الشهر أنا والشيخ أحمد، وأقام معنا ابن خالتى، كانت «الأدوة» عبارة عن محل أدب محدود وحنفية مش مياه على طول، وإنما السقا يملأها كل يوم، وكانون».


يذكر «الملاخ»، أن الفتى طه حسين يستمر 9 سنوات فى الأزهر، وينطلق فكره إلى أول جامعة تقيمها مصر التى فتحت أبوابها سنة 1908، وينطلق مع العلم والإيمان واللغات إلى عوالم يضيفها إلى فكره، ينال أول درجة دكتوراه منها، ورسالته عن «أبى العلاء المعرى»، ويكتب فى الصحافة مع أحمد لطفى السيد فى «الجريدة»، وتبعثه مصر إلى فرنسا لاستكمال دراسته، وتقع أحداث الحرب العالمية الأولى، فيتجه إلى «مونبلييه» ثم يعود إلى «السوربون»، فيرى أضواء فكر باريس، يرى أفكارا جديدة، وكتبا جديدة، وأدباء ومتاحف، ويشعر بالجمال، ويدق قلبه بحب زميلته «سوزان»، ثم ينال درجة الدكتوراه عن «ابن خلدون وفلسفته الاجتماعية». 

 
يتذكر الملاخ، أنه فى مرة سأله وكانت زوجته معه تحنو على شعر رأسه: يقولون إن المرأة كتاب مغلق، ترى المرأة أم الكتاب أهم فى حياتك، أنصت طه مبتسما ناحية زوجته هامسا إليها بالفرنسية: «أشيخ ولكن حبى ما زال شابا مثل أول لحظة، ثم يتابع حديثه حاسما عذبا باللغة العربية: لم ييسر لى حب الكتاب وقراءته إلا امرأتى، هى التى حببت لى القراءة، وهى التى يسرت لى القراءة فى اللغتين الفرنسية والعربية، وما يترجم إليها من مختلف اللغات الأجنبية، امرأتى أهم عندى من كل كتاب لا أستثنى إلا القرآن والإنجيل».


يضيف الملاخ: «يعود طه من باريس أستاذا بالجامعة المصرية، ويصدر كتابه «الشعر الجاهلى» فيكون شرارة تكاد مع لفحات الفكر ووجهات النظر أن تجعله لهيبا بعد أن أشعل بفكره نارا، وبين كر وفر وهجوم وصد أشبه بالملاحم، يثور الرأى فى مصر حتى فى البرلمان، ويترك الجامعة ويعود إليها عميدا ثم مديرا فوزيرا للمعارف، ويقيم جامعة فى الإسكندرية، وما أكثر ما كتب من «أحاديث الأربعاء»، وكتب عن ذاتيته «الأيام» أشهر كتبه، و«فى الأدب الجاهلى» و«مع المتنبى»، ودراسات فى التاريخ والسياسة والاجتماع لصدر الإسلام، و«الفتنة الكبرى»، ودراسات فى أصول الحضارة، وتيارات الأدب الغربى المعاصر، واللاتينية والفكر الإغريقى، ثم «على هامش السيرة»، ثم قصصه «شجرة البؤس»، و«دعاء الكروان» و«الحب الضائع»، ولا ينسى البؤس، لكنه يعيش النعيم الفكرى عندما تهدى إليه 5 جامعات عالمية درجة الدكتوراه من بينها «أكسفورد» و«مدريد» و«مونبلييه»، ويرأس تحرير «الجمهورية»، والمجمع اللغوى، ويصبح عضوا مؤسسا فى مجلس الفنون والآداب، وأول أديب تهديه مصر جائزة الدولة وقلادة النيل.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصرع شخص سقط عليه ونش أثناء تواجده داخل سيارته فى طريق الأوتوستراد.. صور

وزير الخارجية: مصر ترى أنه لا أمن ولا استقرار بدون حل القضية الفلسطينية

بزشكيان: تعزيز علاقات إيران وجيرانها بالمنطقة يحمل رسالة سلام للعالم الإسلامي

باريس سان جيرمان يهزم إنتر ميامى برباعية فى حضور ميسى بكأس العالم للأندية

المثلوثى: شيكابالا أفضل لاعب فى مصر وشيفو أعظم شخص تعاملت معه


بعد منافسة شرسة..بيع ممتلكات نابليون بمزاد دار سوثبى بـ 9.6 مليون دولار.. جواربه وملابسه الداخلية تتخطى 155 ألف دولار وقبعته بـ416 ألف.. بيع لوحة بونابرت مقابل مليون دولار.. وكرسى مطلى بالذهب يحقق 470 ألف دولار

الجمارك تحبط محاولة تهريب 3 آلاف دولار داخل "شبشب" فى طرد قادم من المغرب

كايروكى في أقوى حفلة باستاد القاهرة بحضور أكثر من 60 ألفًا.. فلسطين حاضرة بقوة برسائل دعم وصور الشهداء.. غناء أكثر من 26 أغنية منها أغانٍ منذ 12 عامًا.. أمير عيد: إحنا بسببكم عملنا أكبر حفلة بمصر

حمزة المثلوثى: فضلت الخروج من الباب الكبير للزمالك وفوجئت بتفاعل الجماهير

مبادرات غيرت حياة المصريين بعد «30 يونيو».. حياة كريمة المشروع الأضخم لتنمية الريف.. «100 مليون صحة» تعيد الروح للشعب.. المبادرات تبدأ بحديثى الولادة حتى كبار السن.. تمكن الشباب والمرأة وترتقى بالوطن


ليفربول يحتفل بإنجازات محمد صلاح التاريخية فى موسم 2024-25

"كهنوت المرأة ابتداع فى الدين".. رؤية متكاملة تجمع تعاليم الكتاب المقدس بالفكر الأرثوذكسي.. السيدة العذراء صاحبة النموذج فى الخدمة الهادئة.. وهذا دور المرأة المناسب بالكنيسة وأسباب اقتصار الكهنوت على الرجال

خالد إبراهيم يكتب.. زى النهاردة عادل إمام ويسرا يعثران على الذهب فى "جزيرة الشيطان".. 35 عاما على إنتاجه.. مقتبس من الفيلم الأمريكي Wet Gold.. ونادر جلال يقدم "أكشن" جديد وينقل الصراع من البر إلى أعماق البحار

في يومه العالمي.. كل ما تريد معرفته عن التمثيل الغذائي وكيف يستمر طوال اليوم حتى مع النوم.. أبرز الاضطرابات والأمراض المرتبطة بها وأسبابها.. اعرف تأثير المواد والسموم والأدوية.. وأشهر الاضطرابات الأيضية

صراع الكبار فى مونديال الأندية 2025.. باريس سان جيرمان وإنتر ميامي فى لقاء نارى.. ميسي فى مواجهة التحدى والذكريات أمام إنريكي.. وملحمة أوروبية لاتينية بين بايرن ميونخ وفلامنجو لخطف بطاقة ربع النهائى

الخبير الأمنى اللواء أحمد كساب يكشف فى حوار مع"اليوم السابع": الداخلية حطمت شبكة الإخوان الإرهابية بعد 30 يونيو.. الشرطة واجهت إرهاب الجماعة وفق رؤية متطورة.. وتصدينا للشائعات ونشر الإحباط الالكترونى

إخلاء سبيل أحمد السقا فى اتهامه بالتعدى على طليقته مها الصغير بكفالة 5 آلاف جنيه

تداعيات حادث المنوفية.. مجلس النواب يكتسي بالحزن على وفاة 19 فتاة.. بدء الجلسة العامة بدقيقة حدادا على أرواح الضحايا.. نواب يلقون بيانات عاجلة ومطالب بمحاسبة المقصرين.. والحكومة: لن نتهاون مع المهملين

الأرصاد: استقرار بالأحوال الجوية وأجواء شديدة الحرارة وارتفاع بالرطوبة

الأهلي يتسلم 8 ملايين دولار من فيفا ويترقب رد الضرائب الأمريكية فى باقي المستحقات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى