مثلث تدمير الشعوب.. ما قاله حسن حنفى دفاعا عن الوسطية

الدكتور حسن حنفي
الدكتور حسن حنفي
أحمد إبراهيم الشريف

توجد دائما مجموعة من القيم الإنسانية المهمة التى تحافظ على البشرية وتحميها من مثلث تدمير الشعوب المتشكل من (التطرف والإلحاد والشذوذ) ومن هذه القيم المدافعة "الوسطية" فما الذى قاله المفكر المصرى الراحل حسن حنفى دفاعا عنها فى كتابه "مستقبل الوسطية فى الثقافة العربية الإسلامية".

 

قال حسن حنفى تحت عنوان "الوسطية كظاهرة تاريخية"

الوسطية ردُّ فعل على العنف الذى تمارسه الجماعات الإسلامية، كنوع من الجدال بالتى هى أحسن ونشر دعوة المحبة والسلام في المجتمع، فالوسطية ضد التطرف الذي ينشأ كردِّ فعل على الاعتقالات والسجون والتعذيب.

وهي دعوة من الحكم للخارجين عنه، لها غرضٌ سياسي في تهدئة المجتمعات. فهي موقف سياسي وليس تصورًا سياسيًّا يمكن تحليله في العلوم السياسية، وهي موقف العاجز الذي لا يملك إلا مواجهة التطرف بالوسائل السلمية، ومنها الوسطية والديمقراطية والتعددية الفكرية.

من الصعب تصنيف الشعوب طبقًا لطبيعة العنف لديها، كوضع الشعب الألماني وسط الشعوب العنيفة، والشعب الإيطالي والشعب الفرنسي ضمن الشعوب الرقيقة.

فالألمان لديهم من الشعراء والموسيقيِّين والفلاسفة الكثير، إلى درجة يقال معها إن الموسيقى ألمانية أو إيطالية، والشعر بريطاني، والرسم فرنسي، لدى الألمان والطليان موسيقى وشعر؛ لكن أين بقية الشعوب؟ قد تكون هذه نظرية عنصرية. فما فعله الألمان في الحربَين العالميَّتَين في أوروبا، وما فعلَته إيطاليا في ليبيا أو في الصومال أو إريتريا، وما فعلَته فرنسا في الجزائر، وما فعلَته إنجلترا في العالم العربي وفي اليمن وفي الهند وبقية مستعمراتها من الجزيرتَين البريطانيَّتَين حتى الصين، يصعب إحصاء ممارسة العنف فيه. العنف ضد الآخرين، لكن الديمقراطية والحرية مع الذات.

والجهاد ضد الاحتلال ليس تطرُّفًا، بل هو واجب ديني ووطني، ووصفه بالتطرف هو لإجهاضه ولإبقاء الشعوب تحت الاحتلال باسم الوسطية ونبذ العنف والسلام الذي تدعو إليه الأديان جميعًا. ولطالما وصفَت فرنسا المجاهدين الوطنيِّين في الجزائر باسم الإرهابيِّين المسلمين للصقِ العنف بالإسلام وإيجاد مبرر للقضاء على المجاهدين.

يمكن تبرير الوسطية في سياق التطور من اليهودية إلى المسيحية إلى الإسلام. فاليهودية دين القانون؛ والمسيحية دين المحبة؛ والإسلام يجمع بين القانون والمحبة: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ، هذه هي الشريعة، وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْر لِّلصَّابِرِينَ (النحل: 126)، وهذه هي المحبة. والإسلام هو هذا الاختيار الحر بين الشريعة والمحبة، دين الوسطية بين الاثنين. فالجدل صراع وتوسُّط، ولكنه إلى الصراع أقرب؛ لأنه حركة وتناقض: وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (البقرة: 251)، وهو ما سمَّته الحركات الإسلامية المعاصرة "قانون التدافع". الغالب هو الذي يدعو المغلوب إلى التوسط ولا يتطرف؛ والمغلوب هو الذي يجاهد ضد الغالب ويعدُّه متطرفًا. التيار المحافظ هو الذي يستند إلى التوسط في حين أن التيار التقدُّمي هو الذي يقوم على الثورة، أي على التطرف.

التوسط إذن ظاهرة تاريخية تنشأ إذا ما أدَّت الظروف إليها وليست ظاهرة مقدسة. وكذلك التطرف ظاهرة تاريخية تنتهي إذا ما انتهَت الظروف التي أدَّت إليها. وهذا لا ينطبق على الظاهرة الدينية وحدها، بل على جميع الظواهر الإنسانية، الاقتصادية والسياسية والمذاهب الفلسفية؛ من العقلانية إلى التجريبية إلى العقلانية الجديدة أو التجريبية الجديدة، ومن الكلاسيكية إلى الرومانسية إلى الكلاسيكية الجديدة إلى الرومانسية الجديدة، ومن الرأسمالية إلى الاشتراكية إلى الرأسمالية الجديدة أو الاشتراكية الجديدة، ومن الليبرالية إلى الجماعية إلى الليبرالية الجديدة إلى الجماعية الجديدة.

وقد قيل عن الحدود إنها تطرف في حين أنها كانت مقبولة في عصرها وفي إطارها الحضاري. كانت عمليات الصلب والرجم والجلد وقطع اليد موجودة عند الرومان وفي اليهودية. فقد صُلب المسيح بين لصَّين. وكان قطع اليد موجودًا عند الفرس. وهل الجهاد من التطرف أم أنه واجب شرعي في حالة العدوان على الأمة؟ فالجهاد دفاع وليس هجومًا، مثل حركات التحرر الوطني التي كانت سائدة في الستينيات. والحدود أحكام لها مقاصد وبواعث ومخففات وملغيات، أي موانع؛ "الضرورات تبيح المحظورات"، ولها أسباب وشروط. فالجوع والبطالة مانعان لتطبيق حد السرقة. والمجاعة أيضًا مانع لتطبيق الحد. وموانع التكليف، مثل العقل والقدرة والبلوغ، موانع لتطبيق الحد. وكأن الحد كان الهدف منه عدم التطبيق بالتخويف والردع.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حكم قضائى غير قابل للطعن.. تعرف عليه

ورطة نتيناهو تنسف وهم "إسرائيل الكبرى".. فشل تمديد استدعاء قوات الاحتياط فى جيش الاحتلال.. ائتلاف نتنياهو يفشل فى تأمين الأغلبية للتصويت على تمديد الخدمة.. انتقادات للحكومة وضباط يرفضون الامتثال للخدمة العسكرية

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل لاعبي البريميرليج وفق تصنيف سكاي سبورتس

جدول ترتيب الدورى الممتاز الخميس 14 أغسطس 2025.. المصرى يتصدر

تعرف على حالات يحق لرجل المرور سحب التراخيص من السائق على الطرق


نتائج مباريات اليوم الخميس 14 – 8 - 2025 بالدورى المصرى

رجل يلاحق زوجته بسبب تحايلها بمستندات مزورة للزج به فى السجن.. التفاصيل

محمد الشناوي مرشح لحراسة عرين الأهلي أمام فاركو غداً في الدوري

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة


الشوط الأول.. تقدم ناشئى اليد على إسبانيا 15-13 فى ربع نهائي بطولة العالم.. صور

الداخلية تكشف تفاصيل نصب شخص على راغبى السفر للخارج

رنا سماحة وجابر جمال يتعاونان فى أغنية رومانسية جديدة بعنوان "هختار حبه"

تطوير منظومة مواقف السرفيس فى الجيزة.. موقف حضارى جديد بكوبرى الصحابة بالمريوطية فيصل بسعة 400 سيارة.. يخدم خطوط أكتوبر والمنيب والسلام والمرج والمعادى والوراق.. والمحافظة تطبق منظومة إلكترونية للمراقبة

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

هنادى مهنى مذيعة بودكاست فى حكاية "بتوقيت 28" والعرض السبت على dmc

موعد مباراة مصر وإسبانيا في ربع نهائي بطولة العالم تحت 19 عاما لكرة اليد

السكة الحديد تخفض سرعات القطارات بشكل مؤقت لارتفاع درجات الحرارة

اعترافات طلاب مطاردة فتيات الواحات: لاحقناهما وحاولنا إيقاف السيارة

مصر تدين بشدة الإعلان عن خطة لبناء 3400 وحدة سكنية فى الضفة الغربية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى