مقتل عثمان بن عفان.. طه حسين يذكر حديثه مع أصحابه حول "الفتنة الكبرى"

الفتنة الكبرى
الفتنة الكبرى
عبد الرحمن حبيب

تحل اليوم ذكرى استشهاد عثمان بن عفان رضى الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين في بيته وقد جاء في كتاب الفتنة الكبرى لطه حسين أن عثمان بن عفان رضى الله عنه تحدَّث إلى أصحابه بأنه مقتول من ذلك اليوم. فلما قال له أصحابه: يكفيك الله عدوَّك يا أمير المؤمنين، قال: لولا أن تقولوا تمنى عثمان لحدثتكم حديثًا عجيبًا. قالوا: فإنا لا نقول ذلك. قال: إني رأيت رسول الله ﷺ ومعه أبو بكر وعمر، فقال لي: «أفطر عندنا الليلة يا عثمان.»

ومضى عثمان بعد ذلك في حديثه مع أصحابه فقال لهم فيما قال: لِمَ يقتلونني؟ وقد سمعت رسول الله، ﷺ، يقول: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنا بعد إحصانه، أو قتل نفسًا بغير نفس.» فوالله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا تمنيت أن لي بديني بدلًا منذ هداني الله، ولا قتلت نفسًا، ففيم يقتلونني؟ ثم مضى في الحديث مع أصحابه فقال: لئن قتلوني لم يصلُّوا بعدي جميعًا أبدًا، ولم يقاتلوا عدوًّا جميعًا أبدًا. ثم مضى بعد ذلك في حديثه مع أصحابه ينهاهم عن القتل والقتال وهو يلحون عليه في قتالهم، فقال: إن رسول الله، ﷺ، قد عهد إليَّ عهدًا فأنا صابر على العهد الذي عهده إليَّ حتى أُصْرَعَ في المصرع الذي كتب عليَّ أن أُصْرَعَ فيه. وظل كذلك يتنقل مع أصحابه بين هذه الأحاديث حتى أقبلوا عليه فقتلوه.

والناس يختلفون فيه وفي قاتليه أشد الاختلاف وأعظمه. ولكن الشيء الذي لا يقبل شكًّا ولا نزاعًا، أن الله لم يحلَّ دم عثمان لقاتليه. فقد يكون مخطئًا في سياسته وقد يكون مصيبًا، وقد يكون أصحابه قد جاروا عن علم أو عن غير علم. فأقصى ما يباح للمنكرين عليه والمخاصمين له، أن يثوروا به ويحملوا الأمة على هذه الثورة؛ فإن ظفروا باجتماع الكلمة على خصومته اختاروا من المسلمين ممثلين للأمصار والأقاليم، وكان على هؤلاء الممثلين أن يحاوروا عثمان ويناظروه، وأن يقولوا له ويسمعوا منه؛ فإن رأوا إقراره أقروه، وإن رأوا خلعه خلعوه ثم اختاروا للمسلمين إمامًا مكانه، ثم تركوا للإمام محاسبة عثمان على ما يمكن أن يكون لهم قبله من الأموال والدماء. فأما أن ينتدب الثائرون ولم يوكلهم المسلمون عنهم فيخلعوا الإمام، فلم يكن ذلك لهم. فكيف وهم لم يخلعوه، وإنما سفكوا دمه، وكان دمه حرامًا كدم المؤمنين جميعًا، وكانت لدمه بعد ذلك حرمة أخرى هي حرمة الخلافة؟

والناس يعتذرون عن هؤلاء الثائرين معاذير كثيرة، يقولون: إنهم لم يكونوا يستطيعون خلعه خوفًا من عماله في مصر والشام والعراق، ولم يكونوا يستطيعون الانتظار به خوفًا من هؤلاء العمال، ولو لم يقتلوه لقتلهم هو أو لقتلهم عماله. ولكن كل هذه المعاذير لا تبيح لهم أن يسفكوا دمًا حرَّمه الله، وأن يستبيحوا سلطان الخلافة على هذا النحو.

ولعل العذر الوحيد الذي ينهض لهم كما ينهض لعثمان وينهض للذين اختصموا بعدهم في هذه القضية فسفكوا دماءهم بأيديهم وأباحوا من النفوس والأموال ما حرَّم الله، هو أن ظروف الحياة كانت أقوى منهم جميعًا. وأن الله قد كتب عليهم أن يفتنهم في دينهم ودنياهم هذه الفتنة الكبرى التي فسرها عليٌّ لأهل الكوفة أحسن تفسير حين قال: «استأثر عثمان فأساء الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع".

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الزمالك يتمم الاتفاق مع عبد الناصر محمد على تولى مهمة مدير الكرة

كلوب ناعيا جوتا: لحظة أعانى فيها وأشعر بحزن عميق

منة عدلى القيعى أول شاعرة فى تاريخ ألبومات عمرو دياب

طبيب الأهلى: مروان عطية يحصل على راحة أسبوع ويغادر المستشفى غدا

قرار جمهورى بتعيين أحمد سعد الشاذلي مستشاراً لرئيس الجمهورية للشئون المالية


استشهاد 3 أسرى محررين مبعدين إلى قطاع غزة بينهم مقدسى

كريم محمود عبد العزيز: تجربة مملكة الحرير مختلفة والتعاون مع بيتر ميمى ممتع

مصرع عبد الرحمن فيصل لاعب نادى الشمس فى حادث سير

فيديو يرصد اللحظات الأولى فى حادث وفاة جوتا نجم ليفربول

قراءة مبسطة بـ قانون الإيجار القديم بعد التعديلات الجديدة.. إجابات واضحة لأسئلة المستأجرين والملاك.. معرفة القيمة ومصير العقود القديمة والموقف الكامل للمؤجر بعد 1996.. وحالات الإخلاء والبدائل المتاحة


وفاة جوتا.. كريستيانو رونالدو فى رسالة مؤثرة: أمر لا يصدق

"احترقت بالكامل".. شاهد سيارة جوتا لاعب ليفربول بعد حادث وفاته

فيلم أحمد وأحمد يحصد أمس 2.7 مليون جنيه فى أول أيامه بالسينمات

شاهد آخر هدف لـ جوتا مع ليفربول قبل رحيله فى حادث مروع

وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بشركة كهرباء بمرتبات تصل إلى 13 ألف جنيه

بدء التحقيقات مع سائق التريلا المتسبب فى دهس 7 سيارات على دائرى المعادى

قانون الإيجار القديم لا يقترب من عقود 1996.. العقد شريعة المتعاقدين

عميد معهد القلب الأسبق يفسر أسباب وفاة المطرب أحمد عامر

حالات تستوجب الإخلاء الإجبارى للوحدة السكنية بقانون الإيجار القديم

نانت يعاقب مصطفى محمد بالبيع بعد رفض دعم المثلية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى