مغامرة تحبس الأنفاس.. "اليوم السابع" يكشف من جبال الصعيد ألاعيب الدجالين للنصب على المهووسين بالتنقيب عن الآثار.. ويعرض قصصا حقيقية بدأت بطلب "البخور والزئبق" وانتهت بذبح الأطفال لتقديمهم "قرابين".. فيديو وصور

- والد ضحية: المشعوذ أمر بقتل ابنى لفتح مقبرة
- عالم آثار: المقابر الفرعونية لا يحرسها الجن
- خبير أمنى: 99% من القصص نصب واحتيال
لم يعلم أنها آخر فرحة له، وأنها آخر تكبيرات يسمعها مع أقرانه في ثان أيام عيد الأضحى المبارك، إنه الطفل "محمد عصام"، صاحب الثمانية أعوام، والذي فقد حياته ذبحًا على يد أقاربه الثلاثة لأبيه بقرية الهمامية الواقعة بجنوب محافظة أسيوط فى صعيد مصر.
اتشحت شوارع القرية بالسواد، بعدما استيقظ أهلها على تفاصيل قصة مأساوية بدأت أحداثها باستدراج الأشقياء الثلاثة للطفل "محمد" إلى حظيرة مواشي تقع على أطراف القرية، ثم استل أحدهم سكينا وقطع يديه، ليقدموها قربانًا من أجل فتح مقبرة أثرية مزعومة، تنفيذا لأوامر دجال استعانوا به، فطلب منهم ضرورة إراقة دم طفل للوصول إلى "الكنز".
وفي لحظات مرعبة تحبس الأنفاس وتفاصيل مأساوية قد لا يصدقها عقل، اجتمع الجناة الثلاثة على مخططهم الشيطانى، فبدأ الأول بشل حركة الطفل، واقدم الثاني على ذبحه بكل وحشية ودم بارد، أما الثالث فكان بالخارج يراقب الطريق حتى لا ينكشف أمرهم، حتى تلاشت توسلات وأنين "الضحية" تماما مع تناثر دماؤه الطاهرة على جدران وأرضية الحظيرة البائسة.

الطفل الضحية
تفاصيل الواقعة كشف عنها عصام مهران والد الطفل، واستطرد والحزن والأسى يسيطران على قلبه وعقله: "والدة المتهمين الثلاثة كانت تراقب منزلنا منذ فترة طويلة، وهناك متهمين آخرين متورطين فى الواقعة، وأنا مش هسيب حق ابنى الذى قتل غدرا".
وتابع والد الضحية: "المجرمين معدومى الضمير حرموني من أول فرحتى فى الدنيا.. ابنى راح مني يا ناس في غمضة عين.. غدروا به بسبب طمعهم.. الدجال أمرهم بذبحه وتقديم يديه قربان داخل حفرة لفتح مقبرة والوصول إلى كنز أثرى".
وباشرت النيابة العامة التحقيقات في القضية رقم 3316 لسنة 2024، حيث يواجه المتهمون الثلاثة وأثنين آخرين جريمة "القتل العمد والتحريض علي القتل"، والتي تصل عقوبتها للإعدام.
والد طفل أسيوط
الغريب فى الأمر، أن واقعة قتل الطفل "محمد" لم تكن الأولى، فخلال مغامرتنا بجبال الصعيد تبين لنا أن هناك عشرات القضايا لقتل الأطفال بغرض تحقيق مزاعم الدجالين الذين يستعين بهم الجناة من المهووسين بالتنقيب عن الكنوز المزعومة، حيث يشترطون عليهم إراقة دماء الأطفال ويوهمونهم بضرورة تقديمها كقرابين لفتح "المقابر الأثرية المزعومة".
التحقيق كشف أيضا عن انتشار وتزايد أعداد المهووسين بالتنقيب عن الآثار واللاهثين وراء الثراء السريع ودون أى عناء، وتبين لنا أن معظم الوقائع عادة ما تبدأ بالاستعانة بدجال أو مشعوذ للمساعدة فى فتح المقبرة، وبدوره يطلب أشياء غريبة لعل أكثرها خطورة وأبشعها هى ذبح الأطفال، ويعللون ذلك بأن دمائهم تقدم كقرابين لـ"الجن" بأماكن التنقيب غير الشرعى، والأغرب من ذلك كله هو عدم وجود قانون يجرم أعمال الدجل والشعوذة بشكل مباشر أو بعقوبة تردع هؤلاء المجرمين، فلم يقر قانون العقوبات إلا "جنحة النصب" فى مادته رقم "230" وتعاقبهم بالحبس مدة لا تتجاوز الـ 3 سنوات فقط.
جرائم مخفية
"لا توجد دراسة حول استخدام الخرافات لذبح الأطفال لاستخراج الدفينة، لأنها من ضمن الجرائم المخفية، وظاهرة التنقيب غير الشرعي عن الآثار منتشرة في العديد من المحافظات، وهى محاولة للحصول على الأموال وتحقيق الثراء بطريقة سهلة".. بهذه الكلمات عبر الدكتور شحاتة زيان، أستاذ علم النفس، ورئيس قسم الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن رأيه حول انتشار ظاهرة قتل الأبرياء لفتح المقابر الأثرية.
وأضاف الدكتور شحاتة زيان، أن الرغبة في الثراء السريع ساعد على انتشار خرافات حول "فك الرصد" و"البوابة السحرية" لفتح "المقابر الأثرية المزعومة"، ومن ثم يتم تنفيذ طلبات وأوامر المشعوذين والدجالين بإراقة الدماء، مؤكدا أن أهم الأسباب التى ساعدت على ذلك هى انعدام الثقافة وتفشى الجهل وانتشار المعتقدات الخاطئة، خاصة فى محافظات الصعيد.
طفلة قرية الصوامعة
على بعد 470 كيلو متر من القاهرة، يحكى الجبل الشاهق- بنجع "الشيخ إسماعيل" بقرية الصوامعة بمركز أخميم التابع لمحافظة سوهاج- تاريخ حضارة عريقة مر عليها آلاف السنين، أعلاه يظهر باب "البنية الأثري"، وشاهد أيضًا على جريمة قتل الطفلة "شيماء.ح" صاحبة الـ 10 سنوات، على يد عمها من أجل تقديمها قربانًا للجن بعد أن أوهمه أحد الدجالين بأن استخراج الكنز من داخل إحدى "حفر" التنقيب عن الآثار، لن يخرج إلا على الدماء.
فى تلك الواقعة، باشرت جهات التحقيق، استجواب المتهم بالقضية رقم 3375 لسنة 2021، واعترف بقتل الطفلة (ابنة أخيه) تنفيذًا لتعليمات أحد الدجالين والمشعوذين، بضرورة قتلها للمساعدة في استخراج الكنز من الأرض.
العادات والتقاليد، ووجود علاقات نسب وصلة قرابة بين عائلات القرى حالت بين حديث أهلها لنا، ورفضوا تزويدنا بأية معلومات إضافية حول واقعة مقتل الطفلة وغيرها من قصص التنقيب عن الآثار، ولكن قبل مغادرتنا، وقع على مسامعنا حديث شاب في بداية العقد الثالث من عمره، كان يشير إلى الجبل مرددا: "الجبل فوق كله حفر وبحث عن آثار".

رحلة البحث عن مساخيط جبل الصوامعة
"الجبل فوق كله حفر وبحث عن آثار".. هذه الكلمات كانت مفتاحا لكشف العشرات من عمليات التنقيب عن الكنوز الأثرية، وعايش "معد التحقيق" الطريق الوحيد للوصول إلى قمة الجبل، وهو عبارة عن مدق جبلى يبلغ طوله نحو 2 كيلومتر تقريبا، وخلال نصف ساعة سيرا على الأقدام وصلنا إلى موقع تظهر به علامات التنقيب غير الشرعى.

وثقنا وجود عشرات "الحفر" أعلى الجبل، حفرها لصوص المقابر الأثرية، ومنها حفرة قديمة وآخري حديثة جارى العمل بها، والغريب أن الحفر كانت كلها متقاربة في العرض، ما بين "المتر والمتر ونصف"، وشاهدنا العديد من السراديب على عمق يصل لعشرات الأمتار في باطن الجبل، وتبين لنا من خلال بعض أحاديث الناس "المقتضبة" أن أماكن الحفر والأعماق يحددها الدجالين والمشعوذين، وتكون توصياتهم هذه بمثابة "بوصلة" للتحرك وتغيير الوجهة والمسارات خلال تنفيذ أعمال الحفر.
لم تتوقف رحلتنا على الجبل بعد، لكن مزيد من العلامات تظهر لنا طريقا تشير إلى أماكن حفر وتنقيب، فوجدنا بنفس المكان أكثر من مغارة، أبرزها ما تسمى بـ"الشمس" والتى يبلغ اتساعها نحو 3 أمتار تقريبا، ويتجاوز طولها الـ15 مترا، وخلال الخمسة أمتار الأولى من دخول تلك المغارة تجد 5 حفر تم ردمها، وفى منتصفها توجد حفرة يتجاوز عمقها الـ 5 أمتار، وهناك 3 حفر أخرى غير مردومة بالداخل، لكننا لم نستطع الوصول إلى حافتها بسبب انعدام الرؤية.
على بعد 10 أمتار من "مغارة الشمس" توجد حفرة يصل عمقها إلى 3 أمتار تقريبا، وبجوارها حفرة أخرى لا يتجاوز عمقها الـمتر وتبين لنا أنها تكاد محفورة حديثا، وبعد خطوات قليلة وجدنا مغارة آخري تضم بداخلها 4 حفر أخرى وكلها كانت من أجل البحث عن الكنوز الأثرية فى باطن الجبل.
خبير أمنى: هوس الثراء يسفك دماء الأطفال.. و99% من القصص نصب
اللواء عبد الرحيم سيد الخبير الأمني، تحدث عن الأماكن التي تكثر فيها عمليات التنقيب عن الآثار، مؤكدا أن الظاهرة منتشرة في العديد من المناطق بالوجه البحري والقبلي، وخاصة في منطقة المطرية بالقاهرة ومركز أخميم في سوهاج، والبر الغربي بالأقصر، وذلك نظرا لوجود مناطق أثرية بكثرة، لافتا إلى أن المشعوذين يوهمون الباحثين عن الثراء السريع بالبحث عن الكنوز في الأماكن التاريخية، ويتعرض المنقبون لمخاطر منها انهيار منطقة الحفر والاستيلاء على تحويشة العمر من قبل النصابين، وفى كل 100 عملية بحث عن الآثار قد يتم العثور على مقبرة أثرية بالصدفة، وهذا غير مرتبط بالجن.
وأضاف: "99% من عمليات البحث عن الآثار عمليات نصب، ويرجع انشار عمليات الدجل بالصعيد والأرياف بسبب نقص الثقافة والعلم وعادات متوارثة، منوها أن الدجالين تطوروا لدرجة الاسفاف وقد يطلب من الباحثين عن الثراء ذبح طفل أو شاب لتقديمه قربان للجن لفتح المقبرة، بعض الأشخاص سقطوا في هذا العمل الإجرامي البشع، ويحدد الدجال مواصفات الضحية التي ستذبح على الحفر لفتح المقبرة وكل هذا نوع من الخرافات لدرجة أن أطفال أبرياء سالت دمائهم بسبب الجهل والطمع وخاصة في الأرياف والصعيد".

معايشة مع دجال
توجهنا إلى مدينة "ديروط" شمال محافظة أسيوط، لرصد أمكان التنقيب غير الشرعي عن الآثار، لم تسعفنا عملية التنقل بين الشوارع هناك إلا بواسطة "التوك توك"، وتم الاتفاق مع سائقه على مساعدتنا في عملية التنقل مقابل أجر على مدار اليوم، وخلال الحديث مع السائق أوهمناه بأننا نبحث عن "عراف" لفك طلاسم مقبرة أثرية، بعد سؤاله الملح عن أسباب تنقلنا لبعض الأماكن بالمركز، وأبدى معرفته بشخص يدعى "الشيخ شعيب" متخصص في استخراج المساخيط.
أجرى "سائق التوك توك"، اتصالا هاتفيا بالشيخ المزعوم، وبعد نصف ساعة وصل إلى مكان انتظاره داخل إحدى المقاهى غرب شريط السكة الحديد بالمركز، وخلال الحديث معه، سأل عن مواصفات ومكان المقبرة، وجعلنا "الدجال" يشاهد مقطع فيديو تم تنزيله من على مواقع التواصل الاجتماعي يعرض مكان حفر عن أثار من قبل الباحثين عن الثراء السريع، وإيهامه بأنه لحفرة عثرنا عليها أسفل منزل نمتلكه بحى غرب في المحافظة كونه من الأماكن المشهورة بالتنقيب عن الآثار بأسيوط، فخلال شهر نوفمبر من عام 2022 انهار منزلين بحي غرب بسبب أعمال التنقيب غير الشرعية.
أكد "الدجال"، أن المكان الذى يظهر في الفيديو "عليه رصد"، وحارس المكان قوى مربوط بالسنة الفلكية وصعب التغلب عليه، وأنه يحتاج لبخور هندى سعر جرامه بــ9 آلاف جنيه لفتح المقبرة الأثرية، بدأ الدجال في نصب شباكه على معد التحقيق، وأكد أنه يحتاج لـ 50 جراما على الأقل لفتح المكان، وأن البخور يباع عند شيخ العطارين فقط في القاهرة، ورفض تحديد مكان بيعه كما ادعى.

المؤبد أقصى عقوبة
تصل عقوبة التنقيب عن الآثار، إلى السجن المؤبد بأقصى عقوبة وغرامة مالية تصل لنحو 5 ملايين جنيه، بحسب ياسر سيد أحمد المحامي بالنقض، مضيفا أنه بعد صدور قانون الآثار، والخاص بالتنقيب والتهريب والبيع، بدأ تطبيق عقوبة التنقيب وتم تعديل هذا القانون عدة مرات منها سنة 2010، آخرها القانون رقم 3 لسنة 2020، وبالنسبة لجريمة التنقيب تناول القانون هذه الجريمة في المواد من 42 وحتى 45، يوضح فيه التدرج من بين التنقيب عن الآثار والتهريب والسرقة والحفر خلسة بدون ترخيص.
خرافات ساعدت على تصديق المشعوذين
رصدنا في رحلة البحث عن المساخيط، الخرافات التي يرددها أهالى الصعيد حول البحث عن الكنوز المدفونة منها: "حارس المقبرة قوى عايز دم علشان المقبرة تفتح... حارس المقبرة مربوط بالسنة الفلكية لو عمره خلص المقبرة هتفتح بدون طلبات.. اللي هيفتح المقبرة وهيلاقى الزئبق الأحمر ويشرب منه هيرجع شباب.. حارس المقبرة يظهر في صورة ديك ويختفى"، وغيرها من الخرافات المنتشرة بشكل كبير بين أهالى محافظتي "سوهاج وأسيوط" مكان التحقيق.
المقابر الفرعونية لا يحرسها الجن
تطرق الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، ومدير عام آثار الهرم سابقا، في حديثه لنا، إلى الباحثين عن الثراء السريع، وكيف يكونون فريسة سهلة للنصابين، حيث يتمكن النصاب من خداعهم وإقناعهم بوجود كنز في مكان ما، وقد يطلب منهم ذبح طفل أو شاب لاستخراج الكنز أو إيهامهم بموضوع الزئبق الأحمر، ويطلب النصاب إراقة دماء لفتح المقبرة وفك طلاسم المقبرة، وهذا الكلام ليس له علاقة بالواقع، وجريمة ضد الإنسانية، ويجب توقيع أقصى عقوبة على مرتكبيها.
وأضاف "عبد البصير": "محافظات الصعيد يوجد بها العديد من الأماكن الأثرية ولذلك نجد أسفل بعض المنازل مقابر أثرية في الأقصر وأخميم بسوهاج، ولا يوجد ما يسموه "حارس المقبرة ولا الجن" على الإطلاق وانتشار الخرافة والشعوذة والجهل وتأتى محافظة سوهاج في المرتبة الأولى في عملية التنقيب بالصعيد كونها محافظة غنية بالآثار.
وتابع أنه عقب انهيار الاتحاد السوفيتي حدث هوسا بهذا الأمر ففي متحف التحنيط في الأقصر أثناء تحنيط مومياء من الأسرة الـ 17 تم العثور على سائل أحمر وتم وضعه في زجاجة، فالبعض اعتقد أنه الزئبق الأحمر رغم أن هذا الكلام غير صحيح، ولا يوجد ما يطلق عليه الزئبق الأحمر".

غدر الأصدقاء
توجهنا لجبل قرية الكوامل غرب مركز سوهاج، للتحقيق في مكان قتل الشاب إبراهيم عبد النعيم، على يد صديقه وشخص آخر بمدق جبلي بدائرة المركز من أجل تقديمه قربان للجن لفتح مقبرة أثرية بعد ان أوهمهما مشعوذ بان الكنز يحتاج لدماء حتي يخرج.
وكان دليلنا أحد أهالي القرية، ووصلنا إلى منطقة هناك تسمي "دبوس المصاغة"، لرصد أماكن التنقيب عن الآثار وقريبة من مكان مقتل المجني عليه، وبعد قرابة الساعة من السير على الأقدام لم نتمكن من استكمال الطريق لصعوبة التضاريس هناك وعدم معرفتنا الجيدة بطرق الدخول والخروج من الجبل، ولكن روح الشاب الضحية تبقى شاهدة على جريمة قتل سببها الخرافات المتوارثة حول فتح المقابر وفك الرصد.
وفى 22 مايو 2023، سطرت محكمة جنايات سوهاج، كلمة النهاية في واقعة مقتل الشاب "إبراهيم"، وعاقبت المتهمين بالإعدام شنقا في الجناية التى تحمل رقم 2763 لسنة 2022 كلى شمال سوهاج.

أمر إحالة متهمين بقتل المجني عليه إبراهيم
إخفاء جرائم القتل خلف ستار الشرف
الدكتور شحاتة زيان، رئيس قسم الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أكد أنه توجد فجوة معرفية لمعرفة السب الذى دفع الناس لارتكاب مثل نتلك الجرائم، وبعض تلك الجرائم ترتكب ولا تكتشف، وقد ترتكب الجريمة ويتم تداركها بجريمة آخري مثل أن سبب قتل الضحية جريمة شرف وليس بحث التنقيب عن الأثار لتخفيف العقوبة.
كبير أئمة بالأوقاف: فئة ضالة وسفك الدماء من الكبائر
يقول الدكتور منصور مندور، كبير أئمة بوزارة الأوقاف، إن البحث والتنقيب عن الآثار في باطن الأرض وضعت له الشريعة الإسلامية من الضوابط والأحكام والأصول ما يحمى الأفراد والمجتمع والدولة، فالأشياء الموجودة في الأرض ملك للدولة، الإمام أو المسئول أو نائبه هو من يحدد من يفعل ذلك ومن لا يفعل ذلك وإذا تم استخراج شيء فالدولة تعطى قولها في هذا الأمر، كل هذا موضوع في الشريعة الإسلامية مرجعها كتب الفقه، فالمعادن قد يجدها شرار الناس فأن تركت تحاسدوا وتقاتلوا عليها وسفك بعضهم دماء بعض، فالشريعة الإسلامية اعتبرت ما يوجد في باطن الأرض فان الدولة هي المسئولة عن تصريفه.
واستكمل: بعض الناس يذهبوا للدجالين والعرافين والكهان ويقوله له قدم قربان وتكون النتيجة الضياع وسفك الدماء وهذا نهت عنه الشريعة الإسلامية، فالدنيا مهما بلغت لا تساوى عند الله سفك دماء إنسان أو ارتكاب محرم طمعا وتقربا للجن، وأن هؤلاء في حاجة إلى أن يعلموا أن الله سبحانه وتعالى رقيب عليهم عالم بما يفعلون محاسبهم ومجازيهم على أفعالهم.
إحصائية بجرائم التنقيب خلال عام
تمكن "معد التحقيق" من توثيق قضايا التنقيب عن الآثار من خلال البيانات المنشورة على صفحة وزارة الداخلية بمواقع التواصل الاجتماعى، على مدار عام بمحافظات الصعيد، وتحديدا خلال الفترة من 1 ديسمبر 2023 وحتي 30 نوفمبر 2024، حيث تبين له وجود محافظة سوهاج في المركز الأول بـ 8 قضايا، وأسيوط في المركز الثاني بـ 6 قضايا، وقنا بـ 3 قضايا، وقضيتين لكلا من الأقصر والمنيا، وقضية واحدة فى أسوان.

روايات أشبه بالأساطير
لا زالت الجعبة ممتلئة بـ"حواديت" أخرى وثقها "معد التحقيق" حول عمليات التنقيب عن الآثار يقول "ياسر.م" مدرس، من سكان مدينة أخميم، إنه سمع عن عمليات التنقيب عن الآثار أعلى الجبل الشرقى للمدينة ولكنه لم يذهب إلى هناك، وانتشار الخرافات حول الكنوز الاثرية وحارس المقبرة ساعد الدجالين في عمليات النصب على المواطنين والتي قد تنتهى بعمليات قتل نفس بريئة، فالنصاب بعد استيلائه على أموال الباحثين عن الثراء بطرق غير شرعية يحاول اقناعهم بان الكنز لن يفتح إلا بذبح شخص كما حدث لطفلة قرية الصوامعة.
عمليات الحفر عن الآثار منتشرة أعلى الجبل وداخل بعض منازل المدينة‘ بحسب كلام "المدرس" ففي مقابر الأهالي تنتشر عمليات الحفر عن الكنوز الأثرية بالقرب من موقع عروسة "ميرت آمون".
وتابع: "بجوار مقابر الأهالي بمدينة أخميم في منطقة الكوم يوجد العديد من حالات الحفر عن الآثار ولا نعلم عنها شيئ، إلا بعد القبض على الجناة، لآن عمليات الحفر تتم داخل المنازل، وأيضا تنتشر عمليات الحفر بالقرب من منطقة تمثال ميرت أمول".
"حارس المقبرة عايز دم".. كلمات قالها محمد شحاتة من أهالي مركز ديروط شمال محافظة أسيوط تعبر عن مدى الكارثة التي يقع فيها الأهالي تنفيذا لكلام المشعوذين، وبدأ حديثه قائلا: "الناس الطماعة اللي بتبحث عن الثراء، والشيخ النصاب "الدجال"، يقولهم حارس المقبرة عايز دم، علشان استخراج الذهب والآثار من المقبرة ومفيش الكلام ده كله نصب، أعرف أكثر من 50 شخصا من مركز ديروط يبحثوا عن الآثار".
وتابع: "إزاى اسمع كلام الدجال وأجيب بنت أو عيل وأدبحه علشان الآثار الخرافات منتشرة بين الأهالى والطمع جعل العديد من المواطنين يستمعون لكلام الدجال وينفذوا طلباته".


Trending Plus