المرح والعتاب .. ما قاله نجيب محفوظ في أصداء السيرة الذاتية

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
أحمد إبراهيم الشريف

كل ما قاله نجيب محفوظ جميل، وبه من الفن ما به، وقراءته لا تصدأ أبدا، دائما متجدد، كأنك تقرأه للمرة الأولى.

ومن أجمل ما قرأت ما قاله في "أصداء السيرة الذاتية".

المرح


نظرَت إليَّ بعينَين باهتتَين ذابلتَين. النظرة تشكو مُرَّ الشكوى، وتُريد أن تبوح، ولكن اللسان عاجز.
كنت أعودها والحجرة خالية.
الجلد متهرِّئ، والعظام بارزة، والأركان تفوح منها رائحة الموت.
یا صاحبة المداعبات التي لا تُنسى.
طفولتي عامرة بمداعباتك اللطيفة.
لم يكن يَعيبك إلا الإغراق في المرح.
أي نعم … الإغراق في المرح.

رسالة

وردة جافة مبعثرة الأوراق عثرتُ عليها وراء صفٍّ من الكتب وأنا أُعيد ترتيب مكتبتي.
ابتسمت. انحسرَت غيابات الماضي السحيق عن نور عابر.
وأفلتَ من قبضة الزمن حنين عاش دقائق خمسًا.
وندَّ عن الأوراق الجافة عبير كالهمس.
وتذكَّرتُ قول الصديق الحكيم: «قسوة الذاكرة تنجلي في التذكُّر كما تنجلي في النسيان.»
عتاب
هِمت على وجهي حاملًا طعنة الغدر بين أضلعي.
وقال الصديق الحكيم: «لستَ أول من كابد الهجران.»
فسألته: أليس للشيخوخة مقام؟
فقال: «غِرٌّ من يعشق قصةً مُعادةً قديمة.»
ووقفتُ تحت شجرة الكافور أرنو من بعيد إلى الملهى.
وهي تجلس وسط الشرفة يَشع منها نور الإغراء المبين.
لا يدركها كبر، ولا يمسها انحلال.
وتتخطاني بنظرة لا مبالية فليس لقرارها تبدیل، بل وسوف أرجع وحيدًا كما بدأت.

التلقين

جلستُ فوق السرادق أنتظر تشييع الجنازة.
خيمَت فوقنا ذكريات ذلك العهد القديم.
وجاء رجال ذلك العهد يسيرون رجلًا وراء رجل. كانت الأرض تزلزل لأي منهم إذا خطا.
اليوم هم شيوخ ضائعون لا يذكرهم أحد.
وجاء خلفاؤهم تنحني الأرض تحت وطأة أقدامهم. تقول نظراتهم الثابتة إنهم ملكوا الأرض والزمن.
أخيرًا، هلَّ النعش فوق الأعناق فتخطَّى الجميع وذهب.
الوظيفة المرموقة
أخيرًا مثلت بين يدَي مدير مكتبه. وصلت بفضل اجتهاد مضنٍ وشفاعة الوجهاء المكرمين.
ألقى نظرةً أخيرةً على التوصيات التي قدَّمتُها، ثم قال: لشفعائك تقدير وأي تقدير، ولكن الاختبار هنا يتم بناءً على الحق وحده.
فقلتُ برجاء: إني على أتم استعداد للاختبار.
– أرجو لك التوفيق.
فسألتُه بلهفة: متی نُدعى للامتحان؟
فتجاهل سؤالي وسألني: ولماذا هذه الوظيفة بالذات على ما تتطلَّبه من جهد خارق؟
فقلتُ بإخلاص: إنه الحب، ولا شيء سواه.
فابتسم ولم يُعلِّق.
ورجعتُ وأنا أتذكَّر قول صديقي الحكيم: «من ملك الحياة والإرادة؛ فقد ملك كل شيء، وأفقر حي يملك الحياة والإرادة.»

 

 

Trending Plus

الأكثر قراءة

نابولي ضيفًا على بارما للاقتراب من حسم لقب الدوري الإيطالى

"صفقة" ريفيرو المُرتقبة تمنع عودة أليو ديانج للأهلي فى الصيف

بسبب الأزمة السودانية.. اليونيسف: أكثر من 700 طفل غير مصحوبين بذويهم فى تشاد

وزارة العمل: 5242 فرصة عمل جديدة فى 50 شركة خاصة بـ8 محافظات

مواعيد مباريات اليوم.. أرسنال مع نيوكاسل يونايتد وروما أمام ميلان


بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية ببولندا

روبيو ونتنياهو يبحثان هاتفيا الوضع بغزة وجهود تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين

إعلام إسرائيلى: انتحار 35 جنديا منذ بداية الحرب على غزة حتى نهاية 2024

حطم سيارات بالملايين.. اعرف مصير سائق معرض القطامية بعد إخلاء سبيله

FBI: انفجار عيادة الخصوبة بولاية كاليفورنيا "عمل إرهابى متعمد".. صور


الطقس اليوم.. استمرار الموجة شديدة الحرارة جنوبا وانخفاض تدريجى بهذه المناطق

اليوم.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل فى السعودية بمرتبات تصل لـ11 ألف ريال

بكاء نور الشربينى وفرحة والدها بعد تتويجها ببطولة العالم للاسكواش.. فيديو وصور

موعد مباراة مصر ونيجيريا اليوم لتحديد المركز الثالث بأمم أفريقيا للشباب

بعد 245 يوما من محاكمة المتهمين.. أبرز محطات حادث تصادم قطارى الشرقية

بالصور.. رامي صبري والنجوم يحتفلون بعيد زواج المهندس محمد عطا وسيدة الأعمال فاطمة المهدى

نهضة بركان يقترب من لقب كأس الكونفدرالية بثنائية ضد نادي سيمبا.. فيديو

النحاس: القتال حتى اللحظات الأخيرة أهم سمات الأهلي.. وهذا سبب إشراك معلول

النيابة تُحذر من فوضى المحتوى الكاذب: لا تشارك جريمة.. وبلّغ فورًا على 01229869384

لحظات فارقة أبقت على حظوظ الأهلي في التتويج الدوري.. إنقاذ ياسر وهدف رضا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى