خالد دومة يكتب: الراعية "2"

خالد دومة
خالد دومة

كانت أمي قد قامت، وصلت هي أيضا، قبل عزف أبي فوق أجسادنا، موسيقى الجاز والصخب، تحلب أمي الأغنام، تأخذ قليلا منه، وتغليه لنا، يأخذ كل منا نصيبه، يضعه في طبق، ثم يفتت فيه الخبز الشامي، أو البتاو، نأكل وبعد ذلك يقسم أبي علينا العمل، ويحدد لنا خط السير، الذي نسلكه بأغنامنا، وفي بعض الأيام، يقسمنا فريقين فريق يسرح بالخراف، وأخرى للجديان، هذا ربما يتوقف على الطقس، أو أماكن الكلأ، إن كان المرعى خصيبًا، أو قليل الخصوبة.

حين كنا ننقسم فريقين، كنت وأختي التي تكبرني، نصبح فريقا، نذهب إلى مكان يسمى المشروع، نهر صغير للري غير عميق، نترك الجديان فيه، تستمتع بالماء، تشرب وترتوي وترتاح من حرارة الجو بترطيبها بالماء، نأخذ أنا وأختي بجوارها مكانا ظليل، ونظل نلعب نحاول أن نستعيد طفولتنا المغتصبة، نذكر أنفسنا بأننا لازلنا أطفال، فقد أنسانا الشقاء الطفولة واللعب والجري.

كانت هذه الأيام، هي أسعد أيامنا نشعر بأنفسنا ونذكرها، وننطلق في أيام قليلة إلى الحياة، يحدونا الأمل والرجاء، في أن ما نحن فيه، إنما هو وقت، وسوف ينتهي يوما ما، ونسرح بخيالنا، ونسرها بأمل موعود تملأنا البهجة والسعادة، نخرج ما أعدته لنا أمنا في الخرج، قطعة الجبن، وشقق العيش الناشف، أو العيش الشامي، نأكل في تأني شديد، أنا وهي، ونتسامر بالحديث حول كل شيء، أمي وأبي والمدرسة والأغنام، ونلعب ونطل على الأغنام، وتنتهي الساعات الممتعة، كأنها لحظات تمر في سرعة خاطفة، نقوم نهش على الأغنام، وننطلق في البحث، أو كما قال لنا أبي على مكان الكلأ، لا نستطيع أن نأوي إلى البيت، قبل أن تظلم الدنيا، فالحر يؤذي الأغنام، وربما تموت.

كانت ساعة الغروب شاقة، فالناموس يهجم علينا، ينغص علينا، يطن في آذاننا، ويلدغ ساقينا الضعيفة، ووجوهنا، في بعض الأحيان نشعل نارا حتى يطير الناموس بعيدا عنا، ولكن يقتل الدخان صدورنا، ونظل نكح فترة طويلة، وتأتي ساعة الفرج، ونذهب إلى البيت، وندخلها الزرائب، ونحلبها، ونأخذ اللبن، ونسعى أنا وأختي على قدمينا، نحمله بالتبادل، وأحيانا نأخذ الحمار نحمله عليها، نأخذ إلى المختبر ويعطي لنا ورقة، مقيد عليها الحساب، الذي يعطينا إياه، في الخميس من كل أسبوع، نعود إلى البيت نتعشى، ربما رز باللبن، أو عصيدة، أو كشك أو عدس أوبصارة، وقليل ما كنا نأكل طبيخ أو لحوم، ربما يوم في الأسبوع أو على أقصى تقدير يومين، نستمع إلى التلفاز قليل، ثم يغلبنا النوم، ولا ندري بأنفسا إلا وعصى أبي فوقنا توقظنا من جديد، ندور مع الزمن دورته، كل يوم نكبر رزة، كما كنا نعتقد ونتعلم أن الرزة شيء ضئيل، أما الأن فقد توقفت الرزة، وتوقف معها أشياء كثيرة.


 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المصري يرفض التفريط في صلاح محسن بعد عرض الوداد المغربي

الزمالك يستند على الاتفاق مع بتروجت في صفقة حامد حمدان

5 معلومات عن مباراة مصر ونيجيريا الودية استعداداً لـ أمم أفريقيا

الأهلي يواصل التحضير لمباراة سيراميكا في كأس العاصمة

2025 THE BEST.. عثمان ديمبيلي يسعى لتحقيق الثنائية تحت أنظار محمد صلاح


قانون التأمينات يحدد 4 حالات تُقطع فيها معاشات المستحقين أول الشهر

كواليس مفاجأة مونتيري المكسيكى لـ"أهلى البدري" لحرمانه من تكرار إنجاز المونديال

الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

محافظ القليوبية: المنازل المجاورة للسكة الحديد لم تتأثر بسقوط الحاويات


غرامة تصل لـ 5 ملايين جنيه عقوبة نشر أخبار خاطئة عن الطقس

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 - 12- 2025 والقنوات الناقلة

موعد مباراة المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025

الأهلى يهزم الجزيرة والاتحاد يتغلب على الزمالك فى دورى سوبر كرة السلة

الأرصاد تتوقع فرص سقوط أمطار على القاهرة الكبرى وتحذر من سيول بهذه المناطق

طلاق المخرج حسام الحسينى وزوجته رسميا بعد 21 عاما من زواجهما

لحظات رعب في المغرب.. فيضانات إقليم آسفى تخلف 51 قتيلا ومصابا والحصيلة فى تزايد.. استمرار البحث عن مفقودين.. تعليق الدراسة 3 أيام.. الوكيل العام للملك يفتح تحقيقا موسعا.. والأرصاد تحذر من طقس عنيف غدا.. فيديو

الأردن يفوز على السعودية ويواجه المغرب فى نهائى كأس العرب 2025

ابنة شقيقة طارق الأمير: دكتور حسام موافى طلب من الأطباء تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لخالى

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم أفريقيا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى