الأمن الاقتصادى للدولة

أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
بقلم أ.د/ عصام محمد عبد القادر

عندما تتمكن الدولة من توفير ما يحتاجه الشعب وما يحقق كافة أهدافها الاقتصادية ويسمح لها بالنمو في شتى أبعاد التنمية المستدامة بما يعزز ماهية الأمن القومي بأبعاده المختلفة وبما لا يؤثر على سيادتها ومقدرتها على صناعة واتخاذ القرار الذي يسهم في استقلاليتها ويصون مقدراتها المادية والبشرية ويزيد من فرص التنمية ويدفع بعجلة الإنتاج للحد الذي يصل بها للاكتفاء الذاتي الذي من خلاله تستطيع أن تعقد شراكات مع دول العالم بما يتناسب مع سياستها والميثاق القيمي الذي تتبناه؛ حينئذ نذعن بأن الدولة لديها أمنًا اقتصاديًا.


وقد بات واضحاً أن الأمن الاقتصادي ضمانة وحماية للمجتمع إذ يلبي الحاجات الرئيسة ويدشن البنى التحتية التي توفر مقومات التعليم والصحة والسكن اللائق ويدعم المناخ المرتبط بالإنتاج ويخلق المزيد من فرص العمل التي تحد من البطالة ويحسن من الدخل القومي للدولة والفرد على حد سواء، ويقلل من حالات العوز ويجعل الشعوب تحيا حياة جيدة ومستقرة.


وفي خضم ماهية الأمن الاقتصادي تعمل الدولة وفق برنامجها وخطتها الاستراتيجية على توفير احتياجات ومتطلبات الشعب بآلية الإنتاج المستدام والتخزين الآمن والتوزيع العادل لكافة السلع، وهذا الأمر يتطلب بالضرورة جهودًا كبيرة ومهام تنظيمية على مستوى وقدر المستهدف في ضوء أساليب علمية متعارف عليها، كما أن المسئوليات مشتركة بين العديد من المؤسسات والجهات والوزرات المعنية.


وعبر بوابة الأمن الاقتصادي تستطيع الدولة أن تقضي على مظاهر الفقر المتقع وتلبي احتياجات الفرد والمجتمع وتمنع تمركز الثروة المطلق بيد فئة بعينها وتحترم الملكية الخاصة التي لا تتغول عليها والتي يتم الحصول عليها بطرائق مشروعة لا تتعدى صورة العمل والإنتاج في مساره الصحيح وفق قوانين وتشريعات حددها الدستور، وفي المقابل تصبح مقدرات الدولة الطبيعية وثرواتها ملكية عامة يستفيد منها المجتمع بأسره دون تمييز أو تفرد.


ومن مستهدفات الأمن الاقتصادي للدولة إيجاد حالة من التوازن بين فئات المجتمع عبر ضوابط مشروعة تضمن استقلالية الفرد في حرية التصرف الذي لا يضير بالغير سواءً له علاقة مباشرة به من نسب وغيره أم العلاقة تحكمها أطر مجتمعية متعارف عليها، ومن ثم فقد صارت الحرية غير مطلقة في كليتها تحقيقًا للمصلحتين العامة والخاصة.


وهناك مقومات تساعد في تحقيق الأمن الاقتصادي للدولة يأتي في مقدمتها تحمل المسئولية الجماعية التي تدعو الجميع دون استثناء للعمل الجاد والمتقن والحفاظ على مقدرات الدولة العامة منها والخاصة والرغبة في تحقيق الاكتفاء الذاتي سواءً ارتبط ذلك بالزراعة، أم الصناعة، أم غير ذلك من الأمور الاقتصادية، بالإضافة للتفاؤل والأمل تجاه زيادة الانتاج الذي يسمح بالتصدير للخارج ويتدفق على أثره النقد الأجنبي الذي يسهم في التطوير والبناء والإعمار لمشروعات الدولة القومية.


ودعونا نتفق على أن آفة الأمن الاقتصادي تكمن في مهددات الإنتاج التي تبدو واضحة في تفشي الفكر المنحرف سواءً ترجمته ممارسات العقيدة والغلو في أحكامها أو في السلوك العام بين بني الوطن الواحد؛ حيث النزاعات والخلافات التي تفضي إلى التشرذم والاقتتال بما يؤدي حتمًا لهدم الدولة ومؤسساتها العامة منها والخاصة، ومن ثم يصبح التطرف والغلو  مقوض لتحقيق الأمن الاقتصادي التي تنشده الدول في مخططاتها.


ورغم فوائد التضامن الاجتماعي والتكافل بصوره الرائعة؛ إلا أن تحقيق غايات الأمن الاقتصادي للدول يتعدى ذلك بمراحل؛ حيث صورة التمكين الحقيقي التي تتأتى من مشروعات اقتصادية كبرى تدشنها الدولة وينخرط فيها أطياف المجتمع القادرة على العمل والإنتاج، مع التمسك بقيم سامية تضمن جودة المنتج؛ حيث العمل بما حضت عليه ماهية الأمانة والمصداقية والشفافية، والنزاهة، والشرف، والتيسير.


وفتح باب الاستثمارات الأجنبية المباشرة يعد مسارًا خصبًا لتحقيق الأمن الاقتصادي للدولة وفق ضوابط تعلن عنها الدولة وتنسجم مع تشريعاتها التي تضمن تحكمها وسيطرتها على المشروعات بما يعود بالنفع على المجتمع ولا يضير بمستحقاته أو قيمه والمبادئ التي تربى عليها.


وثمت العديد من الطرائق التي تسهم في تحقيق ماهية الأمن الاقتصادي بالدول؛ حيث إمكانية التمويل بالشراكة وفق قواعد يتفق عليها طرفا الشراكة سواءً أكان أفراد، أم مؤسسات، أم الدولة بذاتها، وهناك المضاربة التي تقوم على تمويل خارجي كامل مقابل أعمال من الطرف الأخر تحسب من خلالها المنافع بقدر يتفق عليها ويحقق الثمرة لكليهما.
وندرك أن استقرار الدول وتجنبها للصراعات والنزاعات المسلحة بات أمرًا لا مناص عنه لمن يبتغي تحقيق الأمن الاقتصادي لشعبه؛ فمسار التنمية لا يقبل في خضمه صور الهدم والخراب بل البناء والتعمير والتنمية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رغم جاهزية اللاعب .. إمام عاشور خارج مباراة الأهلى وفاركو

قرار جمهوري بترقية عدد من مستشارى هيئة قضايا الدولة.. تعرف على الأسماء

5 معلومات عن مباراة الأهلى وفاركو اليوم الجمعة فى الدوري المصري

الرئيس السيسى يصدّق على تعديل بعض أحكام قانون التعليم

الاتصالات: سيسكو العالمية تطلق أول معمل متنقل فى مصر لتأهيل خبراء الشبكات


فيريرا : استيعاب اللاعبين سيستغرق وقتاً ولم يعجبنى الاحتفال بعد انتصار سيراميكا

كولومبوس كرو يعلن وصول وسام أبو علي إلى أمريكا.. صور

كريم محمود عبد العزيز ينشر صورة مع زوجته ويتغزل فيها: بحبك

الأرصاد تحدد موعد انكسار الموجة الحارة وتحذر من أمطار رعدية.. فيديو

حصاد الوزارات.. وزير العمل يسلم 93 عقدا لمصريين فى البوسنة والإمارات والأردن


وزيرا الخارجية والرى: نرفض كل إجراء أحادى يخالف القانون بحوض النيل الشرقى

أكسيوس: إسرائيل تتودد لمؤثرين مؤيدين لترامب مع تزايد الغضب من حرب غزة

أول صورة للمتهمين بمطاردة فتيات طريق الواحات

اتحاد الكرة يرد على شكوى الزمالك ضد زيزو ..اعرف التفاصيل

الرئيس السيسى يوجه بالمضى قدماً فى إعداد الموقع العالمى لإذاعة القرآن الكريم

زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح

النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات على محاور القاهرة والجيزة

ريمونتادا خيالية تهدى باريس سان جيرمان لقب السوبر الأوروبى.. عملاق فرنسا يتجاوز صدمة كأس العالم للأندية ويُكمل الخماسية التاريخية فى 2025.. وإنريكى يعادل إنجاز جوارديولا وينضم لقائمة استثنائية بعد ملحمة توتنهام

المملكة المتحدة: تمديد التحذيرات الخاصة بارتفاع الحرارة للأسبوع المقبل

حسام حسن يعلن قائمة المحترفين لمواجهتي مصر ضد أثيوبيا وبوركينا الأسبوع المقبل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى