سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 نوفمبر 1854.. سعيد باشا يستدعى ديلسيبس فى «القلعة» ويمنحه وعدا أمام القناصل والوجهاء بحفر قناة السويس بعد رحلتهما 10 أيام فى الصحراء الغربية

استمرت رحلة سعيد باشا «والى مصر» من الإسكندرية إلى القاهرة على ظهور الجياد أياما، بدأت من يوم 15 نوفمبر عام 1854، كان سعيد باشا فى رحلة إلى الصحراء الغربية على رأس عشرة آلاف جندى بمدافعهم وخيولهم، وأراد أن يسير فى الصحراء بهذه الكتيبة من الإسكندرية إلى القاهرة، كلون من ألوان الرياضة، فدعا ضيفه فرديناند ديلسيبس لمرافقته فى هذه الرحلة، وفقا لما يذكره الدكتور مصطفى الحفناوى فى الجزء الأول من كتاب «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة».


كان ديلسيبس فى الإسكندرية قادما من فرنسا يوم 7 نوفمبر 1854 لتهنئة «سعيد بن محمد على» بتوليه الحكم، واستثمار الفرصة كى يقنعه بمشروع حفر قناة السويس، وكانت تربطهما علاقة صداقة منذ زمن محمد على باشا، حيث كان «ديلسيبس» نائبا لقنصل فرنسا فى الإسكندرية منذ عام 1832، وعهد محمد على إليه بأن يقوم بالاعتناء بابنه «سعيد»، ويؤكد «الحفناوى» أن ديلسيبس منذ أن وصل إلى الإسكندرية وهو ينتهز الفرصة كى يفاتحه فى مشروعه الذى يحلم به، ووضع خططه من أجل ضمان الحصول على الموافقة، ولأجل ذلك عمل على كسب كبار رجال بطانة الوالى.


وجد «ديلسيبس» الفرصة مناسبة أثناء الرحلة من الإسكندرية إلى القاهرة، ويستشهد «الحفناوى» برسالة بعث بها «ديلسيبس» إلى حماته «مدام دى لامال» فى نفس اليوم الذى بدأت فيه الرحلة من الإسكندرية إلى القاهرة «15 نوفمبر»، وجاء فيها: «فى الساعة الخامسة مساء، أمتطى صهوة الفرس وأعود إلى مخيم الوالى، متخطيا الحاجز الذى تكلمت عنه، والوالى باسم، منشرح الصدر، فيأخذنى من يدى، ويظل ممسكا بها بعض الوقت، ويجلسنى على أريكته إلى جواره، وكنا فرادى، وفى المخيم نافذة صغيرة سمحت لى أن أمتع ناظرى برؤية الشمس تغرب، وقد رأيتها تشرق فى الصباح، فأشعر بالطمأنينة والهدوء يغمراننى فى لحظة أردت أن أتحدث عن مشروع حاسم فى مستقبل حياتى، وتتمثل فى ذهنى دراساتى وخواطرى عن القناة التى تصل بين البحرين، ولا يداخلنى شك فى إمكان تنفيذ هذا المشروع، حتى أننى نقلت إيمانى ويقينى إلى قلب الأمير».


يكشف ديلسيبس فى رسالته: «عرضت مشروعى من غير أن أدخل فى التفاصيل مبينا النقاط والأسانيد التى تضمنتها مذكرتى التى كان فى وسعى أن أتلوها على مسامع الأمير من أولها إلى آخرها، وكان محمد سعيد يصغى إلى شرحى بانتباه زائد، ورجوته إن كان فى شك من هذا الأمر أن يراجعنى، وأبدى لى بذكائه بعض ملاحظات أجبته عليها إجابات مقنعة فقال لى فى الختام: إنى مقتنع، وإنى قبلت مشروعك، وسنشتغل بأمره، فيما تبقى من الرحلة، ونبحث عن وسائل التنفيذ، إنه مشروع مفهوم، وفى وسعك أن تعتمد علىّ».
يؤكد إلياس الأيوبى فى مجلده الأول «عهد إسماعيل باشا» أن «ذوالفقار باشا» صديق الوالى الأقرب إليه كان هو الرجل الذى استعان به «ديلسيبس» فى إقناع واليه، ويكشف ما حدث من سعيد بعد أن أعطى موافقته إلى ديلسيبس، قائلا: «استدعى قواده، وقص عليهم ما دار بينه وبين صديقه ديلسيبس من الكلام، وسألهم رأيهم، فتذكروا ما رأوا من فروسية ذلك الفرنساوى، ولما كانت عقليتهم تقربهم، إلى تقدير رجل يحسن ركوب الخيل ويجيد الوثب فوق الكثب والحفر، أكثر منها إلى تقدير رجل عالم متعلم، فإنهم فتحوا أعينهم واسعة للدلالة على فهمهم، وهزوا رؤوسهم مرارا للدلالة على استحسانهم، وقالوا بإجماع بعدم رفض طلب يقدمه مثل ذلك الصديق، وثبتت موافقتهم سعيد فى عزمه».


وصلت الرحلة إلى الإسكندرية يوم 25 نوفمبر «مثل هذا اليوم» 1854، أى استمرت عشرة أيام وفقا لتأكيد «الحفناوى» مشيرا إلى أن هذه الأيام «رعرعت المودة والألفة بين سعيد وديلسيبس»، ويذكر الأيوبى: «أمر سعيد بنزول ضيفه الفرنسى فى قصر المسافرين»، ويلفت: «هذا القصر كان مخصصا فى أيام الحملة الفرنسية لاجتماع لجنة القناة»، أما الحفناوى فيذكر: «قبل أن يتوجه ديلسيبس إلى القصر، قصد إلى دار «لينان دى بلفون» يزف إليه البشرى فتعانق الاثنان لأن حلم فرنسا يكاد يصبح حقيقة واقعة».


كان «بلفون» فرنسيا، والتحق بخدمة محمد على باشا منذ عام 1818، وأصبح كبير مهندسى الأشغال العمومية فى مصر منذ 1831 حتى 1869، ولم تفارقه فكرة ربط البحرين الأحمر والمتوسط، وأفضى بحلمه هذا إلى ديلسيبس حين قدم إلى مصر عام 1832.


توجه ديلسيبس إلى القصر يوم 25 نوفمبر، ثم استدعاه سعيد إلى القلعة دون أن يكشف له السبب، ويقول الأيوبى: «هناك فى مجتمع من القناصل العامة والوجهاء المزدحمين لتهنئة الأمير بسلامة الوصول، أعلن على رؤوس الأشهاد، الوعد الذى صدر منه إلى ديلسيبس صديقه، وأكد عزمه على منح امتياز له بتأسيس شركة مساهمة عالمية، لإبراز المشروع إلى حيز الوجود، وبعد خمسة أيام أى فى 30 نوفمبر سنة 1854 منحه الامتياز الموعود به».

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تضبط تيك توكر تحرض على الفسق وبحوزتها كمية من مخدر الآيس بالهرم

إيرادات فيلم الشاطر لـ أمير كرارة تتخطى الـ 88 مليون جنيه منذ عرضه

"العش بديلا".. ثنائية بيكهام وداري تقود دفاع الأهلى أمام غزل المحلة

ريبيرو يستقر على إعادة محمد الشناوي لحراسة مرمى الأهلي أمام غزل المحلة

الطقس غدا.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة


سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

جينيفر لوبيز تستمتع بحياتها بعد الطلاق وتعلن انتهاء رحلتها مع الزواج

العثور على جثة شاب ملقاة بجوار أحد المصانع فى المنطقة الصناعية بالفيوم

وزير الإسكان ومحافظ مطروح يتابعان الموقف التنفيذى لمشروعات المرافق

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز


إسرائيليون لـ"بن غفير": أنت إرهابي مُدان وقاتل رهائن

سباق الحذاء الذهبي في أوروبا يشتعل مبكرا.. هاري كين يدشن موسمه مع بايرن ميونخ بهاتريك تاريخي.. جواو بيدرو يتألق مع تشيلسي.. أمم أفريقيا 2025 تهدد حلم محمد صلاح.. ومبابي وهالاند يستعدان للانقضاض على الجائزة

النصر ضد الأهلى.. رونالدو يخوض النهائي رقم 40 في مسيرته

مصادر عسكرية إسرائيلية: نتنياهو يدرك أن بقاء حكومته مرهون بالعملية فى غزة

ضبط 29 ألف كتاب دراسي خارجي بدون ترخيص

الداخلية تضبط عملات أجنبية بقيمة 9 ملايين جنيه بالسوق السوداء

شيرين عبد الوهاب: ياسر قنطوش لا يمثلنى قانونيا ولدى الخبرة الكافية لاتخاذ قرارتى

مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتى مع برشلونة

ريبيرو يناقش مع جهاز الأهلى موقف محمد الشناوي من مباراة غزل المحلة

انطلاق الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري غدا بـ 3 مواجهات قوية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى