اكتشاف تابوت للملك بسماتيك.. حكم مصر حوالى 54 عامًا وأعاد عصر الاستقرار والقيم الدينية الراسخة بعقيدة المصريين القدماء.. وكتاب "الفراعنة المحاربون" يكشف تفاصيل الحقبة التاريخية.. ومرحلة استعادة أمجاد ملوك مصر

الملك بسماتيك الأول
الملك بسماتيك الأول
أحمد منصور

استطاع فريق متخصص من المجلس الأعلى للآثار والمتحف المصرى الكبير، من استخراج تابوت تم اكتشافه خلال مشروع إنشاء المستشفى الجامعي الجديد بمدينة بنها بمحافظة القليوبية، يعود لعصر الملك بسماتيك الأول، بأحدث الطرق العلمية المتعارف عليها دوليًا، وذلك بعد الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى بالمشروع وهي حوائط خرسانية لمنع التسرب بكل المستشفى.

تابوت الملك بسماتيك
تابوت الملك بسماتيك

والتابوت يبلغ وزنه 35 طنا، والغطاء يزن 27 طنا، ليكون إجمالي وزنه 62 طنا، ويعود للملك بسماتيك الأول، الذى تولى حكم مصر في فترة عصيبة فى عصرها المتأخر، وقاد مصر إلى المجد والقوة والنهضة ثانية، فكانت أشبه بابتسامة مبتسرة قبل أن يتم إسدال الستار على تاريخ وحضارة مصر الفرعونية، وقبل أن تتحول إلى مملكة يحكمها الغرباء، مثل الإسكندر الأكبر وخلفائه من الملوك البطالمة.

استخراج التابوت من موقع الحفائر
استخراج التابوت من موقع الحفائر

ويقول عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير في كتابه "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون"، بعد أن انتهت الأسرة الخامسة والعشرين الكوشية أو النوبية للأبد، وبدأت فى التشكل والظهور الأسرة السادسة والعشرون الصاوية المصرية الوطنية تحت حكم الآشوريين حين قام الآشوريون بقيادة ملكهم الأشهر آشوربانيبال بتعيين نكاو أو نخاو، أو نكاو أو نخاو الأول كحاكم على مدينة سايس وابنه بسماتيك الأول كحاكم على مدينة أثريب أو أتريب بالقرب من بنها فى القليوبية فى الدلتا، وقام الملوك الصاويون بفرض سيطرتهم على الدلتا شيئًا فشيئًا كحكام تابعين للآشوريين، وفى عام 664 قبل الميلاد، مات نكاو أو نخاو الأول، فقام الآشوريون بتعيين ابنه بسماتيك الأول كملك على مصر ككل.

وأوضح الدكتور حسين عبد البصير، لم يكن صعبًا على الملك العسكرى والسياسى المحنك بسماتيك الأول أن يسيطر على الدلتا التى جاء منها، خصوصًا أن أمراء الدلتا كانوا ضعافًا وحكامها لم يكونوا يشكلون أية خطورة تذكر عليه وتحديدًا بعد أن مهد له أبوه الحكم أثناء فترة تبعيته للحكم الآشورى، غير أن الصعوبة الحقيقية التى واجهها الملك بسماتيك الأول كانت هى كيفية سيطرته على الصعيد المصرى البعيد عن الدلتا والعصى على السيطرة والاعتراف بحكمه، وتحديدًا مدينة طيبة العاصمة الدينية العريقة ومركز عبادة الرب الأكبر الإله آمون.

 وأضاف كتاب "الفراعنة المحاربون"، أن الملك بسماتيك الأول أثبت أنه سياسى محنك ورجل دولة من طراز رفيع، ففى عام 656 قام بإرسال ابنته الأميرة نيوت إقرت أو نيوتكريس إلى الجنوب، إلى طيبة عاصمة مصر الدينية الكبرى، كى يتم تعيينها كزوجة مستقبلية للإله آمون رب طيبة الأعظم، فى معبد الإله آمون بالمدينة، وكى يضمن السيطرة الدينية ومن ثم السياسية على طيبة وعلى الجنوب وعلى معبد الإله آمون وكهنته المسيطرين ودولته ذات الأوقاف والإقطاعيات والهبات والمؤسسات الاقتصادية القوية والمتحكمة فى الجنوب وفى مصر ككل.

خلال استخراج التابوت
خلال استخراج التابوت

وأشار كتاب "الفراعنة المحاربون"، إلى أن بسماتيك رجل دولة مميزًا حين لم يخلع زوجتى الإله آمون الحاليتين من الأسرة السابقة، أى الأسرة الخامسة والعشرين الكوشية أو النوبية والتى هرب ملوكها إلى الجنوب، وهما شبن أوبت الثانية وآمون إرديس الثانية، وذلك حتى لا يدخل فى محظور دينى يفقد به ما أراد تحقيقه من تعيين ابنته كزوجة مستقبلية للإله بعد موتهما، وهكذا سيطر بسماتيك الأول على الدلتا أولاً، ثم على الصعيد ثانيًا من خلال تعيين ابنته فى طيبة فى ذلك المنصب الدينى والدنيوى المهم، وكذلك عدم معاداة البيت الكوشى الحاكم دينيًا فى الجنوب أو معاداة نبلاء الجنوب الذين دعموا سيطرتهم وأيدوا سلطانه على الجنوب.

ثم اتجه بسماتيك الأول ببصره إلى خارج الحدود بعد أن أمن دولته فى الداخل، وحاول استعادة أمجاد ملوك مصر السابقين فى الشرق الأدنى القديم، غير أنه وجد أن الأمر يحتاج إلى تكوين جيش قوى حتى يستطيع أن يحقق جولاته وصولاته وانتصاراته معيدًا مجد الإمبراطورية المصرية فى الشرق الأدنى القديم والتى كانت فى عصر الدولة الحديثة، فتوصل إلى فكرة بديعة وهى تكوين جيش من الجنود المرتزقة من بلاد البحر الأبيض المتوسط، فجمع عددًا كبيرًا منهم من الإغريق والكاريين وغيرهم.

بسماتيك الاول
بسماتيك الاول

ولفت كتاب "الفراعنة المحاربون"، حكم بسماتيك الأول مصر لمدة تزيد على النصف قرن حوالى 54 عامًا، أعاد مصر فيها إلى عصر الاستقرار والقيم الدينية الراسخة فى عقيدة المصريين القدماء، وعلى الرغم من التأثر الكبير بالتأثيرات الوافدة من الخارج فى الفن والتجارة، والتى لم تحدث من قبل، قام ذلك الملك ورجال عهده ومن تلاهم بالنظر إلى آثار الماضى فى عصور الدول القديمة خصوصًا عصرى الدولتين القديمة والوسطى بعين الاعتبار والتقليد الحميد، والذى نعرفه بعصر الرينيسانس أو عصر النهضة الصاوية، حين قام ملوك الأسرة بتقليد فنون ونصوص الفترات السابقة ووضع لمستهم الفنية فى محاولة منهم للالتصاق بمجد الماضى العظيم فى مواجهة ضعف الحاضر الذى كانوا يعيشونه.

وفى عام 653 قبل الميلاد، استغل بسماتيك الأول انشغال ملوك آشور بأمورهم الداخلية، وانسلخ من سيطرتهم، وهم أيضًا لم يهتموا بانفصاله عنهم، نظرًا لشدة الصراع الداخلى على العرش لديهم، وتهديد قوة بابل الصاعدة من الجنوب لهم، فكان لبسماتيك الأول ما أراد، وكان سعيد الحظ، وأخذ لنفسه خطًا مغايرًا فى السياسة الخارجية، وجعل من مصر قوة ضاربة ومهمة ومؤثرة فى منطقة الشرق الأدنى القديم.

وقال الدكتور حسين عبد البصير، كما أن غياب آشور عن المسرح السياسى للأحداث فى الشرق الأدنى القديم، ترك فراغًا سياسيًا كبيرًا فى المنطقة، فظهرت قوى أخرى مثل البابليين تحت قيادة ملكهم الشهير نابوبولاصر، وظهر كذلك الميديون، وظهر أيضًا الساسانيون، وفى الفترة من 629 إلى 627 قبل الميلاد، قام نابوبولاصر بالتحرك جنوبًا إلى جنوب فلسطين حتى دحره المصريون فى أشدود على الساحل الفلسطينى، وتقين بسماتيك الأول من الخطر الحقيقى لمصر لانهيار الآشوريين، لذا ساعدهم ضد البابليين فى عام 616 قبل الميلاد، غير أنه لم تكن لديه قوات كافية كى يقضى على البابليين نصرة ومساندة منه لحلفائه الآشوريين السابقين، غير أن قوى دولية أخرى مكونة من الفرس والساسانيين قامت بمهامجة آشور فى عام 612 قبل الميلاد وقامت بالقضاء على الخط المالك فى البيت الآشوري.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأهلي يستطلع رأي ريبيرو بشأن عروض الإعارة لـ محمد عبد الله

القطار الأسرع فى مصر.. مواعيد "تالجو" وأسعار الرحلات اليوم الأربعاء 9-7-2025

محاولات لإنهاء أزمة سيف الجزيرى في الزمالك

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

مرسى مطروح مصيف السعادة.. متعة السباحة والمناظر الخلابة تُحسن المزاج وتجدد النشاط.. ملايين المصريين والسياح أسرى طبيعة مطروح البكر.. والشواطئ على موعد مع ذروة المصيف والصخب الجميل بعد نهاية امتحانات الثانوية


مدرب فلوميننسى بعد السقوط ضد تشيلسى: نغادر مونديال الأندية مرفوعى الرأس

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

تعرف على موعد انطلاق استعدادات الأهلي للموسم الجديد ومعسكر تونس

جواو بيدرو يتوج بجائزة أفضل لاعب فى مواجهة فلوميننسى ضد تشيلسى

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025


مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة

أيمن الرمادى: عبدالله السعيد مثل الأوروبين وطالبت مسئولى الزمالك بالتعاقد مع القندوسى

السجن 10 سنوات لـ7 متهمين بدفن شاب حيا داخل ماسورة مياه فى المحلة

القومي للاتصالات: خدمات كثيرة رجعت وتعمل بكفاءة وسنترال رمسيس ليس الوحيد المعتمد عليه

"فتش فى دفاترك القديمة" شعار صفقات الأهلى فى الميركاتو الصيفى

بالدموع والحزن.. ميت غمر تودع المهندس محمد طلعت ضحية سنترال رمسيس (فيديو)

فلومينينسي ضد تشيلسي.. التشكيل الرسمي لنصف نهائي كأس العالم للاندية

ردود فعل إيجابية لـ فيلم Superman مع العروض الأولى

وزير الإتصالات: سنترال رمسيس لم يعد صالحا فى الوقت الحالى حتى تتم أعمال التبريد

نتنياهو: سنهزم حماس ونقضي على قدراتها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى