ضحايا حجاج الزيارة.. المسئولية والمواجهة

مها عبد القادر
مها عبد القادر
بقلم مها عبد القادر

هناك العديد من الطرائق والأساليب المشروعة والمقننة التي نحارب بها من يستغل الإنسان بأي صورةٍ كانت وتحت أي ظرفٍ من الظروف وبأي حيلةٍ، وأولى الآليات الرئيسة لمنع الاستغلال يقع على عاتق الحكومات والجهات التنفيذية، وثانيها يؤسس على الوعي الصحيح تجاه القضية محل الاستغلال، وثالثها تفعيل ماهية القيم التي تتسق مع صحيح العقيدة وممارساتها السليمة؛ حيث إن المستغل دومًا ما يلعب على وجدان الآخرين ويوهمهم بالرعاية الشاملة والمتكاملة، التي لن تحدث ولا تمت للواقع بصلةٍ، وهذا مكمن الخطورة التي يتوجب الكشف عنها.

إن ما حدث بموسم الحج هذا العام يُعد جريمةً متكاملة الأركان بكل ما تحمل الكلمة من معني، اتجاه أشخاصٍ أرادوا تأدية الفريضة بموجب وعودٍ كاذبةٍ وممارساتٍ غير سليمةٍ ومن ثم تعرضوا للإهمال والهلكة في صورتها المحزنة لكل من طالع المشهد ورأى بعض تفاصيله واستمع لمفرداته؛ فلا إجراءاتٌ وقائيةٌ، ولا أدوارٌ حقيقية من شأنها أن تحافظ على أرواح الناس وتنظم تحركاتهم وتقدم لهم الإعانة والمعونة حال الاحتياج إليها، وانتفاء هذا في حد ذاته يتنافى مع معايير الإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.


والسؤال المشروع في ضوء هذا الحدث الجلل، من المسؤول عما يحدث؟، وما الضمانة التي تمنع تكرار ما حدث؟، وهنا نشير إلى الأدوار المنوطة بالقائمين على الأمر؛ فمن يسمح بمبدأ السفر بغرض الزيارة في أيام الحج تحديدًا كان لابد أن يدرك نوايا المنظمين لهذا الأمر؛ فهو واضح لا لبس فيه؛ حيث أخذ الوعد باستغلال أيام الزيارة واستكمال مراحل الشعيرة المقدسة؛ فهناك من سهل ويسر الإجراء تحت هذا المسمى.


وهنا نحتاج لوقفةٍ مع النفس لنوقن فداحة الأمر؛ فقد عم الحزن والأسي والفقد العديد من البيوت لا حصر لها جراء هذا الحادث الأليم وتحول العيد لديهم لمأتم، ولا نغالي إذا ما قلنا أنه قد تأثر المصريون لما جرى بالأراضي المقدسة؛ ففرحة عودة الحاج سالمًا من الأراضي المقدسة التي تملئ القلوب سعادة وتغمر الوجدان بهجة، تحولت لأوقاتٍ من الألم والترقب والحزن العميق.


إن حقوق الإنسان التي ندركها جميعًا تؤكد علينا أن نتحرى سلامة الفرد كركنٍ أصيلٍ ومعيارٍ شاملٍ، وأن نوفر له احتياجاته التي تضمن بقاؤه، وتمكنه من ممارسة مهامه بشكل آمنٍ وطبيعيٍ، ووضع عددٍ من التدابير الاحترازية مما يقيه شر النوازل، وعطفًا على موسم الحج الذي تتجمع فيه الملايين من مشارق الأرض ومغاربها ينبغي أن تؤخذ كافة الاحتياطات، بل ويكون هناك خطط للطوارئ التي تواجه بسرعةٍ وبمهارةٍ عاليةٍ لتحقيق ماهية الأمن واستقرار الأمور في صورتها الطبيعية مع حجاج بيت الله الحرام وضيوفه.


وحينما تبث مشاهد من موقع الحدث تدل على صورة الإهمال الجسيم للحجاج الزيارة؛ فإن محاسبة المتسببين باتت واجبةً؛ فلا قيمة للحياة ولشعارات حقوق البشر تحت وطأة الاستغلال والاتجار بهم واستغلال الدين وأداء شعائر الله من أشخاصٍ وشركاتٍ ما رغبوا إلا التربح وجني الأموال التي تعد غير مشروعةٍ في جملتها، مهما بلغت المبررات وتعددت المسببات من قبيل الدفاع بهدف تضليل الآخرين أو طمس الحقيقة.


ودعونا نواجه الأمر بشجاعة؛ فقد أضحت الأسباب بينةً، ومن ثم لا مناص عن الالتزام بالقوانين المنظمة التي تسنها الدول بغرض فرض الحماية عبر تنظيمٍ مدروسٍ يقوم على علمٍ ودرايةٍ، وليس على تكهنٍ وعشوائيةٍ؛ فنحن ندرك أن نجاح تحقيق الغاية يقوم على تخطيط يؤسس على معاييرٍ وضوابطٍ تضمن التنفيذ في مساراته الصحيحة ومن ثم نحقق النتيجة المرتقبة، وفي هذا الإطار الحاكم لا مجال لدغدغة المشاعر بأي طريقةٍ من أجل خرق القواعد والضوابط، وهنا تمثل القوانين المنظمة العمود الفقري التي تضمن سلامة الجميع وضمان وحفظ الحقوق.


وفي ضوء ما تقدم نؤكد على أن تتحمل الجهات المعنية على كافة المستويات والجهات القيام بأدوارها ومسؤولياتها ومنع أيًا كان من انتهاك حقوق الشعب وقيام البعض بإفساد فرحة الشعوب من خلال القضاء علي الممارسات التي تخالف القواعد والقوانين المنظمة، ونشير إلى ما أكدته المؤسسات الدينية العريقة استنادًا على الكتاب والسنة الطاهرة بأن الحج فريضةٌ على ما استطاع إليه سبيلا وامتلك نفقته، وليس هناك ما يدعو للمخاطرة أو المجازفة من أجل نيل الأجر؛ فحماية وصيانة النفس من مقاصد الشريعة ومقدم عما سواه.


حفظ الله بلادنا وشعبنا ورحم الله موتانا وربط الله علي قلوب ذويهم وألهمهم الصبر وعظم أجرهم


 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

جميلة عوض تعوض غيابها عن السينما بـ4 أفلام دفعة واحدة

مصرع 46 شخصا على الأقل وإنقاذ 167 من تحت الأنقاض جراء الفيضانات شمال الهند

انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى السبت 16 أغسطس بالعربى والدين.. وزارة التعليم تكلف الملاحظين وتشكل غرفة عمليات لمتابعة الاختبارات.. وتؤكد: الأسئلة بنفس مواصفة الدور الأول.. وتشدد على مكافحة الغش

ناشئو اليد أمام النرويج فى تحديد مراكز بطولة العالم

كل ما تريد معرفته عن المعهد الشرطى الصحى.. الشروط والمجموع المطلوب للتقديم


الأهلى يبحث عن تصحيح المسار الليلة أمام فاركو بالدوري المصري

الطقس اليوم.. شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 وأسوان 49

تعرف على الفرق بين اختصاصات مجلسى النواب والشيوخ وفقا للقانون

الإمارات تدين تصريحات نتنياهو بشأن "رؤية إسرائيل الكبرى" وتصفها بـ"الاستفزازية"

مجلس الشيوخ المصرى رحلة قرن ونصف من التشريع والحكمة.. من 1829 إلى 2024 ألغاز وحقائق تنكشف.. حكاية 9 ساعات فقط عُمر دورة انعقاد كاملة عام 1925.. تم حله 5 مرات ومازال صامدا.. المجلس رفضته الثورات وأعادته الدولة


حصاد تاريخي من الألقاب لـ فابيان رويز مع باريس سان جيرمان ومنتخب إسبانيا

مصرع صيدلى فى حادث تصادم ملاكى وموتوسيكل بقنا

موعد مباريات اليوم الجمعة 15 -8 -2025 في الدورى المصرى

حبس المتهمين بمطاردة سيارة فتيات على طريق الواحات 4 أيام

الأزهر: المسجد الأقصى لن يكون لقمة سائغة والحق سيعود لأهله والباطل إلى زوال

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

أخبار 24 ساعة.. التعليم: تطبيق أعمال السنة على طلاب الثالث الإعدادى بدءا من 2028

نتائج مباريات اليوم الخميس 14 – 8 - 2025 بالدورى المصرى

كاسيميرو: محمد صلاح الأجدر بالكرة الذهبية 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى