التفاؤل والأمل وبلوغ الغاية

 أ.د/ مها عبد القادر
أ.د/ مها عبد القادر
بقلم أ.د/ مها عبد القادر

في خضم تحدياتٍ نمر بها وأزماتٍ نعيش تباعاتها وصراعاتٍ نتجرع أثارها، بات التفاؤل والأمل سبيلًا للخروج من حالةٍ قد تغرس في النفس سلبياتٍ وإحباطاتٍ متتاليةٍ؛ فيصبح سلوكنا على غير المعتاد والمأمول والمرام، وتصير مجريات الحياة ضاغطةً أكثر مما نتوقع، ونستشعر أن ما خططنا له وما نأمله بعيد المنال في ظل هذا الزخم والتخبط والترهل في أمور وشئون الحياة وأحداثها المتتابعة.

ومن ثم أضحى التفاؤل سفينة النجاة التي تضمن بقاء الهمة والعزيمة حيال ما نؤديه من أعمالٍ وما ندشن له من مسارات الأمل بخططٍ مستقبليةٍ نرسم بها سياج الأحلام ونرى من خلالها أفكارًا متجددةً وأخرى تلوح في الأفق تسهم في تغيير الواقع للأفضل، وتفرض حالةً من استقرار الذهن وصفاء النفس؛ لنستطيع أن نكمل مسيرة التقدم والنهضة التي ننشدها.

ولا نبالغ إذا ما قلنا إن التفاؤل يسهم في تقدم دول وتغير حالتها الراكدة إلى حالةٍ من النشاط المعقود بالإيجابية والعمل فيما يتوافر لديها من موارد وثروة مادية وبشرية؛ حيث إن الإرادة تقوم على هذه القيمة التي تسمو بالنفس وتحث الوجدان على أن يحفز السلوك في الاتجاه المرغوب فيه؛ فنرصد نتاجًا مثمرًا يساعد في الشعور بالارتياح ويحث على مزيدٍ من الجهد والعطاء والعمل الجاد.

ووشائج الاتصال بين التفاؤل وبلوغ الغاية والأهداف قويةٌ، بل لا تنفصل عن بعضها البعض؛ فنرى أنه يصعب أن نحقق ما نطمح ونصبوا إليه في وجود حالةٍ من الإحباط والشعور بعدم الجدوى، والسلبية، والاكتئاب، والفتور؛ حيث إن غياب الدافع وفتور العزيمة وضعف الهمة لا يساعد في الخروج بنتائجٍ نأملها أو نرجوها، ولكن في وجود مناخٍ داعمٍ نرصده في جنبات التفاؤل والأمل أصبح النجاح وبلوغ الغاية وتحقيق الأهداف سهل المنال.

ودعونا نؤكد أن التفاؤل في غياب مقومات ما ننشده يجعلنا نعيش حالةً من التيه؛ فينبغي ألا يكون هناك فجوةٌ بين ما نتطلع إليه وما يلزم من أجل تحقيقه؛ فالأمر قائمٌ في مجمله على معطياتٍ وإمكانياتٍ متاحةٍ تساعدنا في القيام بإجراءاتٍ تنفيذيةٍ يسبقها بالطبع تخطيطٌ جيدٌ مدروسٌ يقوم على الفكر الاستراتيجي المشفوع بأملٍ وطموحٍ؛ لنضمن أن تتم العمليات وتحقيق الأهداف في إطارها الطبيعي.

وإذا ما أسقطنا حديثنا على حالة الفرد ومقدرته على العطاء بصورةٍ مستدامةٍ؛ فإننا ندرك بأن طاقته الحيوية تستمد من مسارٍ يقوم على نظرته التفاؤلية ومقدرته الحقيقية التي يترجمها أداؤه الملاحظ في الميدان، ومن ثم فإن معدل ارتفاعها وانخفاضها يقوم على مقوماتٍ التفاؤل لديه؛ لذا يتوجب علينا أن نقدم له كل ما يعضد صورة تلكما القيمة النبيلة لديه؛ ليصبح فاعلًا نشطًا يسعى دوما إلى تحقيق أهدافه وغاياته وغايات وطنه الآنية منها والمستقبلية.

والإنسان منا في أشد الاحتياج لما يسميه المتخصصون دافعية الوجدان، ونطلق عليه نحن التفاؤل؛ لأنه مسببٌ رئيسٌ في تنمية الرغبة لبذل مزيدٍ من الجهد؛ إذا تستطيع أن تؤدي كافة أعضاء الجسم مهامها بكفاءةٍ عاليةٍ؛ فيشعر الفرد بأنه في احتياجٍ لأن يمارس أعمالًا مفيدةً، وتتوالد لديه رغبة المواصلة كي يحقق ما خطط له، ويتجدد لديه الأمر بصفةٍ مستمرةٍ يومًا بعد يومٍ بعيدًا عن الروتين، وهذا مرتبط بالجانبين النفسي والبدني على السواء.

وثمت أمرٌ غايةٌ في الأهمية ينبغي الإشارة إليه بشأن قيمة التفاؤل في حياة بني البشر؛ حيث تبدو أطر التواصل مرتبطة بشكلٍ وثيقٍ بتوافرها؛ فلا تتوافر رغبة التآلف والتعارف والتشارك والتعاون إلا في وجودها، ولا تنمو المحبة والوداد إلا بتوافرها؛ لذا فحالة السعادة باتت مرهونةً بشيوع التفاؤل بين المجتمعات على مستواها المصغر أو كيانها الكبير.

والواقع المشاهد يؤكد أن الشخص المتفائل يحظى باجتماعياتٍ غير مسبوقةٍ، ويمكنه أن يزين بمزيدٍ من أطروحات الأمل في التعامل مع الآخرين بما يشعرهم بالارتياح ويدخل في نفوسهم البهجة، ومن ثم يسعد الفرد والآخرين بحاضرٍ يعيشونه ومستقبلٍ مشرقٍ يتطلعون إليه، ناهيك عن ماضٍ لا يندمون فواته، بل يأخذون منه الدرس والعبرة.

ولابد أن نؤمن بأن خلف كل نهايةٍ بدايةٌ مختلفةٌ، وخلف كل ليلٍ فجرٌ جميلٌ، وشروقٌ رائعٌ، ووراء كل شيءٍ خيرٌ ولطفٌ خفي، ولكل شيءٍ توقيته المناسب، ولندرك أن كل ما يحدث لحكمةٍ ولنتذكّر أنه بجوار العمل الجاد ومسيرة الحياة الصاخبة، سنحتاج أن نخالط من يذكّرنا بأهدافنا دائمًا ويدعمنا، لتحقيق أحلامنا، ولنتذكر أن اللجوء إلى الله هو الأمان في فوضى هذه الحياة والملجأ لهدوء النفس وسمو الروح.


 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

رقم قياسي لـ مصر في حضور الجماهير بمونديال ناشئي اليد رغم وداع البطولة.. صور

دبلوماسى أمريكى: إيران تبحث عن حلول طويلة الأمد لتفادى أى مواجهات عسكرية مستقبلية

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى


بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور

متظاهرون يغلقون شارع أيالون الرئيسى قرب تل أبيب للمطالبة بإعادة الرهائن

خطوات جديدة بعملية إعادة التوازن البيئى لبحيرة قارون.. إنزال كميات من يرقات الجمبرى.. تزويد البحيرة بـ 5 ملايين وحدة جمبري.. والتحسن النسبي في مياه البحيرة ساهم في النمو السريع لليرقات في الموسم الماضى.. صور

ترامب عن لقاء بوتين فى ألاسكا: العقوبات جاهزة إذا لم نصل لنتيجة

ماك أليستر يصف محمد صلاح بـ"الوحش": أفضل محترف رأيته في حياتي


طقس شديد الحرارة غدا ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 درجة وأسوان 49

الأهلي يعلن ضم نوران خالد في صفوف اليد قادمة من سبورتنج

بعد حكم إعدامه.. سيناريوهات تنتظر قاتل مالك قهوة أسوان أمام محكمة الاستنئاف

ترتيب هدافي الدوري المصري قبل انطلاق الجولة الثانية.. دغموم متصدرا

ضربة لحيتان المقاولين.. إزالة 6 أبراج مخالفة فى منطقة اللبينى بالهرم.. صور

ترتيب الدورى المصرى قبل انطلاق الجولة الثانية.. المصرى في الصدارة

كريم فؤاد يقترب من قيادة الجبهة اليسرى للأهلي أمام فاركو وعودة شكري للدكة

أبطال خارقين.. صحف العالم تتحدث عن تتويج باريس سان جيرمان بالسوبر الأوروبى

حملات أمنية لضبط 363 قضية مخدرات وتنفيذ 85114 حكما قضائيا متنوعا

راغب علامة لـ اليوم السابع: أتمنى يجمعنى حفل غنائى واحد مع عمرو دياب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى