مولد خير البرية.. الإكثار من الصلاة على النبى من أقرب القربات وأعظم الطاعات.. الإفتاء: أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة.. مهما كان الإكثار من الصلاة على النبى فهو قليل بالنسبة إلى عظيم حقه ورفيع مقامه

أيام ويحتفل المسلمون بـ المولد النبوى الشريف، وبمناسبة تلك الذكرى العطرة، قالت دار الافتاء المصرية أن الإكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم من أقرب القربات وأعظم الطاعات، وهو أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ومهما كان الإكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم فهو قليل بالنسبة إلى عظيم حقه ورفيع مقامه عند ربه.

حكم الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

الإكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم من أقرب القربات وأعظم الطاعات، وهو أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فأما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

وأما السنة: فالأحاديث فى ذلك كثيرة؛ منها: حديث أُبى بن كعب رضى الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»، قَالَ أُبَي: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّى أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ»، قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِى كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» رواه الترمذى واللفظ له، والحاكم وصححاه.

وعن أوس بن أوس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عليه السلام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَى مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ -يَقُولُونَ: بَلِيتَ-؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» رواه أحمد وأبو داود واللفظ له، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة فى ذلك.

أقل الكثرة فى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

قال العلماء: أقل الإكثار ألف مرة، وقيل أقله ثلاثمائة، وألَّف فى ذلك العلامة المتَّقى الهندى كتابه الماتع "هداية ربى عند فقد المربي" تعرض فيه للأوقات التى يُفْتَقَدُ فيها الشيخ المربى والمرشد إلى الله تعالى وأن واجب الوقت حينئذٍ يكون هو الإكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم بحيث يصلى المسلم عليه ألف مرة كل يوم على الأقل.

وقد ورد فى ذلك حديث مرفوع عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَى فِى يَوْمٍ أَلْفَ مَرَّةٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ» أخرجه ابن شاهين فى "الترغيب" والضياء فى "الأحاديث المختارة"، وهو وإن كان ضعيف الإسناد إلا أنه يؤخذ بمثله فى فضائل الأعمال.

كل إكثار فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم فهو قليل وبالجملة فكل إكثار فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم فهو قليل بالنسبة إلى عظيم حقه ورفيع مقامه عند ربه، وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَى صَلاةً لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَا صَلَّى عَلَى، فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ» رواه ابن ماجه وأحمد واللفظ له، وحسنه المنذرى وابن حجر.

الإكثار من الصلاة على النبى من علامات أهل السنة والجماعة ولم يزل الإكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم علامةً مميزة لأهل السنة والجماعة على مر القرون كما يقول الإمام على زين العابدين ابن الإمام الحسين عليهما السلام: "عَلامَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ: كَثْرَةُ الصَّلاةِ عَلَى رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ" رواه أبو القاسم التيمى فى "الترغيب والترهيب".