"الشاي".. حب في فنجان ودفيء في رشفة

محمود عبد الراضي
محمود عبد الراضي
بقلم : محمود عبد الراضي

حين نتحدث عن الشاي في مصر، فإننا لا نتحدث عن مشروب بسيط يملأ أكوابًا وينتهي أمره، بل عن طقس يومي يشبه تنفس الروح، وعن مشهد حياتي متجذر في كل زاوية من أرض النيل، هو السفير الصامت بين الأصدقاء، والمُصلح بين النفوس، وهو أيضًا ذاك الدفء الذي يتسلل إلى قلوب المصريين مهما كانت الأجواء حولهم باردة أو حارة.

"كوباية الشاي" ليست مجرد وعاءٍ من الزجاج، بل هي سحر صغير يحمل بداخله مزيجًا من العادات والتقاليد، تبدأ حكاية المصري مع الشاي في الصباح، حيث تتحول أول رشفة منه إلى نبضٍ جديد يوقظ الحواس ويعدل المزاج، وفي المساء، تكون الكوب ذاتها رفيقًا صامتًا لجلسات التأمل أو الثرثرة الخفيفة قبل النوم.

على المقاهي الشعبية العتيقة، تجد أن الشاي يتجاوز كونه مجرد شراب ليصبح جامعًا للأرواح، هو شريك السمر في ليالي القاهرة، وموقد الحكايات في أزقة الصعيد.

هناك، في قلب الجنوب، يتربع الشاي على عرش الضيافة، استحالة أن تجد صعيديًا يفتح باب بيته دون أن يُعد صينية الشاي بأبهى طقوسها، فهو بالنسبة لهم أكثر من ضيافة؛ إنه "كلمة السر" لجلسات الحكي، والاستماع إلى السيرة الهلالية، واستعادة حكايات الأجداد.

حتى مع حرارة شمس الصعيد الحارقة، تجد كوب الشاي حاضرًا، متحديًا الحرارة ومحولًا العرق إلى نسيم، وفي ليالي الشتاء الباردة، يصبح الشاي موقدًا للدفء، ورفيقًا لجلسات السمر الطويلة حول مواقد الفحم، أما رمضان، فالشاي هناك ملك لا تُنافسه العصائر مهما تعددت، إذ لا تكتمل لمة الإفطار أو جلسات السحور إلا به.

أتذكر والدي، رحمه الله، الذي كانت أكواب الشاي بمثابة بوصلته اليومية، كان يشربها بالعشرات، كأنها مفتاح كل مهمة، وسر كل لحظة، الحقل لن يستقيم دون كوب شاي، والنهار لن يكتمل إلا بصينية شاي، ليصبح الشاي ليس فقط مشروبًا، بل طقسًا يضبط إيقاع الحياة.

الشاي، ببساطة، ليس مجرد مشروب لدى المصريين، بل رمز للسعادة، قاسم مشترك بين الفرح والحزن، البداية والنهاية، هو ذاك السائل الذي يذيب كل المسافات بين النفوس، ليصنع دفئًا خاصًا لا يجاريه أي مشروب آخر.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح: فرصتى كبيرة للفوز بالكرة الذهبية.. وأشجع مكة على التمثيل

مالطا تعتزم الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين

وزارة التعليم تستعد لامتحانات الدبلومات الفنية.. الاختبارات تنطلق الخميس 29 مايو.. تسليم رؤساء اللجان المدارس وإعلان كشوف المناداة.. تشكيل فرق عمليات لمتابعة انتظام الاختبارات.. ونقل الأسئلة لمراكز التوزيع

بنكا الأهلى ومصر يجتمعان اليوم لبحث أسعار العائد على الشهادات بعد خفض الفائدة

محمد صلاح: أستطيع اللعب حتى سن الـ40 والريال وبرشلونة مش فى الصورة


النيابة تصرح بدفن حفيد نوال الدجوى بعد انتهاء التشريح

من مسجد الجامعة.. صلاة الجنازة على حفيد نوال الدجوى غدا الاثنين عقب صلاة الظهر

أمير كرارة وهنا الزاهد يواصلان تصوير فيلم "الشاطر" بإحدى الدول الأوروبية

الاتحاد يفوز على الأهلي 73-83 في أول لقاءات نهائي دوري سوبر السلة

وزير العمل يعلن تطورات إيجابية بشأن عامل مصرى عنفه صاحب عمل سعودى


لبيان سبب الوفاة.. نقل جثة حفيد نوال الدجوى إلى المشرحة لتوقيع الكشف الطبي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى