مرصد الأزهر يحذر من "التطرف الاستهلاكى".. ويوضح فى دراسة له: شراء السلع بكميات كبيرة دون الحاجة لها يتسبب فى خلق اقتصاد غير متوازن.. ويؤكد: التكنولوجيا والإعلانات الرقمية التأثيرات النفسية أبرز الأسباب

مرصد الازهر
مرصد الازهر
كتب لؤى على

 

حذر مرصد الأزهر فى دراسة له لوحدة البحوث والدراسات من التطرف الاستهلاكي والذى يشهده عالمنا المعاصر مع انتشار العولمة وتقدم التكنولوجيا الرقمية، حيث تطورت أنماط الشراء والاستهلاك إلى مستوى يتجاوز الاحتياجات الأساسية للفرد، ليصبح استهلاكًا مسرفًا، أو ما يمكن أن نطلق عليه تطرفًا استهلاكيًّا، ويعبر هذا المفهوم عن الإفراط فى الاستهلاك بما يتعدى الضروريات؛ إذ يسعى الأفراد إلى الحصول على مزيد من المنتجات والخدمات، سواءٌ أكان ذلك لحاجتهم الفعلية، أم لمجرد مواكبة المعايير الاجتماعية والثقافية التى تروج للاستهلاك المفرط فى كل شيء.

التطرف الاستهلاكي سلوك يهدف إلى الحصول على السلع والخدمات بكميات كبيرة دون مراعاة الاحتياجات الفعلية، أو العواقب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي قد تنجم عن ذلك السلوك. ويتجاوز هذا السلوك مجرد الرغبة في تلبية حاجات الفرد، ليصبح تعبيرًا عن الهوية الشخصية أو الاجتماعية، وغالبًا ما يرتبط بالتنافس الاجتماعي، أو إشباع الرغبات النفسية، ويعزز ثقافة "الشراء من أجل الاستمتاع"، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على الموارد، وزيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.

أسباب التطرف الاستهلاكي


التكنولوجيا والإعلانات الرقمية: نهضت وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات الرقمية بدور رئيس في تعزيز ظاهرة التطرف الاستهلاكي، فقد أصبح بإمكان الشركات استهداف المستهلكين بدقة بناءً على اهتماماتهم وسلوكياتهم عبر الإنترنت، ما يخلق شعورًا بالحاجة المستمرة إلى شراء مزيد من السلع لتلبية توقعات المجتمع، أو لتحقيق الرضا الذاتي، الأمر الذي نلمسه بأنفسنا عند شراء الملابس، أو الأحذية، أو أدوات التجميل، أو القيام بأي نشاط شرائي آخر. 

الثقافة المادية: تنظر المجتمعات الحديثة إلى استهلاك السلع والخدمات باعتباره مقياسًا للنجاح والتفوق الاجتماعي، فيكون تقييم الأفراد بناءً على قدرتهم على شراء منتجات ذات قيمة عالية، أو التمتع بخدمات فاخرة، ما يدفع كثيرًا من الراغبين في تصنيفهم ضمن "الفئة الأولى" في المجتمع إلى الاستهلاك المفرط للحفاظ على مكانتهم الاجتماعية، أو لتلبية شعور التميّز والرقي من منظورهم أو من منظور المجتمع. 

التأثيرات النفسية: يرتبط التطرف الاستهلاكي بالحالة النفسية للفرد؛ إذ غالبًا ما يلجأ البعض إلى الشراء استجابةً لضغوط نفسية أو اجتماعية، وهو ما يطلق عليه المتخصصون: "التسوق العاطفي". وفي هذه الحالة، يصبح الشراء وسيلة للهروب من القلق أو الاكتئاب، ما يؤدي إلى إنفاق غير مسبب على المنتجات التي قد لا تكون ضرورية.

الضغوط الاجتماعية: يسعى كثير إلى الاندماج في مجتمعاتهم من خلال تقليد أسلوب حياة معين، ما يدفعهم إلى شراء منتجات باهظة الثمن لإثبات انتمائهم إلى طبقة اجتماعية ما، أو من خلال إلحاق أبنائهم بمدارس وجامعات خاصة بمصروفات عالية، أو المبالغة في تجهيزات الزواج وغير ذلك من المظاهر الاجتماعية.

سهولة الحصول على القروض وبطاقات المشتريات: يعدُّ تسهيل الحصول على القروض والبطاقات الائتمانية عاملًا رئيسًا في التشجيع، بل التحريض على الإنفاق دون التفكير في العواقب المالية.


آثار التطرف الاستهلاكي


أولًا - الآثار البيئية: يؤدي الاستهلاك المفرط إلى استنزاف الموارد الطبيعية وزيادة الإنتاج الصناعي، ما يتسبب في تدهور البيئة، ويصاحب ذلك زيادة في التلوث البيئي وتفاقم ظاهرة التغير المناخي.

ثانيًا - الآثار الاقتصادية: يسهم التطرف الاستهلاكي في خلق اقتصاد غير متوازن، إذ يزداد الاعتماد على الاستهلاك على حساب الادخار والاستثمار في المستقبل، كما يؤدي إلى تراكم الديون الشخصية، خاصة في حالة شراء السلع غير الضرورية بقروض أو ببطاقات ائتمانية.

ثالثًا - الآثار الاجتماعية: يعزز التطرف الاستهلاكي الفجوة بين الطبقات الاجتماعية؛ لأن النظرة المترتبة على هذا النمط الحياتي يجعل تصنيف الأفراد مرتبطًا بمدى قدرتهم على استهلاك السلع الفاخرة، وهذا بدوره يخلق بيئة تنافسية غير صحية، وقد يؤدي إلى الشعور بالاستياء أو القلق لدى من لا يستطيعون مواكبة هذا النمط الاستهلاكي، ويخلق حالةً من الصراع بين الطبقات الاجتماعية ويذكي التمييز والتفرقة بين عناصر المجتمع الواحد، كما يزيد في حالات التنمر.

وختامًا: فالتطرف الاستهلاكي ظاهرة خطيرة نالت من المجتمعات لا سيّما مجتمعاتنا العربية، وتسببت في حالة من الترف الفاحش والإسراف المنهي عنه، وأدت إلى خلق أجيال لا تجيد التدبير، ولا يعنيها الحفاظ على الموارد التي باتت في تناقص وتضاؤل بسبب سلوكيات غير قويمة وممارسات غير صحية، لذا فإن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يطلق صافرة إنذار من تنامي هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعاتنا باعتبارها شكلًا من أشكال التطرّف غير المألوف، ولكن بالنظر للآثار الناجمة عنها يمكن إدراك خطورتها وضرورة مواجهتها.

يمكن الحد من التطرف الاستهلاكي، وتبني ثقافة ترشيد الاستهلاك، والحفاظ على الموارد الطبيعية والاقتصادية من خلال الممارسات والسلوكيات الآتية:

التوعية المجتمعية: ينبغي تعزيز الوعي بماهية التطرف الاستهلاكي ومخاطره وآثاره السلبية من خلال حملات توعوية تركز على أهمية الاستهلاك الواعي المسئول، ويمكن ذلك من خلال الوزارات ذات الطابع الاجتماعي والمؤسسات الدينية والتعليمية.

التربية المالية: من خلال تعليم الأفراد كيفية إدارة مواردهم المالية بحكمة، والتمييز بين الاحتياجات والرغبات، كما يمكن أن يساعد هذا التعليم في الحد من السلوكيات الاستهلاكية الضارة.

تشجيع الاستدامة: من اللازم تشجيع الاستهلاك المستدام والمنتجات الصديقة للبيئة بوصفه بديلًا عن الاستهلاك المفرط، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تبني سياسات حكومية داعمة، مثل فرض ضرائب على المنتجات غير المستدامة، أو تقديم حوافز للشركات التي تتبع ممارسات إنتاج مستدامة.

التشريعات والقوانين: للمجالس التشريعية وللحكومات دورٌ أساسي في ضبط الإعلانات الترويجية التي تشجع على الاستهلاك المفرط، ووضع قيود على إنتاج وبيع المنتجات التي تؤثر سلبًا على البيئة.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

عفو رئاسى عن باقى العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بثورة 30 يونيو

الداخلية تكشف تفاصيل العثور على متوفيين أسفل كوبري في القاهرة

الأهلي يتسلم 8 ملايين دولار من فيفا ويترقب رد الضرائب الأمريكية فى باقي المستحقات

ترقبوا.. محافظ الجيزة يعتمد اليوم تنسيق الثانوى العام 2025

حكايات موجعة من حادث المنوفية.. الأهالى يسردون لليوم السابع قصص كفاح الراحلات والموت الجماعى.. رويدا لم تُزف وشيماء لم تُكمل هندستها.. و4 طالبات متفوقات بالإعدادية ينتقلن من دفتر الأحلام إلى سجل الوفيات.. صور


ملخص وأهداف مباراة المكسيك ضد السعودية فى ربع نهائي الكأس الذهبية 2025

شوبير: الأهلي رفع راتب وسام أبو علي.. ولا توجد عروض لـ الشناوى

تنسيق الثانوى العام بالقاهرة 2025.. اعرف التوقعات بعد إعلان نتيجة الإعدادية

الأسئلة مع الإجابات.. امتحان الإنجليزى للثانوية العامة على جروبات الغش

3 ملايين دولار سبب تمسك وسام أبو علي بالرحيل عن الأهلي


مواعيد مباريات اليوم.. سان جيرمان أمام إنتر ميامي وفلامينجو ضد البايرن بمونديال الأندية

تداول أسئلة امتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة.. والتعليم تحقق

الزمالك يبدأ إجراءات تأسيس شركة الكرة

الطريق إلى 30 يونيو.. بالصوت والصورة إرهاب الإخوان للمصريين قبل الثورة: "يا نحكمكم يا نقتلكم".. صفوت حجازى: "اللى هيرش مرسى بالميه هنرشه بالدم".. طارق الزمر: سنسحقهم.. وسلفى مؤيد للإرهابية: "هنفجر مصر"

الأهلي يرحب برحيل حسين الشحات وأفشة فى الميركاتو الصيفى

المكسيك تهزم السعودية بثنائية وتصعد لنصف نهائي الكأس الذهبية

ملخص وأهداف مباراة بنفيكا ضد تشيلسي في ثمن نهائي كأس العالم للأندية

بايرن ميونخ وفلامنجو فى ملحمة أوروبية لاتينية بمونديال الأندية.. الليلة

أبرز أرقام قياسية من تأهل بالميراس إلى ربع نهائى كأس العالم للأندية

شيرين تحيي حفلها بمهرجان موازين وسط حضور كبير.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى