صلاح جاهين ورباعياته.. حين تستطيع اللغة الوصول لقمة التعبير

هيثم الحاج على
هيثم الحاج على
هيثم الحاج على

يعتبر فن الرباعيات واحدًا من الفنون الشعرية الصعبة جدا على أي شاعر، فهي أقرب إلى الإبيجراما؛ حيث الحكمة المصفاة الخالصة التي تعبر بأقل قدر ممكن من الكلمات عن أوسع مدى ممكن من المعاني، وهي الفن الذي ينم عن قدرة الشاعر واللغة معا في التعبير الخالص، وكثيرا ما يقع الشعراء في دائرة هذا الفن في فخ الغموض والتعقيد، حين يريد تحقيق هذه المعادلة الصعبة التي لا يقدر على تحقيقها سوى شاعر مجيد يمتلك لغة قادرة.

إن أي جولة في هذه الرباعيات ستجعلك ترى بصورة واضحة كيف يمكن لشاعر أن يعبر ببساطة وعمق لا يتناقضان عن أكثر حالات الوعي الإنساني تعقيدا بوعي جمالي يجعل من تلك الحالات صورا واضحة لكل من يقرأها، يبدو وضوحها قادرا على الوصول إلى وعي القارئ محققا له درجات متعددة من متعة الاكتشاف والتذوق والفهم في آن واحد.
أنا شاب لكن عمري ولا ألف عام
وحيد ولكن بين ضلوعي زحام
خايف ولكن خوفي مني أنا
أخرس ولكن قلبي مليان كلام
ليبدو التعبير كأنه يركز على حالة فردية لكنها بالتأكيد معبرة عن حالات عامة كثيرة، كما يبدو أن الشاعر يتحدث عن نفسه لكن وعيه بلغته يجعل من تعبيره ذلك القادر على جذب القارئ لدائرته كأنه يعبر عنه هم بالتحديد.
فعلي الرغم من البساطة الشديدة التي تجعلك تشعر أنك ببساطة يمكنك قول مثل ذلك، فإن العمق الشديد يجعل للدهشة مكانها الأصلي عند القراءة
مع إن كل الخلق من أصل طين
وكلهم بينزلوا مغمضين
بعد الدقايق والشهور والسنين
تلاقي ناس أشرار وناس طيبين
غير أن هذه البساطة الظاهرية لا تمنع الشاعر من طرح قضايا وجودية ربما شغلت فلاسفة من قبله ولم يصلوا إلى رأي واضح فيها، لكنه الطرح الأكثر احتمالا للوصول على وعي قارئ يهتم بجمال اللغة المطروحة
خرج ابن آدم م العدم قلت ياه
دخل ابن آدم للعدم قلت ياه
تراب بيحيا وحي بيصير تراب
الأصل هو الموت ولا الحياة
وهكذا تتنوع الأفكار المطروحة في الرباعيات بوصفها شعرا يلبس قناع الحكمة أو حكمة يتم تقديمها في ثوب شعري لكنها في الحالات كلها تعبير عن قدرة صلاح جاهين وامتلاكه للغة استطاعت أن تصنع لنفسها طريقتها الجمالية الخاصة التي تجعل من السهل علينا الإقرار بأن قصيدة العامية المصرية استطاعت أن تصنع في مائة عام ما صنعته القصيدة الفصحى في أكثر من أربعة عشر قرنا من الوجود والتطور، وربما تكون تلك بداية لدعوة أن يكون شعر العامية المصرية ضمن مقررات الأدب في جامعاتنا في برامج دراسية مستقلة كما هي دعوة لأن تفرد لطرائقه التعبيرية الدراسات في مراحل الماجستير والدكتوراه وما بعدهما، وهو واجب وطني كما هي ضرورة أكاديمية تحتم علينا النظر في إبداعنا بصورة تليق به.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

عودة الحياة إلى الخرطوم.. وزرات ووحدات حكومية تعود للعاصمة السودانية

موعد مباراة منتخب مصر وزيمبابوى فى كأس أمم أفريقيا 2025

بانكير وضابط ومهندس ديكور.. هؤلاء سرقوا كأس العالم "صور"

قرار جديد من ترامب يهدد مصير 26 مليون مجنس أمريكى.. ما الذى حدث؟

الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة لـ 11 درجة


طبيب عيون بدرجة رئيس سابق.. كيف غير حادث سيارة حياة بشار الأسد؟

منتخب مصر يبحث عن أول فوز فى أمم أفريقيا منذ 1422 يومًا أمام زيمبابوى

الطقس اليوم الجمعة 19-12-2025.. تغيرات حادة ومفاجأة فى درجات الحرارة

20 سنة للجنايات وسنتان للجنح.. قانون الإجراءات الجنائية يحدد مدة سقوط العقوبة

5 معلومات عن مباراة الأهلى وسيراميكا فى كأس عاصمة مصر


عمر مرموش يزين قائمة أغلى 10 لاعبين فى أمم أفريقيا.. إنفوجراف

انتخابات النواب 2025.. أرقام الحصر العددى لدائرة الزقازيق فى الشرقية (فيديو)

كارثة حقيقية تهدد العالم.. الأرض تتجه لخسارة 100 ألف نهر جليدى

مواعيد مباريات اليوم الجمعة فى ثانى جولات كأس عاصمة مصر

الحصر العددى لدائرة المنصورة بالدقهلية.. تامر القصبي يحصد 87228 صوتًا

موعد انتهاء لجان حصر وحدات الإيجار القديم نهائيا

إعلان الحصر العددى لأصوات الناخبين بدائرة ديرب نجم والإبراهيمية فى الشرقية

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 19-12-2025 والقنوات الناقلة

المترو يصل المدن الجديدة والمطار.. توسعات كبرى لشبكة المواصلات فى مصر

نيكول سابا تطرح أغنيتها الجديدة تلج تلج وتشهد أول ظهور لزوجها وابنتها بالكليب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى