الأخلاق والمسئولية والمساءلة.. قادرون باختلاف أنموذجًا

أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
بقلم أ.د/ عصام محمد عبد القادر

أضحى الاهتمام بجميع فئات أصحاب الهمم، الشاملين لذوي الإعاقة البصرية، والسمعية، والعقلية، والجسدية، والسلوكية، وصعوبات التعلم، ومتعددي الإعاقة، فرض عينٍ، ونسقنا القيمي يولي ويؤكد على رعايتهم دون استثناءٍ؛ لأن ذا الهمة فردٌ ينحرف في قدرةٍ من قدراته عن المستوى العادي؛ بما يجعله في احتياجٍ إلى رعايةٍ خاصةٍ؛ ليُحقق أكبر إفادةٍ ممكنة من قدراته، وقد ترتبط القدرة المنقوصة لديه بالجانب التعليمي، أو الجسمي، أو الاجتماعي، أو العقلي، أو الانفعالي، أو أكثر من جانب؛ نتيجةً لعواملٍ وراثية أو بيئية.

هذا وقد ترجمت القيادة السياسية أخلاقيات التعامل المرتبطة برعاية قادرون باختلاف؛ بتقديم صورٍ من الدعم المتواصل لهذه الفئة لتصبح قادرةً على الإنتاج والعطاء والتحدي تستمد طاقتها من رغباها في الحياة المفعمة بالحيوية عبر أنشطةٍ وممارساتٍ تسمح لهم باستثمار ما لديهم من طاقات تبعث الأمل في وجدانياتهم النقية، وبما يؤكد أن الدولة المصرية تعتنق ثقافة التحضر التي بواسطتها يتم بناء الإنسان وفق ما يمتلك من قدراتٍ وما يحتاج إليه من مقوماتٍ تعليميةٍ أو متطلباتٍ تخص الجانب البدني أو تحقق الاندماج الكلي بين فئات المجتمع النبيل.

إن الأخلاق في جملتها تحض الجميع أن يعامل ويتعامل مع ذوي الهمم بحنو ومحبة ويقدم له جميع أوجه المساعدة والرعايا لتنتقل تلكما المحبة بمعناها العميق في أفئدة القادرون باختلاف؛ فنرى منهم شعورًا فياضًا يؤكد في بيانه وتعبيره ومشهده عن محبةٍ عميقةٍ للوطن الذي يحتضنهم، وللمجتمع الذي يمنحهم الأمان والدفء، وللقيادة السياسية التي قدمت وما زالت تقدم الدعم المستمر لهذه الفئة المستحقة لسبل الرعاية والاهتمام بصورةٍ مستدامةٍ.

وبناءً على ماهية الأخلاق نستطيع أن نترجم بوضوح دلالات الرعاية والمحبة التي يوليها الرئيس لقادرين باختلاف؛ إذ تؤكد على فلسفة الاحتواء لمكونات هذا المجتمع الذي يتحلى بالرحمة، والتواد، والعاطفة الجياشة، وهذا الطابع الخاص لشعبنا العظيم يؤكد على قوة الرابطة بين نسيجه، ويبرهن على أن اكتمال السعادة بالشمول.

إن المسئولية اقتضت من رئيس الجمهورية أن أصدر قرارًا جمهوريًا رقم (11) لسنة 2019م لإنشاء المجلس القومي لذوي الهمم، حرصًا من سيادته على تعزيز وتنمية وحماية ذوي الهمم؛ ولضمان فعاليته ألزم القانون المجلس بتقديم تقرير سنوي- إلى كل من رئيس الجمهورية، ومجلس النواب، ومجلس الوزراء- يضمنه حالة حقوق ذوي الهمم، وكُلف المجلس بوضع استراتيجيةٍ قوميةٍ تنهض بقدرات ذوي الهمم في المجالات المختلفة.

كما استدعت المسئولية أن ألزم نص القانون بشكلٍ صريحٍ لا مراء فيه جميع وزارات وهيئات الدولة بتنفيذ اتفاقيات وخطط وبرامج ومشروعات المجلس القومي لذوي الهمم؛ بالإضافة إلى تمثيل ذوي الهمم في عضوية المحافل، والمؤتمرات، والمنظمات الدولية المعنية بقضاياهم، وكذلك توثيق المعلومات والبيانات والإحصاءات والدراسات والبحوث المتعلقة بشئونهم، وزيادة في حمايتهم يتلقى المجلس الشكاوى والمقترحات الخاصة بهم والعمل الفوري على حلها، ومن ثم تطبيق القانون بحزمٍ على من يعتدي عليهم بالقول أو بالإيحاء أو بالفعل.

وتشير المساءلة إلى أن الرعاية المتكاملة لقادرون باختلاف معني بها الجميع دون استثناءٍ؛ فقد أضحى تلبية احتياجاتهم الآنية والمستقبلية منها أمرًا غير قابلٍ للنقاش أو التأجيل، وفي هذا الخضم تم التأكيد على منحهم الفرص المتكررة والمتوالية والتي يحققون من خلالها ما يطمحون ويحلمون به، والعمل على توفير المناخ الداعم الذي تنطلق عبره المواهب وتتفجر الطاقات الابتكارية في مجالاتها النوعية المختلفة؛ لنعكس ذلك على حياتهم بأوجهها المختلفة.

وتقتضي المساءلة أن تنتهج الدولة المصرية الإجراءات التي تحمي ذوي الهمم؛ فتقديم الدعم لهم لا يعني بحالٍ أن يستغل بصورةٍ غير أخلاقيةٍ أو غير صحيحةٍ أو غير قانونية؛ فهناك السيارات التي يتم استيرادها بغرض خدمتهم؛ لكن غياب الضمير عند القلة أعطت إنذارًا لأن تتخذ الحكومة الإجراءات المشددة لتضمن بها وصول هذا الدعم لمستحقه دون غيره، ممن يتاجرون أو يتربحون أو يستفيدون بغير وجه حقٍ.

ورغم إجراءات الحوكمة التي تتخذ حيال ضبط هذا المنزلق وما به من انحرافاتٍ تم رصدها؛ إلا أننا في حاجةٍ إلى مراجعة وتنمية للوعي تجاه العديد من القضايا المجتمعية؛ فهناك من يمارس الاحتكار وصوره من قبيل ادعاء الذكاء أو ما يسمى بالفهلوة، وهناك من يستغل ويغش دون أدنى وازعٍ أو ضميرٍ يوقفه عن ممارساته غير السوية، وهناك من يدعى الاحتياج وليس لديه العوز أو الفاقة إنما من قبيل التربح والتكسب غير المشروع، وهناك من يتبع سبل الفساد والإفساد لجني أرباح ومكتسبات مادية محرمة، وغير ذلك من الممارسات والسلوكيات التي يصعب ذكرها، ومن ثم استدعى الأمر أن تمارس الجهات المعنية دورها بكل قوة وحزم ليرتدع ويرتد كل مخالفٍ مغرضٍ يستهدف تقديم المصلحة الخاصة على العامة، بل ويستهدف الاستحواذ على حقوق الآخرين دون وجه حق.

ونوقن بأن الأخلاق والمسئولية والمساءلة تعد مقومات الضبط المجتمعي التي تضمن استقراره واستمرارية عطاؤه وفرض العدالة والمساواة بين أفراده، ناهيك عن أن هذا يتعلق بقادرين باختلاف.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

_________
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر


 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

قرار مهم لوزير التربية والتعليم بعد قليل

طرح أغنية "بنطلون جينز" بصوت محمد رحيم بعد 9 أشهر من رحيله

بعد توجيه وزير الأوقاف برعايته الصحية.. قصة إمام مسجد بقنا طعنه لص

الكرملين: لن يتم توقيع أى وثائق عقب قمة بوتين وترامب فى ألاسكا


شوط سلبي بين زد وسيراميكا في الجولة الثانية من الدوري

الرئيس السيسى يصدّق على تعديل بعض أحكام قانون التعليم

الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة

اتحاد السلة يعلن مد فترة قيد الأندية لمدة 24 ساعة إضافية

الأرصاد تحدد موعد انكسار الموجة الحارة وتحذر من أمطار رعدية.. فيديو


الأهلي يعلن غياب ياسر إبراهيم عن مباراة فاركو غداً في الدوري للإصابة

نيويورك تايمز: ارتفاع قياسى لهجمات المستوطنين الإسرائيليين فى الضفة الغربية

وزير الاتصال الحكومى الأردنى: هرطقات "إسرائيل الكبرى" ستتحطم أمام صلابة العرب

وزير خارجية بريطانيا يبلغ عن نفسه بعد رحلة صيد مع نائب ترامب بسبب "سنارة"

ليوناردو دى كابريو يكشف عن الفيلم الأقرب إلى قلبه

كريم فؤاد يقترب من قيادة الجبهة اليسرى للأهلي أمام فاركو وعودة شكري للدكة

إصابة 9 عمال فى انقلاب سيارة نصف نقل على وصلة أبوسلطان بالإسماعيلية

التحفظ على سيارات المتهمين فى واقعة مطاردة سيارة فتيات بطريق الواحات

كولومبوس الأمريكى يخطر الأهلى بموعد إرسال القسط الأول من صفقة وسام أبو على

المملكة المتحدة: تمديد التحذيرات الخاصة بارتفاع الحرارة للأسبوع المقبل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى