مصر.. قصة مقاومة لعقود وصراع على الهوية الوطنية

محمد أيمن
محمد أيمن
بقلم محمد أيمن

عبر العقود الماضية، عاشت مصر تجارب فريدة من المواجهات والتحديات التي تكشف مدى تعقيد الصراع على أراضيها، خاصة في سيناء. من الصراعات العسكرية التقليدية إلى الحروب الدبلوماسية والقانونية، خاضت مصر معركة إثبات سيادتها على كل شبر من أراضيها. حرب طابا، التي انتهت بإعادة الأرض للمصريين، لم تكن نهاية هذه السلسلة، بل بداية لمواجهات جديدة مع أطراف سعت لاستغلال هذه البقعة المهمة، وتحويلها إلى بؤرة للمخدرات والأسلحة والإرهاب. وخلال العقد الأخير، من 2012 حتى 2022، واجهت مصر مرحلة جديدة من حربها ضد الإرهاب الذي لم يكن هدفه فقط زعزعة الاستقرار، بل تجريد سيناء من سيادتها المصرية، وتحويلها إلى أرض مشاع.

هذا المخطط، الذي كان يهدف إلى فصل سيناء عن مصر وتحويلها إلى ولاية للمنظمات الإرهابية، وجد دعمًا ضمنيًا من أطراف دولية، حتى أن بعض وسائل الإعلام العالمية كانت تُصور الصراع على أنه نزاع مسلح بين "طرفين" بدلاً من كونه جيش وطني يشن حربًا ضد الإرهاب. كانت هناك مساعٍ لجعل سيناء "مشكلة دولية" تجذب الأنظار وتدفع إلى مؤتمرات ومفاوضات دولية بهدف إضعاف السيادة المصرية عليها. إلا أن مصر واجهت هذا المخطط بحزم، واستطاعت تحييده.

في ظل هذه التحديات، تأتي أهمية التاريخ كأداة لفهم الحاضر والاستعداد للمستقبل. تتعقد المعادلة الإقليمية اليوم، خاصة مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط بين الأطراف الكبرى التي تقودها المصالح. فالولايات المتحدة، التي تستعد لانتخابات رئاسية حاسمة في نوفمبر الحالي، تعيش حالة من الانقسام بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، حيث يسعى كل منهما لتعزيز موقفه في الشرق الأوسط.

إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، دفعت بعناصرها إلى المنطقة، محاولين تهدئة الأوضاع في ظل انتخابات تتوقع اضطرابات طويلة من النزاعات القانونية والإعلامية وحتى الأمنية. حيث من المتوقع على الأقل دخول الولايات المتحدة في مرحلة اضطراب داخلية أبرز ملامحها الفوضى. أما الفريق الجمهوري بقيادة دونالد ترامب، فيرى أن تصعيد الموقف قد يخدم مصالحه الانتخابية، ويشجع حلفاءه في المنطقة، خاصة إسرائيل، على اتخاذ خطوات تصعيدية ضد إيران وحتى حزب الله في لبنان وغزة، مما يعزز الحاجة لتولي ترامب رئاسة البيت الأبيض أملاً في عالم أكثر استقراراً وأماناً.

إيران وروسيا كذلك تتابعان الموقف بترقب، إذ تدفع موسكو طهران إلى موقف أكثر قوة، وترى أن تصعيدًا ضد إسرائيل قد يخلط الأوراق ويغير حسابات النخبة السياسية الأمريكية. أما الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فقد يفضل قيادة ترامب، نظرًا للتفاهمات السابقة بينهما، التي يرى أنها كانت أكثر فائدة لمصالح روسيا في الشرق الأوسط، أو على الأقل فترة من الهدنة التي تسمح للتهدئة النسبية وإعادة ترتيب الأوراق والاستعداد لجولات جديدة وبطريقة متغيرة.

في خضم هذه الأحداث، تواجه خمس دول عربية أخرى (فلسطين، سوريا، لبنان، العراق، واليمن) التبعات المباشرة لهذه التوترات التي تدفع ثمن صراع القوى العالمية، وهو ما نرى ثمن مباشر، بينما أن الجميع يدفع الثمن بطرق غير مباشر ومختلفة. ومما يزيد من خطورة الوضع هو دخول العالم العربي في فترة حرجة مع اقتراب الشهور الفاصلة بين انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة في نوفمبر 2024 وتسلّم الإدارة الجديدة السلطة في يناير 2025، وهي فترة قد يستغلها أي رئيس حالي لاتخاذ قرارات حاسمة دون أي مخاوف انتخابية.

استذكاراً لما حدث في 30 يونيو 2013، حين قادت مصر تحركًا حاسمًا غير المعادلة وأفشل مخططات "أهل الشر"، تبدو مصر اليوم على أتم الاستعداد لمواجهة أي سيناريو قد يطرأ، بناءً على إرث من المقاومة والفهم العميق لمخططات تفكيك المنطقة. فدراسة التاريخ ليست ترفًا، بل ضرورة؛ فهو يحوي أدوات الاستعداد لمستقبل لا يعرف غير الأقوياء والأذكياء.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

النيابة العامة تعلن إجراءات التحقيق فى حريق سنترال رمسيس وصولًا لأسبابه

الأرصاد الجوية محذرة من الرطوبة المرتفعة: تقارب الـ90% بالقاهرة

الحكومة: خدمات المحمول ستعود بكامل جودتها قبل عصر اليوم بالشبكات الأربعة

محمد صلاح يظهر في ليفربول لأول مرة بعد وفاة جوتا

الحكومة: سنترال رمسيس سيظل خارج الخدمة أسبوع أو أكثر مع استمرار الخدمات


النيابة العامة تعاين حريق سنترال رمسيس للكشف عن أسباب اندلاعه

مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديل قانون التعليم

النصر يراقب موقف مالكوم مع الهلال السعودى

نبيل الكوكى يستعرض مهاراته على هامش المران الصباحى للمصرى.. فيديو

فرص عمل فى الإمارات براتب يصل إلى 24 ألف جنيه شهريا.. التقديم لمدة 4 أيام


خالد صلاح يكتب : إنذار مبكر.. الأفكار المتطرفة لم تمت بعد .. وعمليات تجنيد إرهابيين جدد لا تزال مستمرة

مواعيد مباريات اليوم.. فلومينينسي مع تشيلسي فى كأس العالم للأندية

الجدول الزمنى لانتخابات مجلس الشيوخ مع رابع أيام تلقى أوراق الترشح

فلومينينسي يصارع تشيلسي على بطاقة نهائى كأس العالم للأندية 2025

التعليم تكشف طريقة تغيير المسار الدراسى بالبكالوريا.. التفاصيل

أرقام وحقائق لا تفوتك قبل مواجهة فلومينينسي ضد تشيلسي في مونديال الأندية

وزارة الطيران: إقلاع جميع الرحلات التى تأثرت نتيجة عطل الاتصالات والإنترنت

أرسنال يرسم خارطة طريق التتويج بالدوري الإنجليزي عبر ميركاتو ناري

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 8 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة

بعد عطل الاتصالات والإنترنت.. إقلاع 36 رحلة طيران وجار العمل على 33 أخرى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى