أين ذهب التقارب في ميراث الشعوب؟

حسين حمودة
حسين حمودة
حسين حمودة

هناك ملاحظات ودراسات كثيرة جدا، توقف عندها عدد كبير من الباحثين في الأدب الشعبي، ولاحظها أغلب الناس، حول التشابهات الواسعة بين الأمثال والحكايات الشعبية، وأيضا حول التماثلات بين التصورات الروحية، والاحتفالات والممارسات، في تراث شعوب مختلفة، ربما لم يتصل بعضها ببعض اتصالا مباشرا..

قد تختلف أو تتباين تفاصيل محدودة في هذه التشابهات والتماثلات التي عرفها هذا التراث، بحكم ارتباطها بمفردات البيئة التي يعيش فيها كل شعب، وأيضا قد تتنوع كيفيات توظيف هذا التراث من موطن لآخر، ومن فترة لأخرى من فترات التاريخ.. لكن المؤكد أن هذه التشابهات والتماثلات تظل ظاهرة حاضرة بوضوح، والأمثلة عليها أكثر من أية محاولة للإحصاء وأكبر من أية محاولة للتتبع.

توقفت دراسات كثيرة عند هذه الظاهرة، وطرحت أسئلة كثيرة حولها، وحاولت أن تجد تفسيرات مناسبة لها. ركّز بعض هذه التفسيرات على تجارب "الهجرات" التي تنتقل خلالها الثقافات والتصورات والمأثورات من بلد إلى بلد.. واهتمت تفسيرات أخرى بمقولات عن "وحدة العقل البشري"، أو "تماثل قوانين تطور الثقافة البشرية"، بما يقود إلى نوع من تشابه التعبيرات الشعبية التي تصدر عن "العقل الجمعى" خلال حقب بعينها في مسيرة التاريخ الإنساني، أو بما يشير إلى "الوحدة الجوهرة للطبيعة البشرية" التي جعلت الإنسان يفكر، ويصوغ تصوراته ويعبر عنها، في حقبة ما، بالطرق نفسها وبالصياغات نفسها تقريبا، في كل مكان على الأرض.

وأيا كانت التفسيرات لظاهرة التشابهات والتماثلات في الميراث الشعبي الإنساني الذي قطع تاريخا طويلا في أماكن وبلدان عدة من هذا العالم، فإن هذه الظاهرة تفترض، ولو على سبيل المنطق البسيط، ما يقود وما يؤدي إلى حضور شكل من أشكال التقارب بين شعوب العالم وبلدانه.. فإلى أي حد نجد هذا التقارب حاضرا الآن؟ وإلى أي حد كان متحققا في تواريخ أقدم؟

الحقيقة أن هذا التقارب بين الإبداعات الشعبية الإنسانية لم يجد موازيا له في علاقات البلدان خلال تاريخ طويل قديم.. وأن هذا التقارب لم ينف أبدا النزاعات والحروب والأطماع التي تمثلت في أشكال عديدة من الاحتلال تحت مسمّى الاستعمار.

هذا في التاريخ القديم.. أما في مشهد العلاقات الدولية الراهن فهناك، كما نرى جميعا، تزايد وتفاقم لأشكال الصراع والتناحر والاستيطان والإزاحة والإبادة والنزوع إلى الهيمنة، إلى آخر هذه الممارسات التي تمضي في هذا الاتجاه.

هذا كله، في التاريخ القديم والحديث والراهن، يضعنا أمام سؤال قد يبدو للبعض طيبا أو ساذجا أكثر من اللازم، وربما يضعنا أيضا أمام مفارقة واضحة: ألم يكن من المفترض أن يقود التقارب تراث الشعوب إلى علاقات أفضل بين البلدان ؟

ترى ما الذي يمكن أن يمثّل إجابة عن هذا السؤال؟ وما الذي يمكن أن يزحزح أو يزيح هذه المفارقة ؟

لعل هذا سؤال آخر يستحق التفكير فيه.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الطقس اليوم.. شديد الحرارة وشبورة ورطوبة عالية والعظمى بالقاهرة 37 درجة

ميسي vs رونالدو.. هل يعود الصراع التاريخى عبر بوابة الدوري السعودي؟

طب المنصورة قلعة طبية مصرية مصنفة من أفضل كليات الطب في الشرق الأوسط وأفريقيا.. دشنت برنامج "مانشستر للتعليم الطبي" في 2006 لمنح مستوى عالمي لدرجة البكالوريوس.. ويمكن للطالب السفر للتدريب فى جامعة مانشستر

الزمالك يجهز بدائل شلبى والزنارى بعد رحيلهم فى صفقة ربيع

الوزير المكلف بشؤون الفرنسيين بالخارج يدعو إلى اتباع نصائح الخارجية للمسافرين


اليونسكو: 40% من مواقع التراث المهددة تقع فى الشرق الأوسط بسبب المناخ والنزاعات

تياجو سيلفا يتجسس على تشيلسي من أجل حلم فلومينينسي في مونديال الأندية

الأكثر تحقيقا للأرباح في كأس العالم للأندية قبل نصف النهائي.. إنفو جراف

تعويض مليون جنيه لمطلق بسبب تهديد زوجته السابقة له.. اعرف التفاصيل

بعد هجوم بيت حانون.. "القسام": سندك هيبة جيشكم وجنائزكم ستصبح حدثا مستمرا


نتنياهو يريد آلية مع الولايات المتحدة لمنع إيران من إعادة بناء برنامجها النووى

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

7 أخبار لا تفوتك اليوم الإثنين 7 - 7 - 2025

وزارة التضامن تسلم أسر ضحايا حادث طريق المنوفية تبرعا بقيمة 38 مليون جنيه

إعلام عبري: إصابة 16 جنديا إسرائيليا في انفجار عبوة ناسفة بشمال قطاع غزة

بوتين يوقع قانونًا يسمح للأجانب بالانضمام للجيش الروسي

زلزال بقوة 5 درجات يضرب البحر المتوسط قبالة سواحل تركيا

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

تعرّف على سبب تأخّر وصول آدم كايد بعد التوقيع الإلكترونى للزمالك

آمال ماهر تثير الجدل بظهورها مرتدية فستان زفاف

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى