العاصمة الإدارية ليست بدعة أو إسرافا.. مصر غيرت عاصمتها 28 مرة

 عندما يقود أعداء الوطن، حملات التشكيك والتسخيف غير المنطقية فى القرارات وسياسات الدولة، وتحديدا الاقتصادية، يمكن تفهمه، فالعدو الذى يُعلى من شأن الكيان أو الجماعة أو التنظيم المنتمى له، ويغلب مصالحه فوق مصالح الدولة، لا يمكن الالتفات له مطلقا، بينما الذين يعارضون من أجل المعارضة، أو لإثبات أن أراءهم وأفكارهم صحيحة، حتى وإن كانت هذه الآراء تتقاطع مع العلم والمعرفة، فهؤلاء يمكن مناقشتهم بالعلم والعقل والمنطق والحجة القوية.

وفى الآونة الأخيرة، وجه البعض انتقادات غير مبررة للعاصمة الإدارية، تحت زعم إن تأسيسها إسراف غير مبرر، وإقامتها بدعة، وانقسم المنتقدون إلى فريقين، الأول، قيادات وأعضاء جماعات وتنظيمات لا تريد خيرا لهذا الوطن، والثانى، شخصيات ينتقدون من الباب الواسع للمكايدة والعناد وفرض الإرادة، وأحيانا من باب الشيفونية المفرطة ورفض التغيير، دون النظر لإعمال العقل، أو الإلمام الكامل بأدوات المعرفة، أو قراءة للتاريخ.

وسواء كانت العاصمة الإدارية هى امتداد عمرانى وإدارى للقاهرة، أو عاصمة المستقبل، فلا يهم المسمى بقدر أن فكرة تأسيس عاصمة جديدة للبلاد وفق مخطط عمرانى وتنموى، هادف لمواكبة تطور المدن الذكية القادرة على إحداث نهضة وطفرة تنموية كبرى، بعد دخول القاهرة لغرفة العناية المركزة، وفشل معها كل حيل العلاج ومحاولات التدخل الجراحى، لإزالة الأورام والتشوهات من جسدها، نتيجة إصابتها بكل أمراض الشيخوخة، أمر يستحق التقدير وتفهم أهدافه النبيلة.

وبالعودة للتاريخ، يتبين أن مصر غيرت عاصمتها 28 مرة، وتحت مسميات مختلفة، وأن القاهرة لم تكن العاصمة الوحيدة لمصر على مر العصور، وسنرصد بالأدلة التاريخية قائمة بالعواصم المصرية حسب الترتيب الزمنى.

1 - «تنيس» «المنزلة بالدقهلية حاليا» هى أول عاصمة لمصر فى التاريخ.
2 - منف، والتى تأسست مع ظهور الأسرة الأولى واستمرت حتى الأسرة الثامنة.
3 - إهناسيا، ببنى سويف، والتى تأسست فى عهد الأسرتين التاسعة والعاشرة.
4 - طيبة «الأقصر حاليا» والتى تأسست فى عهد الأسرة الحادية عشرة.
5 - لتجتاوى والتى تأسست فى عهد الأسرة الثانية عشرة.
6 - طيبة «من جديد» والتى اتخذتها الأسرة الثالثة عشرة، عاصمة للبلاد
7 - خاسوت «سخا حاليا» فى عهد الأسرة الرابعة عشرة.
8 - أواريس، وهى العاصمة التى أسسها الهكسوس إبان احتلالها مصر فى عهد الأسرة الخامسة عشرة.
9 - طيبة، تعود للمرة الثالثة عاصمة لمصر فى عصر الأسرتين السابعة عشرة وبداية الثامنة عشرة.
10 - تل العمارنة، وهى العاصمة التى أنشأها إخناتون، عندما هاجر من طيبة إلى المنيا، ودعا لديانته الجديدة «أتون رع»
11 - طيبة، للمرة الرابعة تعود لقيادة مصر من جديد فى عهد نهاية الأسرة الثامنة عشرة، واستمرت حتى الأسرة التاسعة عشرة.
12 - تانيس «صان الحجر الحالية» فى عهد الأسرة الحادية والعشرين.
13 - بوباستيس «تل بسطة الحالية» فى عصر الأسرة الثانية والعشرين.
14 - تانيس، فى عصر الأسرة الثالثة والعشرين.
15 - سايس «صا الحجر حاليا» عاصمة مصر فى عهد الأسرة الرابعة والعشرين.
16 - نباتا ومنف عاصمتا مصر فى عهد الأسرة الخامسة والعشرين.
17 - سايس، فى عصر الأسرة السادسة والعشرين.
18 - فارسية، عاصمة مصر فى عصر الأسرة السابعة والعشرين.
19 - سايس عاصمة مصر فى الأسرة الثامنة والعشرين.
20 - منديس «تل الربع الحالية»، فى عصر الأسرة التاسعة والعشرين.
21 - سبينيتوس «سمنود الحالية» فى عصر الأسرة الثلاثين.
22 - ثم عادت فارسية، عاصمة للبلاد من جديد فى عهد الأسرة الحادية والثلاثين.
23 -الإسكندرية فى العصر البطلمى، عندما احتل الإسكندر الأكبر مصر.
24 - الفسطاط فى عام641 ميلادية.
25 - العسكر عام 750 ميلادية.
26 - القطائع فى عام 868 ميلادى.
27 - الفسطاط تعود مرة أخرى فى عام 905 ميلادية.
28 - القاهرة فى عام 969، وحتى الآن.

وهنا نسأل، الذين يعارضون من أجل المعارضة، أو الذين كل ما يشغلهم هو إثبات أن وجهة نظرهم صحيحة، أو القلة التى تتعامل مع الأمور بشيفونية مفرطة، وتكره التغيير، هل نعى دروس التاريخ، وأن فكرة تأسيس عاصمة جديدة ليست بدعة أو إسرافا، فى ظل أن القاهرة صارت مدينة عتيقة لا تصلح لمجابهة المستقبل وثورة الاتصالات المخيفة، والتحولات الاقتصادية السريعة؟

التاريخ أجاب، وأكد أن تأسيس عواصم جديدة، ليس بدعة أو إسرافا، وإنما فى كثير من الأحيان، فقه الضرورة إذا ما علمنا أن القاهرة مر على تأسيسها أكثر من 11 قرنا.