«مائة عام من العزلة».. ماركيز واسكوبار والواقعية السحرية على الشاشات

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم : أكرم القصاص

بمناسبة عرض مسلسل «مائة عام من العزلة» المأخوذ عن رواية بنفس الاسم  للروائى الأشهر جابرييل جارسيا ماركيز، بالطبع هناك انطباعات مختلفة تجاه العمل، لكن أول ما يلفت النظر فى الحلقات الأولى للعمل، هو أنه يكاد يكون السيناريو ملتزما بالعمل وخطوطه وتفاصيله، وهو أمر قد يبدو صادما لمن لم يقرأ العمل، وأكثر قبولا لمن لم يقرأ الرواية، لأنه لن يدخل فى مقارنة بين الرواية والعمل الدرامى سواء كان فيلما أو مسلسلا.


وبشكل عام هناك دائما اختلاف بين العمل الأدبى وبين صورته بعد أن يتحول إلى الشاشة، وقد حسم الروائى الكبير العالمى نجيب محفوظ، الجدل، عندما قال إنه مسؤول عن النص الأدبى كما خرج من قلمه، أما السينما أو الدراما فهى مسؤولية كاتب السيناريو والمخرج. والواقع أن نجيب محفوظ كان يرى أن السينما والدراما عموما تقدم خدمة للأديب لأنها تقرب أعماله لجمهور عادة لا يقرأ، بجانب أنه كان يشير إلى أمية، تجعل الإذاعة والتليفزيون والسينما أدوات مهمة فى صناعة الأفكار ونقلها، كان نجيب محفوظ ينصف كل من يعمل فى عالم الشاشات، التى تجعل الأفكار أسهل فى الوصول إلى ملايين البشر، وقد تنبأ نجيب محفوظ أن تكون الدراما أكثر انتشارا من الأدب.


بالفعل فإن رؤية نجيب محفوظ حقيقة، لأنه هو شخصيا قال إنه استمد شهرته من السينما قبل نوبل، خاصة بعد إنتاج الثلاثية «بين القصرين، وقصر الشوق والسكرية»، وغيرها، ويعد محفوظ أكثر روائى تم تحويل أعماله الأدبية لأفلام ومسلسلات حتى الآن، وتمت ترجمتها بعد حصوله على نوبل 1988.


ومن المفارقات أن رواية «زقاق المدق» لنجيب محفوظ عرفها قراء ومشاهدو أمريكا اللاتينية عندما تم إنتاجها فى فيلم بالمكسيك، وتمت ترجمة الرواية للإسبانية باسم «زقاق المعجزات The Alley of Miracles، وتم إنتاجها فى فيلم مكسيكى عام 1995، سيناريو فيسنتى لينيرو وإخراج خورخى فونس.


من هنا نعود إلى بدء عرض مائة عام من العزلة على منصة نتفليكس، بعد 57 عاما على صدورها، وقد عرف عن الكاتب جابرييل جارسيا ماركيز أنه يقاوم إنتاج هذا العمل للسينما، وبالفعل كانت هناك محاولات لم تنجح، وحتى المسلسل فقد ظهرت الفكرة بعد رحيل ماركيز، وباع أبناؤه حق استغلال الرواية، والتى قد يستقبلها من لم يقرأ العمل بشكل عادى، لكن من قرأها لمرة أو مرات، سوف يقارن بين النص وخيالاته، وبين الصورة على الشاشات، خاصة أن «الواقعية السحرية» غالبا ما تجمع بين الواقع والكثير من الخيال حول تفسيرات العالم، فى العمل الدرامى يلفت المنظر أن المشهد الأول، حيث آخر سلالة خوسيه اركاديو بوينديا، يأكله النمل فى غرفته، بينما الجد الأول خوسيه اركاديو تم ربطه فى شجرة لمنعه من جموح الخيال، ويحمل أفيش العمل هاتين الصورتين، وهو ما يشير إلى أن السيناريو أخذ النهاية ليجعلها مقدمة للحكايات، التى تستمر وتتقاطع وتتداخل بشكل يضاعف من دور الخيال.


«مائة عام من العزلة»، تولى كتابة سيناريو الحلقات خوسيه ريفيرا، وزملاؤه الكولومبيون، ناتاليا سانتا، وكاميلا بروجيس، وألباتروس جونزاليس، وأخرجته الكولومبية لورا مورا، والأرجنتينى أليكس جارسيا لوبيز، باللغة الإسبانية، فى 16 حلقة تعرض على موسمين تبدأ بتأسيس ماكوندو، وتشمل تأريخا للحرب الأهلية التى يضعها ماركيز دائما إطارا لأعماله، ويحاول بحث تأثيراتها على المجتمع والناس، وتسيطر عليه دائما فكرة العزلة، ليس فقد بمفهومها السياسى، لكن أيضا المفهوم الاجتماعى والإنسانى.


وقد سبق إنتاج فيلم من رواية جابرييل جارسيا ماركيز «الحب فى زمن الكوليرا»، لكنه كان مجرد إعادة لأحداث الرواية، وهى نظرة البعض، لكنها ليست نظرة السينمائيين والفنانين، الذين يرون أن الأفكار تتطلب أن تطير من الأوراق إلى أغلبية الناس ممن لا يقرأون، وهو نوع من الاحتفاء بكاتب مثل ماركيز، وأنها خطوة تفتح باب توسيع التفاعل، وقد سبق وتم إنتاج أعمال للكاتب منها أحداث موت معلن أو غيرها، وهى أعمال ليست مثل «مائة عام من العزلة».. ومن المفارقات فى حياته أنه عندما واجهت كولومبيا أكبر حرب للمخدرات بين بابلو اسكوبار، فقد تمت عملية اختطاف لرهائن أمريكيين وكولومبيين، ومن ضمن طلبات المختطفين التابعين لاسكوبار، أن يتم تعيين جابرييل جارسيا ماركيز رئيسا لكولومبيا، وهو ما سجله ماركيز فى روايته «نبأ اختطاف»، الذى تمت الاستعانة بها فى مسلسل مكسيكى عن اسكوبار، الذى كانت الدراما فى حياته نوعا من الواقعية السحرية، انتهت بقتل اسكوبار من دون أن تنتهى حروب المخدرات، وهو ما يعيد التذكير به إنتاج «مائة عام من العزلة».

p.8
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة التعليم: مسمى جديد لشهادات التعليم الفنى باسم البكالوريا التكنولوجية

مواعيد عرض "بتوقيت 2028" ثانى حكايات مسلسل ما تراه ليس كما يبدو

رقم قياسي لـ مصر في حضور الجماهير بمونديال ناشئي اليد رغم وداع البطولة.. صور

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى


إضراب ألكسندر إيزاك يربك حسابات نيوكاسل قبل غلق سوق الانتقالات

قرار مهم لوزير التربية والتعليم بعد قليل

صحتك بالدنيا.. نصائح لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة للحماية من الموجة الحارة.. دراسة تكشف أسباب تمتع بعض المسنين بذاكرة خارقة.. مكملات غذائية تتفاعل مع أدويتك.. وأطعمة تجنبها وأخرى تناولها أثناء علاج السرطان

سيول وأمطار غزيرة تضرب وادى الأربعين بسانت كاترين.. فيديو

وزير خارجية بريطانيا يبلغ عن نفسه بعد رحلة صيد مع نائب ترامب بسبب "سنارة"


كل ماتريد معرفته عن أزمة فتوح في الزمالك من البداية للنهاية

الداخلية تضبط تيك توكر لنشرها فيديوهات خادشة (فيديو)

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

ضربة لحيتان المقاولين.. إزالة 6 أبراج مخالفة فى منطقة اللبينى بالهرم.. صور

اتحاد الكرة يرد على شكوى الزمالك ضد زيزو ..اعرف التفاصيل

الصحة الفلسطينية: وفاة 4 فلسطينيين بسبب سوء التغذية والمجاعة فى قطاع غزة.

مصر تنتفض ضد أوهام إسرائيل الكبرى.. تحذيرات من مخطط صهيوني لتغيير خرائط المنطقة.. سياسيون: أطماع مرفوضة تكشف الهدف من حرب غزة.. مصر حائط صد أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية.. ويدعون لتعزيز الاصطفاف الوطني

مزيج بين السماوي والذهبي فى قميص الأهلي الثالث للموسم الحالي.. صور

وفاة بطل حريق شبرا الخيمة متأثرا بإصاباته بحروق فى جميع أنحاء جسده

ذروة الموجة الحارة.. تحذير من الأرصاد للمواطنين والقاهرة تسجل 42 درجة فى الظل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى