أنامل تغزل من جريد النخيل إبداعا.. أحمد مشهور يبتكر أعمالا فنية فريدة بسقارة.. تعلم المهنة على يد والده فى الـ5 من عمره.. بـ"مجرد" طور المهنة وشكل من الجريد تحفا فنية.. ويعلم الأطفال والسائحين يشاركونه التصنيع

أحمد مشهور يبتكر أعمالا فنية فريدة بسقارة

كتبت – مرام محمد

الثلاثاء، 21 مايو 2024 07:00 م

قادته موهبته الفريدة لأن يجسدها بدقة وحرفية متناهية في أعمال فنية غاية في الروعة والجمال، تميز بالخروج عن المألوف في إبداعات تتخذ طابعًا مميزًا وتخطف الأنظار إليها من الوهلة الأولى، فبأدوات بدائية بسيطة متوارثة تحول بين يديه جريد النخيل إلى شيء طيع يشكله كيفما يشاء إلى تحف وأنتيكات تبوح بالأصالة والحداثة في آن واحد، ببساطة وتلقائية.

أحمد مشهور

أراد أحمد مشهور، 26 عامًا، حاصل على ليسانس لغة عربية تاريخ وحضارة، أن يحافظ على مهنة والده وأجداده، التي ارتبطوا بها منذ قديم الأزل وعاشت دائمًا في تراثهم ووجدانهم وارتبطت بإبداعهم وفنونهم، بفكر وثقافة جديدة تمنعها من الزوال وتعيد الروح إليها وتقودها لمواكبة الحداثة والتطوير، وذلك بمشغولات يدوية تعبر عن الإبداع والمهارة كما تعكس ذوقًا رفيعًا وموهبة حقيقية.

تحف من جريد النخيل

وعن بداياته في المهنة، قال "أحمد" ابن قرية سقارة بمحافظة الجيزة، إنه يصمم منتجات من خامات طبيعية صديقة للبيئة، مستهدفًا جريد النخيل، الذي تربى على صناعاته منذ طفولته، مشيرًا إلى أنه نشأ منذ أن كان في الخامسة من عمره على صوت خشبة و"لقط" والده وهو يصنع منتجات الجريد من الكراسي والمناضد والطاولات وغيرها من الأثاث المنزلي بأعلى درجة من الحرفية والإتقان، لافتًا إلى أن والده كان مختلفًا ومميزًا في أعماله، ففي الوقت الذي كان فيه من حولهم بالقرية يصنعون أقفاص الخضروات والفاكهة من الجريد، كان والده يصنع كراسي وطاولات وأسرة.

أحمد مشهور يبتكر أعمالا فنية فريدة بسقارة

وأضاف أنه شرب المهنة وأتقنها وتعلم أساسياتها من والده، ومع مرور الوقت أصبح شغله الشاغل تطوير أعماله ومنتجاته لتواكب الموضة ومتطلبات السوق، موضحًا خلال حديثه لـ"اليوم السابع" أنه كان يصنع في البداية ما يصنعه ممن حوله من منتجات تقليدية لطالما عرف الجريد بها، إلى أن بدأ يطور من أعماله بفكر وثقافة جديدة، حتى لا تقتصر منتجات الجريد على أقفاص الخضروات والفاكهة والأثاث المنزلي في شكله التقليدي المعتاد، وتصنيع منتجات بحرفية أعلى وجودة أفضل وتصميم وشكل أكثر جاذبية.

أنتيكات من الجريد

وأشار إلى أن الجريد من الخامات التي يصعب تشكيلها وتطويعها، خاصة وأنه يعتمد في عمله على أدوات محدودة، مجرد للتقطيع، ومسمار لتحديد المسافات بين الثقوب، و"لقط" للتثقيب، لافتًا إلى أنه عمل على تطويع جريد النخيل لتصنيع منتجات ذات أشكال وتصميمات مميزة وجودة عالية تختلف عما قدمه العاملون بالمهنة، وتشكيلها في صورة منتجات ذات تصميمات جميلة وجذابة وتحف وأنتيكات تواكب الحداثة والتطوير وقابلة للاستعمال والعرض في آن واحد، معتمدًا على خامة الجريد وأدوات المهنة البسيطة من مجرد ولقط وخشبة ومسمار علام.

تحف وأنتيكات من جريد النخيل

وقال إنه حافظ على أساسيات المهنة ومراحلها من تقطيع وتثقيب و"تعشيق" أعواد الجريد مع بعضها البعض وأدواتها التقليدية البسيطة والخامة الوحيدة المستخدمة فيها وهي الجريد، مغيرًا فقط من الأفكار وأسلوب التصنيع لتطويع الجريد في إنتاج تحف وأنتيكات متعددة الأشكال والتصميمات وتناسب كل الأذواق، مستشهدًا بعدد من الأعمال الفنية والنماذج المصغرة التي أنتجها بتصاميم مختلفة تضاهي المنتجات الخشبية، منها منزل، ومركب، وكراسي وطاولات مصغرة مختلفة الشكل والتصميم، ووحدات إضاءة، وميني بار، ودولاب، وسرير، وروف، وبرجولة، وأرابيسك، مؤكدًا: "أي منتج بيتعمل من خامة تانية أنا بعمله من الجريد".

تحف مصنوعة من جريد النخيل

وأشار إلى أنه بجانب عمله، حرص على تعليم الحرفة لأطفال كثر وتعريفهم بها كفن يستطيعون من خلاله تصنيع ما يحلو لهم من أشكال وتصميمات؛ للحفاظ على بقاء المهنة ومنع زوالها بعد تراجع عدد العاملين بها، وبدأ أيضًا في كتابة منهج علمي عن مهنة تصنيع منتجات الجريد، لإحيائها والتوسع فيها وضمان تناقلها جيلًا بعد جيل، وأيضًا دعم العاملين بالصناعات الحرفية والتراثية والفنية بما ينعكس على تطوير منتجاتهم ونشرها بصورة أكبر محليًا وعالميًا.

أحمد مشهور يعلم الأطفال خطوات تصنيع منتجات الجريد

وقال إنه يعرض منتجاته بشكل دائم في معارض وقرى سياحية لتعريف السائحين بحرفته وحرفة أبناء قريته، إذ وصلت منتجاته إلى دول كثيرة، منها السعودية، والإمارات، والبحرين، والأردن، وإيطالها، وفرنسا، مشيرًا إلى أن السائحين دومًا ما ينبهرون، خلال زيارتهم لقرية سقارة، بمنتجات الجريد، ويسألون عن طريقة وخطوات التصنيع، ويندهشون من كيفية تطويع الجريد بأدوات بسيطة وتصنيع أثاث منزلي عالي الجودة قابل للاستعمال وتحف فنية جميلة، ويحرصون بحب وشغف على مشاركتهم التصنيع، واقتناء ما يحلو لهم من منتجات.