"وأخذن منكم ميثاقا غليظا".. موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الجمهورية

خطبة الجمعة
خطبة الجمعة
كتب لؤى على

يؤدى أئمة المساجد خطبة الجمعة اليوم بعنوان "وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا"، وهو الموضوع الذى حددته وزارة الأوقاف فى وقت سابق، مشددة على الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير وألا يزيد زمن الخطبة عن 15 دقيقة، لتكون ما بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية معا كحد أقصى، مع التأكيد على أن البلاغة الإيجاز، ولأن ينهى الخطيب خطبته والناس فى شوق إلى المزيد خير من أن يطيل فيملوا، وفى الدروس والندوات والملتقيات الفكرية متسع كبير.

حددت وزارة الأوقاف المصرية موضوع خطبة الجمعة اليوم 6 سبتمبر 2024م بعنوان : وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا.

وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف المراد توصيله إلى جمهور المسجد من خلال هذه الخطبة يهدف إلى توجيه وعي جمهور المسجد إلى البعد التام والاجتناب التام للطلاق وكل ما يؤدي إليه من أسباب، وذلك من خلال التأكيد على مكانة الزواج وقيمته السامقة العالية، وبيان فائدة وصف عقد الزواج بالميثاق الغليظ، مع ضرب نماذج من صور بديعة للحياة الزوجية الكريمة التي أعلت من قدر ذلك الميثاق الغليظ، وتقديس التراث المصري الأصيل للزواج ومسئولية الزوجين والأهل عن استقراره، وأن من دلائل حكمة الميثاق الغليظ رعاية الود، والتجمل بالإنصاف، مع ضرورة التحذير من خراب البيوت الذي هو مقصد الشيطان الأعظم.

وفيما يلي نص خطبة الجمعة :

وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، بَدِيعِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ، وَنُورِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهَادِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، أَقَامَ الكَوْنَ بِعَظَمَةِ تَجَلِّيه، وَأَنْزَلَ الهُدَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَمُرْسَلِيه، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ لِلزَّوَاجِ فِي الإِسْلَامِ مَكَانَةً سَامِيَةً وَقِيمَةً سَامِقَةً عَالِيَةً، وَلَكِنَّ العَجَبَ لَا يَنْقَضِي! لِمَاذَا يَتَهَاوَنُ بَعْضُ النَّاسِ بِقُدْسِيَّةِ الزَّوَاجِ وَمَكَانَتِهِ؟! لِمَاذَا لَا يُقَدِّرُ البَعْضُ هَذَا الرِّبَاطَ الإِلَهِيَّ المُقَدَّسَ قَدْرَهُ، وَيَتَسَاهَلُ فِي حَلِّهِ وَنَقْضِه؟ لِمَاذَا شَاعَ الطَّلَاقُ فِي زَمَانِنَا؟ مَعَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَصَفَ عَقْدَ الزَّوَاجِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ وَصْفًا عَظِيمًا يَأْخُذُ بِالأَلْبَابِ وَيَدْعُو العُقُولَ إِلَى التَّوَقُّفِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّأَمُّلِ، إِنَّ الزَّوَاجَ لَيْسَ مُجَرَّدَ وَرَقَةٍ تُكْتَبُ وَتُوَثَّقُ، أَوْ صِيغَةَ إِيجَابٍ وَقَبُولٍ فِي مَحْفِلٍ عَامٍّ، إِنَّهُ المِيثَاقُ الغَلِيظُ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}.


انْتَبِهُوا يَا سَادَة! إِنَّ وَصْفَ عَقْدِ الزَّوَاجِ بِالمِيثَاقِ الغَلِيظِ هُوَ عَيْنُ مَا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى بِهِ المِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}.


أَيُّ بَلَاغَةٍ وَأَيُّ رَوْعَةٍ تَصِفُ الزَّوَاجَ وَتُؤَصِّلُ قُدْسِيَّتَهُ؟! أَلِهَذَا الحَدِّ يُرِيدُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ أَنْ يُعَظِّمَ فِي قُلُوبِنَا وَعُقُولِنَا شَأْنَ الزَّوَاجِ؟ إِنَّهُ مِيثَاقٌ غَلِيظٌ، عَهْدٌ مَتِينٌ، شَدِيدٌ قَوِيٌّ، صَامِدٌ مَعَ الأَزَمَاتِ، صُلْبٌ عِنْدَ المُشْكِلَاتِ، عَصِيٌّ عَلَى النَّقْضِ وَالتَّمْزِيقِ، عَقْدٌ مُقَدَّسٌ وَرِبَاطٌ مُؤَكَّدٌ، وَاجِبُ الحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ وَالوَفَاءِ.


أَيُّهَا النَّاسُ! اقْدُرُوا لِهَذَا الِميثَاقِ الغَلِيظِ قَدْرَهُ! إِنَّ الزَّوَاجَ رِحْلَةُ عُمْرٍ جَمِيلَةٌ، أَنِيسُهَا الحُبُّ وَالوُدُّ وَالرَّحْمَةُ، زَوْجٌ يَجِدُ عِنْدَ زَوْجِهِ الهُدُوءَ مِنْ ضَجِيجِ الحَيَاةِ، يَلْقَى البَسْمَةَ عِنْدَ الضِّيقِ، وَالرَّاحَةَ عِنْدَ التَّعَبِ، وَالسَّكَنَ عِنْدَ القَلَق!


وَانْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الصُّورَةِ البَدِيعَةِ مِن زَوْجَيْنِ كَرِيمَيْنِ عَرَفَا قَدْرَ ذَلِكَ الِميثَاقِ الغَلِيظِ، وَالرِّبَاطِ المُقَدَّسِ، فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَدًا لِصَاحِبِهِ، دِفْئًا عِنْدَ البَرْدِ، نَسَمَةً فِي القَيْظِ، أَمَانًا عِنْدَ الخَوْفِ، طِبًّا لِلْجُرُوحِ! فَهَذَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أَنْ بُدِئَ بِالوَحْيِ الشَّرِيفِ رَجَعَ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهِ سَيِّدَتِنَا أُمِّ المُؤْمِنِينَ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، فَزَمَّلَتْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَضَمَّتْ عَلَيْهِ الأَغْطِيَةَ وَالثِّيَابَ، وَهُوَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ يَقُصُّ عَلَيْهَا خَبَرَ مَا رَأَى، ثُمَّ قَالَ لَهَا: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، فَقَالَتْ لَهُ زَوْجُهُ الفَاضِلَةُ العَاقِلَةُ الحَنُونُ تَجْبُرُ خَاطِرَهُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَ اللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ.


أَيُّهَا السَّادَةُ الكِرَامُ! إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ لِسَكَنِهِ، عَادَ لِزَوْجِهِ، لِيَجِدَ عِنْدَهَا الدِّفْءَ وَالأَمَانَ وَالتَّثْبِيتَ، وَكَانَتْ زَوْجُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عِنْدَ حُسْنِ الظَّنِّ، فَوَجَدَ مِنْهَا كُلَّ حِكْمَةٍ، وَكُلَّ دَعْمٍ، وَكُلَّ نَصْرٍ، وَكُلَّ عَوْنٍ، وَكُلَّ حُبٍّ. هَكَذَا يَكُونُ الزَّوَاجُ، هَكَذَا تَحْلُو الحَيَاةُ!


الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ الإِنْسَانَ قَدْ تَأْتِيهِ سَاعَةُ غَضَبٍ، فَتَعْظُمُ فِي عَيْنِهِ عُيُوبُ الطَّرفِ الآخَرِ، وَلَكِنَّ العَاقِلَ مَنْ يَرْعَى الوُدَّ، وَيَتَجَمَّلُ بِالإِنْصَافِ، وَيُدْرِكُ أَنَّ ذَلِكَ الزَّوْجَ الَّذِي سَاءَهُ يَوْمًا قَدْ سَرَّهُ أَيَّامًا، فَيَتَحَلَّى بِالصَّبْر الجَمِيلِ، وَرَائِدُهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ».


والحقُّ أَنَّ مَقْصدَ الشَّيْطَانِ الأَعْظَمَ هُوَ خَرَابُ البُيُوتِ! إِنَّهُ لَا يُرِيدُ لِلْبُيُوتِ أَنْ تَسْتَقِرَّ، لَا يُحِبُّ لِلْأُسَرِ أَنْ تَتَمَاسَكَ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمَهُمُ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ!».


أَيُّهَا السَّادَةُ! لَقَد تَرَبَّيْنَا فِي تُرَاثِنَا المِصْرِيِّ الأَصِيلِ أَنَّ الرَّجُلَ يُنظَرُ إِلَيْهِ بِعَيْنِ السُّوءِ وَالانْتِقَاصِ إِذَا لَمْ يَكُنْ خَلِيقًا بِالحِفَاظِ عَلَى سَلَامَةِ بَيْتِهِ وَاسْتِقْرَارِ أُسرَتِهِ، كَمَا تَرَبَّيْنَا أنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَتْرُكُ بَيْتَ زَوْجِهَا، وَإِنَّمَا تَصْبِرُ عَلَى أَزَمَاتِ حَيَاتِهَا، وَأَنَّ الزَّوْجَيْنِ حَكِيمَانِ يَعْرِفَانِ كَيْفَ يُدِيرَانِ خِلَافَاتِ البَيْتِ، يُقَدِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، يَسْمَعُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، يَحْتَوِي أَحَدُهُمَا الآخَرَ، يَغْفِرُ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ، كُلُّ ذَلِكَ فِي رِعَايَةٍ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ يَشُدَّانِ عَلَى أَيْدِي الزَّوْجَيْنِ، يَنْقُلَانِ لَهُمَا خِبْرَاتِ الحَيَاةِ بِرَجَاحَةٍ وَكياسَةٍ وَحِكْمَةٍ وَسَعَةٍ وَتَأنٍّ وَصَبْرٍ ولُطْف.


اللَّهُمَّ احْفَظْ بُيُوتَنَا وَأَنْزِلْ عَلَيْهَا السَّكِينَةَ وَالمَوَدَّةَ وَالأُلْفَةَ وَالرَّحْمَةَ

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

باراك: واشنطن لا تدعم إنشاء دولة لـ"قسد" فى سوريا

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية

إخماد حريق في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان دون إصابات


موعد انطلاق فترة إعداد الأهلي للموسم الجديد

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

بالأسماء والرموز.. قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ بجميع محافظات مصر

25 سيارة إطفاء تكافح حريق مصنع منظفات وكيماويات مدينة بدر


عصام عبد القادر يكتب عن الخروج من الأزمة: الوعي الصحيح بأنماطه المختلفة.. لا مكان للبطالة.. التنمية تقوم على سواعد وفكر ووجدان الجميع.. مضاعفة الإنتاج.. أمل التنمية في استثمار مواردنا

الهلال يفكر فى الانسحاب من السوبر السعودى

خامنئى: استهداف قاعدة العديد الأمريكية ليس حادثة صغيرة بل كبيرة يمكن تكرارها

شقيق حامد حمدان: أخى فى حالة نفسية سيئة ومستعد للعب للزمالك دون شروط

مملكة الحرير الحلقة 10.. مقتل أسماء أبو اليزيد على يد شقيقة ريان

"أوديشن" مسابقة ملكة جمال مصر 2025.. أغلبية المتسابقات من طالبات الطب (صور)

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

مواد سريعة الاشتعال تعوق رجال الإطفاء بحريق مصنع كيماويات بمدينة بدر

شاهد بوستر فيلم "روكى الغلابة" بطولة دنيا سمير غانم

تعرف على تكلفة دورات الرخص التدريبية لموسم 2025/2026

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى