دبلوماسية استثمار الأزمة.. مصر عززت ثوابت فلسطين من رحم العدوان على غزة.. الاعتراف الثلاثى بالدولة امتداد لـ"ثلاثيات" القاهرة خلال 10 سنوات.. والقضاء الدولى آلية تعزيز الشرعية وإعادة الاتزان لنظام عالمى مختل

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي
كتب ـ بيشوى رمزى

جهود كبيرة بذلتها الدولة المصرية خلال الأشهر الماضية، وتحديدا منذ بدء العدوان على غزة، لتقويض محاولات الاحتلال الإسرائيلي، للفصل بين القطاع، والقضية الفلسطينية، وهي المحاولات التي اتخذت مسارا ميدانيا، عبر الترويج لفكرة غزل القطاع عن الضفة الغربية، بينما اتخذت مسارا آخر فكريا، عبر التركيز على التهديد الذي تمثله الفصائل القاطنة به، على أمن الدولة العبرية، مما يلفت أنظار المجتمع الدولي، عن حقيقة المخطط الذي تتبناه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والقائم في الأساس على تصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على أي أمل من شأنه تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، والذي يمثل في جوهره الأساس لحل الدولتين، وبالتالي الشرعية الدولية.


وبالنظر إلى الرؤية المصرية، للأزمة في غزة، نجد أن ثمة ارتباط عميق بين ما شهده القطاع خلال الأشهر الماضية، ومستقبل فلسطين، وهو ما بدا في الخطاب الذي تبنته القاهرة، منذ القمة التي عقدت على أراضيها في أكتوبر الماضي، والتي شهدت توافقا عابرا للثقافات والأقاليم، حول ثوابت القضية، جنبا إلى جنب مع التعاطي مع الأوضاع في القطاع، عبر الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتمرير المساعدات الإنسانية، والتوقف عن استهداف المدنيين ومنشآتهم وغيرها.


إلا أن الجهود المصرية ربما لم تتوقف على مجرد تعزيز الثوابت الفلسطينية عبر خطابات عصماء، أو أحاديث مفرغة متكررة، وإنما صاحبتها خطوات عملية، ارتكزت على التنسيق مع مختلف الأطراف المؤثرة في المعادلة الدولية، من أجل تعزيز حقوق الفلسطينيين، وهو ما بدا في العديد من المشاهد، ربما أبرزها الظفر باعتراف المجتمع الدولي بدولة فلسطين، وهو الأمر الذي استجابت له قوى أوروبية مؤثرة مؤخرا، وهي إسبانيا، والنرويج وأيرلندا، بينما حصلت على تعهدات مماثلة من دول أخرى، على غرار بلجيكا، وهو الأمر الذي لعبت فيه مصر دورا مؤثرا، ويكفينا التركيز في هذا المقام، على أن الإعلان عن مناقشة الأمر من قبل رئيسي وزراء بلجيكا أليكسندر دي كرو، وإسبانيا بيدرو سانشيز، كان خلال زيارتهما للقاهرة، وهو ما يعكس الدور المحوري الذي لعبته مصر في هذا الإطار.


والحديث عن الإعلان عن نية إسبانيا وبلجيكا الاعتراف بدولة فلسطين من أرض مصر، يمثل امتدادا صريحا لحالة من الجماعية، في إطار ثلاثي (مصر وإسبانيا وبلجيكا)، وهو ما يمثل امتدادا لـ"الثلاثيات"، التي سبق وأن دشنتها القاهرة، في العديد من المراحل خلال السنوات العشر الماضية، منها ثلاثيتها مع اليونان وقبرص، وكذلك مع الأردن والعراق، وغيرهما، حيث كان لكل منهم أثرا كبيرا على مستقبل المنطقة، في ضوء حالة من التعاون الإقليمي التي من شأنها تحقيق المصالح المشتركة، ثم  تكرر المشهد الثلاثي بعد ذلك، إثر الإعلان المشترك بين الدول الثلاثة سالفة الذكر (إسبانيا والنرويج وأيرلندا) الأربعاء الماضي، وهو ما يعكس حالة من التحرك الجماعي، الذي يهدف إلى تحقيق قدر من التوازن الدولي، في لحظة باتت فيها الحالة العالمية، في إطارها الأحادي، تعاني من الاختلال، وهو ما بدا في العجز الكبير عن الانتصار للشرعية الدولية، طيلة عقود طويلة من الزمن، بينما تجلى الأمر ببهاء في الأزمة الراهنة، إثر استخدام الفيتو لأكثر من مرة من قبل الولايات المتحدة ضد حقوق الفلسطينيين المشروعة.


الجانب الآخر فيما يتعلق بتعزيز الثوابت الفلسطينية، يتجسد في إيجاد آليات بديلة، أو بالأحرى مساعدة، من شأنها تعزيز الشرعية الدولية، وهو ما بدا في اللجوء إلى القضاء الدولي، وهو ما يبدو في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يمثل محاولة دولية أخرى، في تحريك المياه التي ركدت بسبب التعنت الإسرائيلي والانحياز الأمريكي في مجلس الأمن مما يساهم في فرض المزيد من الضغوط على الدولة العبرية للخضوع إلى الإرادة الدولية عبر آليات أخرى، تهدف في جوهرها إلى تحقيق إصلاح المنظومة الدولية وإعادة الاتزان لها.


ولعل الدور المصري في هذا الإطار يتجلى في مسارات ثلاثة متوازية، أولها عودتها إلى عمقها الإفريقي، خلال السنوات الماضية بعد فترة طويلة من الانعزال، ليصبح الموقف الذي تتبناه تجاه القضية محلا للدعم من قبل شركائها الأفارقة، مما دفعهم إلى التحرك عمليا، بعيدا عن لغة الخطاب المعتادة، بينما يبقى المسار الآخر متمثلا في مرافعتها التاريخية أمام المحكمة، ثم انضمامها للدعوى، في حين كان المسار الثالث متمثلا في كونها أول من دعا إلى تفعيل مبدأ المحاسبة، تجاه الانتهاكات الإسرائيلية من خلال كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام القمة العربية الإسلامية في الرياض في نوفمبر الماضي، وهو ما ترجمته بعد ذلك مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، باستصدار أمر باعتقال نتنياهو وعدد من أعضاء حكومته بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.


وهنا يمكن القول بأن الدولة المصرية تحركت نحو تعزيز ثوابت فلسطين، عبر خطوات عملية من شأنها تعزيز الشرعية الدولية والانتصار لحقوق الفلسطينيين، وهو ما ترجمته المواقف التي تبنتها دول موالية للمعسكر الغربي، والمعروف بانحيازه لإسرائيل، وتمثل انتصارا مهما للقضية، ربما أحدثها الاعتراف الثلاثي بالدولة الفلسطينية، والذي يمثل انتصارا للتاريخ، بينما يعكس في الوقت نفسه نجاحا منقطع النظير في استثمار أزمة غزة لقطع خطوات واسعة نحو الحق التاريخي، الذي سعى العالم إلى طمسه لعقود طويلة من الزمن.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تامر حسنى يجدد تعاونه مع الشاعر محمد سليم فى أغنيتين جديدتين

تريزيجيه يبحث عن النهاية السعيدة مع الريان في نهائي كأس أمير قطر اليوم

مروان كنفانى حارس الأهلى الأسبق يحتفل بعيد ميلاده الـ87 اليوم

ترك زوجته تتسول 12 سنة واكتنز آلاف الجنيهات واشتري شقتين وأرض وفضحته الصدفة

الطقس اليوم السبت 24 - 5 - 2025.. موجة شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء


سيراميكا يواصل الزحف نحو المركز الرابع بالدورى أمام حرس الحدود.. اليوم

أوبرا كارمن تنهى عروضها على المسرح الكبير بدار الأوبرا الاثنين

سياح العالم يستمتعون بالبالون الطائر وسفارى الخيول بين معابد الأقصر.. صور

مشهد ولا فى الخيال.. موسم هجرة الطيور يرسم لوحات الطبيعة بالبحر الأحمر.. آلاف من طائر اللقلق الأبيض يزينون الشواطئ.. أحد أكبر الطيور الأوروبية يظهر بمرسى علم ويضع أعشاشه على الجزر.. والمحميات تأمن مسارها.. صور

بيراميدز يبحث عن التاريخ اليوم أمام صن داونز بنهائي دوري أبطال أفريقيا


ميلان يستضيف مونزا في الجولة الأخيرة من الدوري الإيطالي

مواعيد قطارات "القاهرة - الإسكندرية" والعكس اليوم السبت 24 - 5 - 2025

هزة أرضية بقوة 3 ريختر فى جزيرة كريت

رحلة بلا عودة.. تفاصيل اللحظات الأخيرة لغطاسى ميناء السخنة فى السويس

مسلم يستعد لطرح "بدارى" فى الصيف.. أول تعاون يجمعه بـ زياد ياسر

باقٍ 28 يومًا.. موعد الانقلاب الصيفى وبداية فصل الصيف رسميًا

امتحانات الثانوية 2025.. 320 مجموع المواد للنظام الجديد و410 درجات للقديم

نابولي يتوج رسميا بلقب الدورى الإيطالى للمرة الرابعة تاريخيا.. فيديو

هتقفل المادة.. نموذج استرشادى فى الفلسفة والمنطق لطلاب الثانوية العامة 2025

رأى طبى وراء انضمام عبد الله السعيد لقائمة الزمالك فى مواجهة بتروجت

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى