عم درويش.. نموذج للأخلاق الجميلة وعفة اللسان

محمد شعلان
محمد شعلان
محمد شعلان

عم درويش الجندي رجل هادئ الملامح كنت أراه يوميا يقود دراجته البسيطة متجها إلى محل عمله ورشة النجارة في نهاية الشارع الذي كنت أعيش فيه خلال مرحلة طفولتي، وأراقب ملامح وجهه وهو يلقى التحية على الجيران على صفي المنازل في وداعة وسلام، وما وجدته يوما إلا ملتزما الصمت ويركز في عمله فقط حيث يضع المسامير في مقدمة فمه ويقلب اليد بين أصدقاه الشاكوش والمنشار والكماشة ويعيش في حياة بمفرده.

كطبيعية أي طفل يرصد طبيعة الشخصيات التي تحيط به في طفولته كنت انظر لهذا الرجل كنموذج أراه بشكل يومي في حياتي وسط عائلاتنا والجيران وأجد منه الطيبة وعفة اللسان ولا يتلفظ بأي لفظ مسيء ولو على باب المزاح مع أحد، ولم أكن اتعامل مع شخص عم درويش فكنت طفل بالنسبة له ولكن ترك أثر أخلاقه يعبر عنه ليحصد نتيجته اليوم.

تابعت طقوسه اليومية حينما يفتح ورشته في التاسعة صباحا ويبدأ في إخراج أدواته من محل عمله ويرش المياه أمام الورشة ويفتح الراديو على إذاعة القرآن الكريم بصوت متوسط حتى لا يزعج جيرانه حتى وإن كان صوت القرآن الكريم، واسمع نسمات إذاعة القرآن تخرج من ورشته العتيقة في شارعنا وترتيلات الشيخ عبد الباسط عبد الصمد مرة والشيخ رفعت مرة أخرى والمنشاوي وإبداعاته، ثم يبدأ في تنظيف معداته وإخراج شغله والاندماج في عمله حتى أذان الظهر، ثم يتولى باقي اليوم حتى يغلق ورشته مع أذان العشاء.

عم درويش الطيب لم أجده ذات مرة يتعارك مع أحد أو يسخر أو يذم في جار أو زبون، وكانت ورشته في وسط النهار ملجأ لضجيج لعب الأطفال الذين لم يجدوا مكان يستوعبهم في الشارع سوى بجانب ورشته، وكنت أشعر بسعادة غامرة إذا دخلت ورشته لما لها من روح جميلة وكأن أخلاق صاحبها انعكست على جدرانها.

فوجئت أمس بصورة لعم درويش الطيب الذي لم أراه منذ سنوات طويلة تتجاوز الـ15 سنة، ولم يتغير شكله رغم كبر سنه على إحدى جروبات مواقع التواصل الاجتماعي مع كلمات تنعي وفاته، وفزعت من فقدان هذا النموذج وأتمنى تأسي الآلاف بل الملايين بأخلاقه الجميلة ولسانه العفيف والتزامه في عمله.

نموذج عم درويش يوجد منه الكثير في مجتمعنا من المصريين الذين نحتت شخصياتهم الأيام القديمة والعادات الاجتماعية الجميلة والتدين البسيط الذي لا يظهر فيه شدة ولا غلظة الوجهة ويتمحور في كلمات بسيطة وهي "الدين المعاملة"، ونحتاج اليوم ملايين من شخصية عم درويش في كل شبر في بلادنا من الذين عفا عليهم تراب الأيام وأجهدت روحهم صعوبات الحياة ومتطلبات العصر الحديث.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

من خصام الأخ إلى حضن النهاية.. القصة الكاملة لخلاف هدى سلطان ومحمد فوزى

القوات المسلحة تواصل جهود إدخال المساعدات لقطاع غزة.. فيديو

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

ميلانيا ترامب تطالب نجل بايدن بمليار دولار تعويض بسبب جيفرى ابستين

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة


مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم

تعليق مهين من متحدثة الخارجية الروسية ضد الرئيس الأوكرانى.. فيديو

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة


أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول ضد بورنموث في افتتاح الدوري الإنجليزي والأهلى ضد فاركو

جميلة عوض تعوض غيابها عن السينما بـ4 أفلام دفعة واحدة

الأهلى يبحث عن تصحيح المسار الليلة أمام فاركو بالدوري المصري

24 عاما على أصحاب ولا بيزنس.. إضافة الانتفاضة الفلسطينية بعد التأثر بالحلم العربى

وزارة الصحة تخصص آلية لاستعلام عن قرارات العلاج على نفقة الدولة.. وتكشف قائمة الأمراض الأكثر طلبا لقرارات العلاج المجانى.. تسهيل الحصول على كارت الخدمات المتكاملة.. وتؤكد: مناظرة 5000 مواطن عبر الفيديو كونفرانس

الزمالك يختتم استعداداته لمواجهة المقاولون بالدورى

موسم صيد الإخوان.. اللى حضر العفريت.. بريطانيا تنقلب على التنظيـم الدولى.. الإخوان منبوذون بالمملكة المتحدة والخطاب المضاد للجماعة يتصاعد فى صحافتها.. لندن رعت الفكرة فى تأسيسها عام 1928 وتجنى حصادها المر اليوم

موعد مباراة الأهلى أمام فاركو اليوم الجمعة فى الدوري المصري والقناة الناقلة

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى